عقد وزير الأمن الوطني الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الاثنين، اجتماعاً في البؤرة الاستيطانية ابيتار في الضفة الغربية مع أعضاء حزبه "عوتسما يهوديت"، الأمر الذي اعتبرته الخارجية الفلسطينية "انقلاباً على تفاهمات العقبة واستخفافاً بالجهود الأميركية والإقليمية المبذولة لوقف التصعيد وتحقيق التهدئة"، وسط مخاوف دولية من تصاعد أعمال العنف.
وحاء الاجتماع الإسرائيلي في أعقاب مصرع شاب فلسطيني وإصابة عشرات آخرين على خلفية قيام مستوطنين إسرائيليين بإحراق عدة منازل ومنشآت ومركبات جنوبي نابلس بالضفة الغربية المحتلة التي شهدت مصرع مستوطنيّن إسرائيليين من مستوطنة "هار براخا" القريبة.
وأعرب بن غفير في الاجتماع عن تفهمه لـ"الألم"، مشدداً على وجوب "ألا نأخذ القانون بأيدينا، فالحكومة الإسرائيلية، وليس المدنيين، من تردع الإرهاب"، داعياً في بيان الحكومة الإسرائيلية لـ"تبني سياسة الحرب الحقيقية على الإرهاب بدلاً من سياسة الاحتواء الحالية"، بحسب "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية.
وجاء التصعيد عقب يوم من عقد "قمة العقبة" حيث بحث ممثلون للجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، الأحد، "التهدئة"، وأكد الجانبان "استعدادهما المشترك والتزامهما بالعمل الفوري لوقف الإجراءات أحادية الجانب لمدة 3 إلى 6 أشهر، ويشمل ذلك التزاماً إسرائيلياً بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لمدة 4 أشهر، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة 6 أشهر".
اقتحام جبل صبيح
واعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية في بيان، اقتحام إيتمار بن غفير لجبل صبيح "بصحبة عناصر الإرهاب اليهودي من ميليشيات المستوطنين المسلحة و(شبيبة التلال) ومجموعات (تدفيع الثمن)، محاولة لشرعنة البؤرة الاستيطانية العشوائية ابيتار".
ووصف البيان الفلسطيني تحرك بن غفير بـ"الانقلاب على تفاهمات العقبة واستخفافاً بالجهود الأميركية والإقليمية المبذولة لوقف التصعيد وتحقيق التهدئة".
وأدانت الخارجية الفلسطينية "المواقف والتصريحات العنصرية التي أطلقها عدد من الوزراء في الحكومة الإسرائيلية وأعضاء في الكنيست التي تحرض صراحة على تصعيد الأوضاع في ساحة الصراع"، معتبراً ذلك "تحدياً واضحاً للمساعي المبذولة إقليمياً ودولياً لنزع فتيل التوتر والانفجار".
وأضافت: "بعد أقل من 24 ساعة على التفاهمات الرامية إلى تخفيض مستوى التوتر والعنف، اختار ما يسمى وزير الأمن الوطني الإسرائيلي القيام بزيارة استفزازية إلى احدى البؤر الاستيطانية العشوائية الذي أعلن الاحتلال (شرعنتها)".
وأشارت إلى أنه من الواضح أن "الحكومة الإسرائيلية تفشل حتى الآن في الالتزام بتفاهمات العقبة أو أنها غير جادة في تطبيقها"، وطالبت الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي والإدارة الأميركية بـ"الإصغاء جيداً والاهتمام بتصريحات المسؤولين الإسرائيليين المتطرفين، واتخاذ ما يلزم من الإجراءات الكفيلة بوقف التصعيد الإسرائيلي وإرهاب المستوطنين ومن يمثلهم".
دمار وتخريب
واستفاق الفلسطينيون في قرية حوارة شمالي الضفة الغربية المحتلة، الاثنين، على أثار الدمار والتخريب التي وقعت خلال ساعات الليل على يد مستوطنين إسرائيليين أرادوا الانتقام لمصرع مستوطنَين، بحسب وكالة "فرانس برس".
واشتعلت النيران، في ليل الأحد الاثنين، في القرية التي دمر فيها المستوطنون وفق عضو مجلس بلديتها وجيه عودة وأحرقوا "أكثر من 30 منزلاً و100 مركبة".
من جهته، حمل رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، الاثنين، الحكومة الإسرائيلية كامل المسؤولية عن "جرائم المستوطنين في حوارة وبقية القرى المحيطة".
وقال اشتية في مستهل جلسة الحكومة "عشنا أمس، ليلة مروعة مارس فيها المستوطنون أبشع أنواع الإجرام، من قتل وحرق وترويع للأطفال والنساء، سيضاف هذا الإجرام إلى ملف محاكمة إسرائيل في المحاكم الدولية".
وأشار إلى أن "الحكومة ستشكل لجنة وزارية من وزارتي الحكم المحلي والمالية ومحافظ نابلس، للوقوف على الأضرار التي لحقت بأهلنا هناك، بغرض المساهمة في تعويضهم".
تحرك في مجلس الأمن
هذا وأعلن المندوب الفلسطيني لدى الأمم المتحدة رياض منصور، أنه سيسلم "مذكرة تفصيلية" بشأن هجمات المستوطنين على منطقة جنوب نابلس إلى رئاسة مجلس الأمن الدولي ورئيس الجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة.
وقال منصور في حديث لإذاعة "صوت فلسطين" أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، إن "الدبلوماسية الفلسطينية تستنفر جهودها في المحافل الدولية كافة، للجم عدوان الاحتلال ومستوطنيه ضد شعبنا".
وأضاف أن "الاتصالات متواصلة لعقد جلسة لمجلس الأمن الدولي، لإدانة العدوان وتوفير الحماية الدولية لشعبنا"، مشيراً إلى "احتمال عقد جلسة مغلقة لمجلس الأمن الدولي خلال اليومين المقبلين، لكي يتحمل مسؤولياته في توفير الحماية لشعبنا الأعزل".
دعوات أممية وأوروبية
ورأت الحكومة الألمانية ضرورة ملحة في "تجنب تصعيد الوضع المتوتر" أصلاً في الضفة الغربية المحتلة، وقال كريستوفر برجر الناطق باسم الخارجية الألمانية خلال مؤتمر صحافي "من الملح احترام الاتفاقات لتجنب التصعيد وأن يلتزم الجميع الآن بعدم تأجيج وضع متوتر جداً في الأصل".
وندد الناطق الألماني "بأشد العبارات" بالهجوم ضد شابين إسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة، معتبراً في الوقت نفسه عمليات الانتقام التي ارتكبها مستوطنون في قرية حوارة في الضفة الغربية المحتلة "غير مقبولة".
من جهتها، قالت الخارجية الفرنسية في بيان إن "فرنسا تدين بشدة الهجوم الذي أسفر عن مصرع إسرائيليين في 26 فبراير. أعمال العنف ضد المدنيين الفلسطينيين غير مقبولة"، مؤكدةً أنها "تتابع ببالغ القلق أعمال العنف في الضفة الغربية، لاسيما في حوارة، التي تهدد بالخروج عن السيطرة".
ودعت باريس "جميع الأطراف إلى تجنب تأجيج العنف والمساهمة في وقف التصعيد"، مطالبة الحكومة الإسرائيلية "بموجب مسؤوليتها كقوة احتلال"، بحماية المدنيين الفلسطينيين وملاحقة مرتكبي أعمال العنف.
وعبر منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند، عن "قلقه الشديد" إزاء تدهور الأوضاع الأمنية في الضفة الغربية، خاصة في ظل أعمال العنف التي شهدتها بلدة حوارة في نابلس بالضفة الغربية خلال الـ24 ساعة الماضية.
وقال وينسلاند إن قوات الأمن الإسرائيلية تتحمل مسؤولية "الحفاظ على الأمن ومنع الأفراد من تطبيق القانون بأيديهم"، مشدداً على وجوب أن "تتوقف فوراً أعمال العنف والاستفزازات والتحريض وأن تتم إدانتها من جميع الأطراف بشكل قاطع".