ذكرت مجلة "ناشيونال إنترست" الأميركية أن الاستراتيجية التي تبنتها الولايات المتحدة في أفغانستان "كانت تنطوي على جوانب خلل كبيرة أفضت في نهاية المطاف إلى فشل المهمة".
وقالت المجلة، في تقرير، إن "تلك العيوب لم تقتصر فقط على الاستراتيجية الأميركية في أفغانستان، بل تتصل كذلك بالأساليب الأساسية التي تدخّلت بها الولايات المتحدة عسكرياً في الشرق الأوسط بشكل عام".
ولفتت إلى أن هناك مجموعة متزايدة من "الحقائق الراسخة" تشير إلى أن التدخلات العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط غير قابلة للاستمرار بطبيعتها، وأن الأمر بقي على هذة الحال طيلة 20 عاماً.
ودلّلت على ذلك بانهيار الجيش الأفغاني وقوات الأمن بسرعة كبيرة في مواجهة تقدم حركة طالبان هذا الصيف، لدرجة أن الحركة نفسها بدت كأنها فوجئت بالأمر.
مبررات الحرب
وأشارت المجلة إلى أنه مع اقتراب مشروع بناء الدولة الأفغانية، الذي استمر 20 عاماً، من نهايته على نحو كارثي، فإن هناك مجموعة من التداعيات المتعلقة بالحرب الأميركية على الإرهاب، والتدخلات الأخرى في الشرق الأوسط التي يجب أخذها في الاعتبار.
وأشارت إلى أنه في المراحل الأولى من حربي العراق وأفغانستان كان من المتوقع أن تغادر الولايات المتحدة بعد تحقيق النصر الكامل بسرعة، لكن بمجرد أن أصبح الانتصار الحاسم غير واقعي، لجأت الولايات المتحدة إلى أسلوب آخر، يمكن أن يعطي لهذا المشاريع سبباً للاستمرار مدة أطول.
وذكرت المجلة المتخصصة في شؤون الأمن القومي أن الرئيس الأسبق جورج دابليو بوش كشف، في خطاب خاص أدلى به بعد فترة وجيزة من فوزه بولاية ثانية، عن عقيدة جديدة مفادها أن القوات العسكرية المحلية لا يمكنها أن تتحمل المسؤولية بمجرد انسحاب القوات الدولية، ومن ثم ربطت واشنطن بين سحب قواتها ومدى التقدم الذي تحققه القوات المحلية، كما في العراق وأفغانستان.
وتعني هذه الاستراتيجية أنه بإمكان الولايات المتحدة "حشد قواتها في البلدان التي غزتها، وأن تخدم هذه القوات المصالح الأميركية على المدى الطويل".
ورأت المجلة أن واشنطن اعتبرت أن هذه الاستراتيجية كانت الأفضل لها للاحتفاظ بالدعم الشعبي لحروبها من جهة، وتحقيق تغييرات سياسية طويلة الأجل تناسب طموحات الولايات المتحدة من جهة أخرى.
"جيوش سهلة الانهيار"
وقالت المجلة إنه بناءً على ذلك يمكن تصنيف قوات الجيش والشرطة الأفغانية على أنها "قوات فارغة" على حد وصف الباحث جهارا ماتيسيك، أستاذ الدراسات العسكرية والاستراتيجية في أكاديمية القوات الجوية الأميركية، بمعنى أنها جيوش مدربة من قبل الولايات المتحدة "بتكلفة باهظة ولكنها سهلة الانهيار" عندما تواجهها حركات تمرد، على حد تعبيره.
وأوضحت المجلة أنه "بينما تتميز هذه الجيوش عادة بمجموعات قوات خاصة ذات كفاءة إلى حد ما، فإن قواتها النظامية تتعرّض لخسارة فادحة في الفعالية والتماسك العسكري، إذا لم يكن الجيش الأميركي يقاتل إلى جانبها، ومن ثم لا يمكنها الاعتماد على أنفسها".
وأشارت إلى أن هناك العديد من العوامل التي تسهم في هذه المشكلة، لكن بالنسبة لماتيسيك "بالنظر إلى أمثلة من أفغانستان والصومال، تكمن المشكلة في حقيقة أن هذه الجيوش قد بنيت على أساس دول مختلة وظيفياً، لا ترغب الولايات المتحدة في الاستثمار بها، بخلاف ما تقدمه من مساعدة عسكرية".
لكن "ناشيونال إنترست" اعتبرت أن هناك تفسيرات أخرى تستحق الدراسة، وأحد التفسيرات، وفقاً للمجلة، هو "توفر الدافع".
وقال أحد المستشارين المدنيين للرئيس السابق لهيئة الأركان المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد، إن التفسير الذي وجده مقنعاً جاء من أحد أعضاء طالبان الذي قال إن "طالبان تقاتل من أجل الإيمان، بينما يقاتل الجيش والشرطة من أجل المال". وبالتالي فإنه وفقاً لهذا التفسير فإن عناصر طالبان على استعداد لفقد أرواحهم في سبيل ما يعتنقون من أفكار"، على حد وصف المستشار الأميركي.
وخلصت المجلة إلى أنه "يمكن للمرء أن يجادل بأن فشل الجيوش التي تنشئها الولايات المتحدة يأتي لأنها جيوش غير متماسكة، بالتركيز فقط على إنشاء قوى مهنية، دون أي دوافع أخرى".
اقرأ أيضاً: