قال ديمتري بوليانسكي، نائب المبعوث الروسي، في اجتماع للأمم المتحدة، الخميس، إن العلاقات بين بلاده والاتحاد الأوروبي وصلت إلى "أدنى مستوياتها في التاريخ".
وذكرت مجلة "نيوزويك"، أن بوليانسكي اختلف مع الكثير مما قاله رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، فيما يتعلق بالتزام الاتحاد الأوروبي بـ"التعددية القائمة على القواعد".
وقال بوليانسكي، إن الاتحاد الأوروبي غالباً ما يختار "مناهج هدامة أحادية الجانب، على العمل الجماعي الدقيق والصبور الذي يسعى إلى حلول بناءة".
ونصح بعدم التدخل أو اتخاذ إجراءات ضد بيلاروسيا، الحليف الوثيق لموسكو.
ولفت بوليانسكي إلى أن "التعددية الحقيقية تستلزم دعماً ثابتاً للدور المركزي للأمم المتحدة".
وأضاف أن "الترويج لمفاهيم مشكوك فيها مثل النظام القائم على القواعد، أو فرض نهج الكتلة وكل ذلك لا يشبه التعددية، وغالباً ما يؤدي للتدخل السافر في شؤون الدول الأخرى".
وفيما يخص حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، شكك بوليانسكي في العمليات البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأبيض المتوسط، وحثه على "التحرك بحذر شديد في هذه المنطقة".
وقال إن روسيا تعتقد أيضاً أن الاتحاد الأوروبي "يمكنه أن يفعل ما هو أفضل كوسيط بين كوسوفو وصربيا" التي تربطها علاقات وثيقة بموسكو.
كانت كوسوفو أعلنت استقلالها عن صربيا عام 2008، بعد عقد من حرب وحشية بين الانفصاليين الألبان العرقيين المتمردين والقوات الصربية.
وحذر بوليانسكي، الاتحاد الأوروبي من أنه يعتزم "النضال بإصرار وبشكل لا هوادة فيه" ضد ما قال إنه ترويج الكتلة لنهجها الخاص بشأن النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان والمناخ ومواضيع أخرى في وثائق الأمم المتحدة "على أنها عالمية وقائمة على الإجماع"، بحسب "نيوزويك".
وأشار المسؤول الروسي إلى أنه لا يريد أن يعتقد الجميع بأن "روسيا لديها موقف سلبي تجاه الاتحاد الأوروبي"، لافتاً إلى أن الأمر ليس كذلك، مشيراً إلى "دور الاتحاد الأوروبي في تنسيق اجتماعات الأطراف في الاتفاق النووي لعام 2015 بين إيران والقوى العالمية، وهو ما نقدره بشدة".
إشادة بالدور الأوروبي
وقال بوليانسكي إن هناك مجالات أخرى بالإضافة إلى الاتفاق النووي الإيراني تتعاون فيها روسيا والاتحاد الأوروبي بنجاح، موضحاً أن "الأهم من ذلك، يجب على الاتحاد الأوروبي أن يفهم أنه لا مكان للهيمنة في العالم الحديث".
من جهته، قال رئيس السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، في خطاب افتراضي، إن جائحة كورونا "أكدت هشاشة عالمنا المفرطة في مجال العولمة والاعتماد المتبادل"، مشيراً إلى أن "الطلب على الحلول متعددة الأطراف أكبر بكثير من العرض، ما أدى إلى مزيد من الانقسامات وانعدام الثقة أكثر مما يستطيع العالم تحمله".
وأضاف: "نحتاج إلى تعاون عالمي على أساس قواعد متفق عليها، إذ إن البديل هو قانون الغاب"، ملقياً باللوم على "تصاعد سياسات القوة والخلافات الأيديولوجية التي تقوض الثقة"، مشدداً على التزام الاتحاد الأوروبي تجاه الأمم المتحدة و"التعددية المستندة إلى القواعد".
وانتقد بوريل بشدة "القمع الهائل للمتظاهرين السلميين" بعد الانتخابات الرئاسية في بيلاروسيا، التي أجريت في أغسطس الماضي، والتي كان يُنظر إليها على نطاق واسع على أنها مزورة، و"الهجوم الكبير الأخير على السلامة الجوية"، عندما تم تحويل طائرة مدنية إلى عاصمتها لاعتقال صحافي بارز كان على متنها.
عقوبات اقتصادية
وقال كبير الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي، إن الاتحاد أغلق مجاله الجوي أمام شركات الطيران البيلاروسية، وهو "بصدد تبني حزمة جديدة من العقوبات الاقتصادية".
وألمح بوريل إلى خلافات حادة مع موسكو بشأن ملفات سوريا وأوكرانيا والعراق.
وفي ما يخص الاتفاق النووي مع إيران، قال بوريل، إن "الاتحاد الأوروبي يعمل بلا توقف ويحقق تقدماً في إعادة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات عن إيران، والعودة إلى قيود الاتفاق على أنشطة طهران النووية".
من ناحيته، أكد المنسق السياسي الأميركي، رودني هانتر، خلال كلمته، على الشراكة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، قائلاً إنها مبنية على القيم المشتركة والسعي لتحقيق الازدهار والأمن عبر المحيط الأطلسي.
وأكد "بشكل لا لبس فيه" على دور الاتحاد الأوروبي "كشريك حاسم للأمم المتحدة"، لا سيما في جهود مجلس الأمن للحفاظ على السلام والأمن في العالم.
في الوقت نفسه، انتقد هانتر روسيا بشدة، قائلاً إن أفعالها في أوكرانيا، بما في ذلك احتلال شبه جزيرة القرم، لا تزال تشكل "تهديداً لأمن أوروبا".
علاقات وثيقة
وشدد هانتر على دعم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي "الثابت" لسيادة ووحدة أراضي أوكرانيا وجورجيا، حيث تحتل القوات الروسية منطقتي أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية.
وقال: "سنواصل الوقوف مع حلفائنا وشركائنا في دعوة روسيا إلى الوقف الفوري لجهودها العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية والتضليل لزعزعة استقرار أوكرانيا وجورجيا"، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تدعم أيضاً إجراءات الاتحاد الأوروبي ضد بيلاروسيا.
ونظمت إستونيا، التي تتولى رئاسة مجلس الأمن هذا الشهر، الاجتماع الافتراضي للتركيز على التعاون بين الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي.
وجاء الاجتماع قبيل قمة مجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى التي بدأت أعمالها الجمعة، والاجتماع الأول المرتقب بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع المقبل، والذي يأتي في إطار إعادة العلاقات بين واشنطن وموسكو، التي بدورها هبطت إلى أدنى مستوياتها بعد الحرب الباردة.
اقرأ أيضاً: