القاهرة تختتم معرضها الدولي للكتاب.. وإقبال فاق التوقعات

time reading iconدقائق القراءة - 7
معرض القاهرة الدولي للكتاب في آخر أيامه. - تصوير- فادي فرنسيس
معرض القاهرة الدولي للكتاب في آخر أيامه. - تصوير- فادي فرنسيس
القاهرة-آلاء عثمانميّ هشام

اختتمت الدورة الـ54 لمعرض القاهرة الدولي للكتاب، الاثنين، بعدما شهد إقبالاً كبيراً تخطى 3 ملايين زائر، منذ افتتاحه في 26 يناير.

واعتبر رئيس الهيئة المصرية العامة الكتاب أحمد بهي الدين، أن الإقبال على المعرض يشكّل "مشهداً حضارياً جسّدته الأسرة المصرية"، مشيراً إلى حرص المصريين على اصطحاب أسرهم لزيارة المعرض، "للحصول على الزاد الثقافي والمعرفي".

وكانت وزيرة الثقافة الدكتورة نيفين الكيلاني، قد قامت بزيارة المعرض في يومه الأخير، إذ تفقّدت الأجنحة، واحتفت بفريق المتطوّعين الشباب، الذين ساهموا في التنظيم خلال الأيام الماضية، وتقدمّت لهم بالشكر على مجهوداتهم.

وعلى الرغم من الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الدورة الحالية لمعرض الكتاب، وارتفاع أسعار الكتب، أثنى الناشرون على "الإقبال الكثيف والنجاح غير المتوقع للدورة الحالية"، فيما أشار آخرون إلى تأثير الأزمة الاقتصادية على أولويات الناشرين والقرّاء على حدّ سواء.

إقبال كثيف

 قدّرت الهيئة العامة للكتاب في بيانها، عدد زوّار المعرض حتى اليوم قبل الأخير بنحو 3 ملايين و289 ألف و715 زائر، فيما بلغ عدد زوّار بعض الأيام نحو 400 ألف زائر.

وأظهر الزوّار اهتماماً كبيراً بإصدارات الهيئة العامة للكتاب، بحسب البيان، إذ تمكّن جناح مبادرة الثقافة والفن للجميع، المتخصّص في عرض المؤلفات بأسعار مخفّضة، من بيع 103 ألف كتاب من مختلف السلاسل، شملت موضوعاتها الشعر والفنون والآداب والفلسفة والتاريخ.

مبادرة "الثقافة والفن للجميع"، ليست المقصد الرسمي الوحيد لطالبي الكتب المخفّضة؛ إذ تضمّ القاعة رقم 4، جناح الكتاب المخفّض التابع للهيئة العامة للكتاب، إذ يستطيع القارئ شراء مطبوعات تبدأ من 5 جنيهات وحتى 40 جنيهاً مصرياً، من عناوين تنتمي إلى مجالات متنوعة بين الآداب والعلوم الاجتماعية والمذكّرات وغيرها.

مفاجآت 

وبينما سادت حالة من الترقب قبيل انطلاق الدورة الحالية في أوساط الناشرين، وخصوصاً من قبل صغار الناشرين الذين كان استمرارهم في الصناعة على المحك، جاء الإقبال ليقلّل من مخاوفهم، كما يوضح زيد المصطفى، صاحب أحد دور النشر العارضة.

وقال لـ"الشرق": "تمنّينا الخروج من المعرض بهامش ربح يغطي التكاليف والنقل وقيمة الإيجار، الجمهور فاجئنا، ومنحنا دورة ناجحة".

ودفعت هذه التوقعات الناشرين للجوء إلى الإجراءات، لتخفيف الزيادات عن كاهل القرّاء، في مقدّمها توفير الكتب التي طُبعت في فترات سابقة قبل زيادة الأسعار، من دون رفع قيمتها، فضلاً عن تطبيق حسومات وعروض مغرية على الطبعات الأحدث.

وقال زيد: "ارتفع سعر طن الورق من 17 ألف إلى 62 ألف جنيه مصري، وأثّرت هذه الزيادة على سلوك الناشرين أيضاً، كما أثّرت على سلوك القرّاء"، وقد أصبح القارئ أكثر إقبالاً على قراءات متنوّعة ومنتقاة، فيما ابتعد عن الأدب والكتب ذات الطابع التجاري، وهو التفضيل نفسه الذي انتهجه الناشر، فلم تعُد عملية اختيار العناوين المنشورة سهلة وسريعة كما كانت من قبل".

أما إسلام عبد الباقي، صاحب دار نشر، فأكد أن بعض الظواهر "أثّرت على زيادة الإقبال والمبيعات هذا الموسم، من بينها الإقبال على اقتناء كُتب المدوّنين الشباب، والمؤثّرين على مواقع التواصل من قبل متابعيهم، والمشتركين في صفحاتهم".

أضاف: "الإقبال على المعرض أفضل من العام الماضي، خاصة إذا وضعنا الظرف الاقتصادي بعين الاعتبار، هناك حضور بارز للشباب الذي يبحث عن المعلومة في ثوب بسيط ومباشر".

رب ضارة نافعة

وفيما صارعت دور النشر للبقاء، ثم انتعشت بفضل موجة إقبال غير متوقعة خلال تلك الدورة من معرض الكتاب، شهد سوق الكتب المستعملة ممثّلة في مكتبات سور الأزبكية، إقبالاً غير مسبوق، في ما اعتبره أصحاب المكتبات أنه مصائب قوم عند قوم فوائد، نظراً لبحث القرّاء عن بدائل أرخص لمطبوعات دور النشر مرتفعة الأسعار.

وكانت مكتبات سور الأزبكية قد خاضت خلال المواسم السابقة سجالاً مع الجهة المنظمة للمعرض، منذ أن تمّ نقله من مقرّه القديم في أرض المعارض بمدينة نصر، إلى مركز مصر للمعارض والمؤتمرات الدولية بالتجمع الخامس، وقد أدى ذلك لانسحاب عدد من أصحاب المكتبات، وإقامة دورات موازية لمعرض الكتاب بمنطقة العتبة بوسط القاهرة، وقد تغيّر ذلك خلال الدورات الأخيرة، مع عودة غالبية أصحاب مكتبات الأزبكية إلى المشاركة في الدورة الرسمية مع دور النشر.

وقال أحمد الجنيدي، صاحب أحد مكتبات سور الأزبكية، "إن الزحام الذي تشهده أجنحة الكتب المستعملة مختلف إلى حدّ بعيد عن زحام الأجنحة الأخرى، كما أن هامش زيادة الأسعار محدود، لأن تجارتي تعتمد على إعادة تدوير الكتاب المستعملة".

ويشرح الجنيدي أنه يلتمس العذر لدور النشر، "نظراً لزيادة أسعار الورق في موجات متتالية وصلت إلى 5 أضعاف خلال الفترة الأخيرة، فالمستهلك الذي لا يستطيع تحمل الزيادات المفروضة لدى دور النشر يذهب إلى سور الأزبكية".

مفاوضات ومكاسب

لا تنقطع سجالات الفصال ومفاوضات تخفيض الأسعار، وصولاً لصفقة مرضية من الطرفين: الزبون، وصاحب المكتبة، وفيما تحمل بعض أرفف الكتب أسعاراً ثابتة، تبقى أسعار بعض الكتب في أجنحة سور الأزبكية موضع تفاوض، وهي المهمة التي يقوم بها أحمد عاطف، صاحب إحدى مكتبات سور الأزبكية.

يقول عاطف لـ"الشرق": "الإقبال هذا العام استثنائي بالمقارنة بأعوام سابقة، ويرجع الأمر غالباً لزيادة أسعار المطبوعات الجديدة في دور النشر، ليتحول الكتاب المستعمل إلى ملجأ لزبائن الكتاب".

ويشرح عاطف أن الميزة لدى مكتبات الأزبكية في مقابل دور النشر، أنها تمتلك تنوعاً كبيراً، تجعلها جاذبة لقرّاء من فئات عمرية متباينة، ورغم اعتقاده بأن الأزمة الاقتصادية أرهقت العديدين حول العالم، وليس في مصر وحدها، يرى أنها أضافت له كتاجر كتب مستعملة؛ لأنها وجّهت الأنظار لسلعته.

لم تكن زيارة محمد السيد، طبيب خمسيني، إلى أجنحة الأزبكية مثالية ومرضية تماماَ، وعلى الرغم من أنه اشترى عدد من الكتب الأدبية والأعمال الكلاسيكية لقاء 20 جنيه للكتاب الواحد، فقد عجز عن العثور على مراجع طبية محدثّة تعينه في تخصّصه الطبي من مكتبات الأزبكية.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات