بعد رسالة حملت انتقادات للسلطة.. توقيف 10 ضباط متقاعدين في تركيا

time reading iconدقائق القراءة - 7
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة قاعدة عسكرية في هاتاي الحدودية - 1 أبريل 2018 - AFP
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة قاعدة عسكرية في هاتاي الحدودية - 1 أبريل 2018 - AFP
أنقرة -الشرق

أعلن القضاء التركي، الاثنين، توقيف 10 أدميرالات متقاعدين، بسبب رسالة مفتوحة وقعها 103 ضباط سابقين، تنتقد مشروع "قناة إسطنبول"، في وقت قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن "بيان الضباط المتقاعدين هو أسلوب يستحضر انقلاباً".

وأفاد مكتب المدعي العام في أنقرة، بأن الأدميرالات العشرة المتقاعدين "وضعوا في الحبس على ذمة التحقيق. ولم يوقِف أربعة ضباط سابقين آخرين بسبب سنّهم، لكن طلب منهم المثول أمام شرطة أنقرة في الأيام الثلاثة المقبلة".

وذكر بيان الادعاء العام أن التحقيق بدأ بتهمة "الاتفاق على ارتكاب جرائم ضد أمن الدولة والنظام الدستوري"، مشيراً إلى "اعتقال كل من: أرغون منغي، أتيلا كازاك، علاء الدين سافيم، رمضان جم غوردانيز، نادير هاكان أرأيدن، بولانت أولجاي، قادر ساغديش، توركار أرتورك، تورغاي أرداغ  وعلي سعدي أونصال".

أما الأربعة الذين تم استدعاؤهم، فهم: "أنغين بايقال، جميل شوكرو بوزأوغلو، مصطفى أوزباي وأتيلا قيات".

 وأكد جاويش أوغلو، في تصريحات لقناة محلية، أن البيان الصادر عن 103 ضباط متقاعدين برتبة أميرال في القوات البحرية، هو "أسلوب يستحضر انقلاباً".

وأوضح أن "قناة إسطنبول" المائية التي تعتزم تركيا فتحها لا تؤثر على "اتفاقية مونترو" (الخاصة بحركة السفن عبر المضائق التركية)، وأن الاتفاقية ليس لها تأثير كذلك على مشروع القناة، وفق قوله.

ولفت إلى وجود بيانات مشابهة لبيان الضباط صدرت في وقت سابق من سفراء أتراك متقاعدين، موضحاً أن هذه البيانات تم تفنيدها.

وشدد جاويش أوغلوا على دفاع الحكومة عن "الوطن الأزرق" (المياه الواقعة تحت السيادة التركية) وعن مصالح البلاد، مضيفاً أن "الذين يقفون وراء البيان لا يعنون به اتفاقية مونترو، وإنما يستهدفون الرئيس أردوغان وحكومته، وتحالف الشعب (اتفاق سياسي يجمع بين حزبي العدالة والتنمية الحاكم، والحركة القومية)".

وقال المحلل السياسي مصطفى أوزجان، لـ"الشرق"، إن "هذه الاتفاقية غير مقيدة للسفن التجارية، وإذا أُلغيت سيكون هناك توجيهات وشروط جديدة تفرضها تركيا، وستقوم بتوجيه السفن للمرور عبر القناة الجديدة".

وأضاف: "بالطبع الوضع الجديد سيكون محط جدل، وأعتقد أن القضية ذات بُعدين تجاري واستراتيجي، فهي من منظور الحكومة تجارية بحتة، فيما ينظر إليها العسكريون بعقل استراتيجي".

معارضة

وفي سياق ردود الأفعال على القضية، انتقد رئيس حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة التركية) كمال كليجدار أوغلو، في تغريدة على "تويتر"، سياسة الحكومة قائلاً: "الأجندات المزيفة لا تصمد كثيراً، جدول الأعمال الحقيقي هو طاولة الشعب التركي، سأواجه أردوغان الخبير الاقتصادي المشهور بالدمار الاقتصادي الذي تسبب فيه، وسأشارك هنا قصص شبابنا الذين أظلمتم مستقبلهم".

من جانبه، قال حزب الشعوب الديمقراطي (المعارض) إن "موقفنا من التوجهات والأفكار الانقلابية التي تستهدف الديمقراطية والحريات واضح دائماً، لكن وصف الحكومة التركية لبيان الضباط بالانقلاب هو مكر سياسي وانتهازية"، مشدداً على أن "حل المشكلة يتم بإقامة ديمقراطية قوية وتحقيق العدالة الحقيقية".

بدوره، قال علي باباجان، وزير الاقتصاد الأسبق والملقب بمهندس الاقتصاد التركي، إن "الصفحات المخزية من التاريخ التركي مليئة بالتدخل العسكري اللامحدود في السياسة".

وأضاف باباجان، وهو منشق عن حزب العدالة والتنمية الحاكم، ورئيس حزب الديمقراطية والنهضة (المعارض): "تصميم الحكومة المستمر على إشراك مؤسسات الدولة في حملاتها المصطنعة يضر بمستقبلنا، والحل هو تطبيق الديمقراطية الكاملة".

من جانبها، أوضحت رئيسة "الحزب الجيد" (المعارض)، ميرال أكشنار، في مؤتمر صحافي، أن "البيان نتاج لانقطاع الديمقراطية عن تركيا"، مضيفة أنه "يجب علينا مناقشة مشاكل الشباب العاطلين عن العمل والأطفال العاجزين عن التعلم والتجار المفلسين. المعارضة التركية بعيدة عن الأجندة المصطنعة من قبل الحكومة، وسياسة الاستقطاب".

كما وجهت أكشنار نداء لهؤلاء الضباط: "يجب على الجميع القيام بواجبه، السياسة من صنع السياسيين، يمكنهم بالطبع مشاركة معرفتهم وخبراتهم مع الجمهور داخل المنظمات غير الحكومية والأحزاب السياسية. إذا لم تعجب أولئك الضباط أحزاب المعارضة، فيمكنهم إنشاء حزب سياسي والسير فيه، لكن لا يمكنهم التسبب في موقف ما، يؤدي إلى دعوة للانقلاب، ليس لديهم حق في ذلك".

الانسحاب من الاتفاقية

وأبدت تركيا رغبتها في الانسحاب من اتفاقية "مونترو" الخاصة بحركة المرور في البحر الأسود، ما أثار خلافاً بين ضباط سابقين وحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان.

ودخلت "اتفاقية مونترو" حيز التنفيذ في عام 1936، بهدف تنظيم حركة مرور السفن عبر المضائق التركية إلى البحر الأسود، وفترة بقائها في هذا البحر.

والشهر الماضي، صادقت تركيا على مشاريع لتطوير قناة للشحن البحري في إسطنبول أسوة بمشاريع قنوات بنما والسويس، ما أدى إلى جدل بشأن "اتفاقية مونترو" الموقعة في عام 1936.

ويعتبر مسؤولون أتراك أن القناة الجديدة تكتسي أهمية حيوية لتخفيف الضغط عن مضيق البوسفور في إسطنبول، الذي يعد ممراً أساسياً للتجارة العالمية عبرته العام الماضي أكثر من 38 ألف سفينة.

لكن معارضي المشروع يعتبرون أنه، بمعزل عن تأثيره البيئي، يمكن أن يقوّض الاتفاقية المذكورة، التي تضمن حرية عبور السفن المدنية مضيقي البوسفور والدردنيل في السلم والحرب، كما تنظم عبور السفن البحرية التابعة لدول غير مطلة على البحر الأسود.

ومن شأن القناة الجديدة أن تتيح عبور السفن بين البحر المتوسط والبحر الأسود، من دون المرور بمضائق خاضعة لبنود "مونترو".

تحذير عسكري

وسبق أن وقّع 103 أدميرالات متقاعدين في البحرية التركية على بيان، مساء السبت، طالبوا فيه أنقرة بالمحافظة على التزامها بـ"اتفاقية مونترو" التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية.

وقال البيان: "من المثير للقلق أن تُفتح اتفاقية مونترو للنقاش، في إطار الحديث عن قناة إسطنبول والمعاهدات الدولية، فالاتفاقية حمت حقوق تركيا بأفضل طريقة، ويجب علينا أن نحافظ على التزامنا باتفاقية مونترو التي مكنتها من سلوك دور حيادي في الحرب العالمية الثانية".

وأكد البيان ضرورة حفاظ الجيش التركي على القيم الأساسية للدستور التي "لا يمكن تغييرها"، محذراً من "ابتعاد القوات البحرية التركية عن المسار المعاصر الذي رسمه مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك".

وأِشار إلى أن "المضائق التركية هي من أهم الممرات المائية في العالم"، مشدداً على أن "اتفاقية مونترو" كفيلة بضمان حقوق البلاد فيها بأفضل طريقة.

وأضاف الموقعون أن "مونترو" هي الوثيقة الأساسية الضامنة لأمن البلدان المشاطئة للبحر الأسود، وهي "العقد الذي يجعل البحر الأسود بحر سلام"، ومكّنت البلاد من الحفاظ على حيادها خلال الحرب العالمية الثانية.