مصادر لـ"الشرق": وزير حقوق الإنسان المغربي يتراجع عن استقالته

time reading iconدقائق القراءة - 7
عضو حزب العدالة والتنمية وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد. - AFP
عضو حزب العدالة والتنمية وزير الدولة المغربي المكلف بحقوق الإنسان المصطفى الرميد. - AFP
دبي- عزيز عليلو

أكد برلماني مغربي، السبت، أن وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان بالمغرب المصطفى الرميد تراجع عن استقالته من المنصب الحكومي، بعد تجاوز خلافه مع رئيس الحكومة سعد الدين العثماني.

وكان المصطفى الرميد المنتمي إلى حزب العدالة والتنمية أعلن، الجمعة، أنه قدم استقالته من منصب وزير حقوق الإنسان إلى رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، لـ"أسباب صحية"، وفقاً لما جاء في رسالة الاستقالة التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية.

وبعد ساعات قليلة، أعلن إدريس الأزمي الإدريسي الوزير السابق وعمدة مدينة فاس حالياً استقالته من رئاسة "المجلس الوطني" للعدالة والتنمية، الذي هو بمثابة برلمان الحزب، بسبب عدم رضاه عن الأوضاع داخل الحزب.

وقال رئيس فريق حزب العدالة والتنمية في مجلس النواب مصطفى إبراهيمي لـ"الشرق" إن المصطفى الرميد "تراجع السبت عن قرار الاستقالة"، وشدّد على أن تزامن استقالته مع استقالة الأزمي الإدريسي "ليس حملة استقالات ممنهجة داخل الحزب الحاكم".

وأفاد مصطفى إبراهيمي، الذي يشغل أيضاً منصب عضو الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، لـ"الشرق"، بأن الرميد "أخبر الأمانة العامة للحزب أنه قرر التراجع عن الاستقالة".

ولفت إلى أن الرميد كان يعاني بالفعل من مشاكل صحية، وأنه خضع السبت لعملية جراحية ناجحة، لكنه أكد أن قرار الاستقالة كان بسبب خلاف مع رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية سعد الدين العثماني.

وأشار إبراهيمي إلى أن "الاستقالة كانت نتيجة سوء تفاهم مع سعد الدين العثماني، بشأن الدورة الاستثنائية للبرلمان"، مضيفاً أن "الرميد كان يطالب بعقد دورة استثنائية تناقش القوانين المتعلقة بتنظيم الانتخابات المقبلة، قبل الدورة العادية المقررة في أبريل القادم". 

وتابع أن "الخلاف انتهى بموافقة العثماني، السبت، على عقد الدورة الاستثنائية لمجلس النواب ومجلس المستشارين يوم 3 مارس المقبل، لمناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالانتخابات".

وكان الرميد التمس من رئيس الحكومة في رسالة استقالته رفع طلب الاستقالة إلى عاهل البلاد الملك محمد السادس، لكنه تراجع عنها قبل قيام العثماني بذلك، وفقاً لإبراهيمي.

ووفقاً للدستور المغربي، يحق لرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم، الفردية أو الجماعية.

احتجاج على مسار الحزب

وبالإضافة إلى الرميد، قدم  إدريس الأزمي الإدريسي، الجمعة، استقالته من منصب رئيس المجلس الوطني للحزب وعضوية أمانته العامة في رسالة وجهها  إلى أعضاء المجلس.

وأكد الأزمي في نص الرسالة أن قرر الاستقالة يأتي احتجاجاً على المسار الذي يسير فيه حزبه، إذ قال: "قررت أن أقدم هذه الاستقالة لأنني وللأسف لم أعد أتحمل ولا أستوعب ولا أستطيع أن أفسر أو أستسيغ ما يجري داخل الحزب ولا أقدر أن أغيره، وعليه لا يمكنني أن أسايره من هذا الموقع أو أكون شاهداً عليه".

وأضاف: "مهما كان حمل هذا القرار صعباً ووقعه وأثره فلن يعادله في ذلك حجم الحيرة والتساؤلات التي تثار كل مرة وتبقى بدون جواب وبدون عبرة حول مدى ملاءمة مواقف الحزب مع مبادئه المعلنة والمعروفة وأوراقه المرجعية وأنظمته الأساسية وبرامجه الانتخابية".

وأكد مصطفى إبراهيمي لـ"الشرق" أن المجلس الوطني للحزب سيبت في الاستقالة خلال مؤتمر استثنائي، مضيفاً أنه لم يتم بعد تحديد موعد لانعقاده.

وقال إبراهيمي إن القوانين الداخلية للحزب تفرض على الأزمي الإدريسي أن يشرح للمجلس الوطني أسباب استقالته، وفتح نقاش داخلي حولها.

ورفض التقارير التي أفادت بوجود "حملة استقالات" داخل الحزب، قائلاً إنه "لم يكن هناك تنسيق بين الرميد والأزمي الإدريسي عند تقديم استقالتيهما"، وأنهما "جاءتا لأسباب مختلفة".

واعتبر أن التأويلات والضجة التي تلت الاستقالتين "عادية"، وتعكس حجم حزب العدالة والتنمية في الساحة السياسية.

مفترق طرق

ورجحت تقارير إعلامية مغربية أن الاستقالتين جاءتا ضمن انقسامات داخل حزب العدالة والتنمية، بسبب توقيع الأمين العام للحزب ورئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، على اتفاقية استئناف العلاقات مع إسرائيل، وتقديم الحكومة مشروع قانون يهدف إلى تقنين زراعة نبتة القنب الهندي التي يستخرج منها "الحشيش"، لاستعمالها في أغراض طبية وصناعية.

وقال عمر الشرقاوي، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري في كلية الحقوق بالمحمدية لـ"الشرق"، إن "ما يحدث داخل العدالة والتنمية يتعلق أساساً بالحملة الانتخابية، التي تسبق الانتخابات المقبلة" عام 2021.

وأوضح الشرقاوي أن الحزب منذ وصوله للسلطة عام 2011 يقود حملة انتخابية "ناعمة" طيلة سنوات الحكم، لكن السنة الأخيرة من كل ولاية، "تأخذ طابعاً خاصاً".

ولفت الخبير السياسي إلى أن "العدالة والتنمية يوجد في الوقت الراهن في مفترق طرق، بسبب قضايا كبيرة، أولها التطبيع مع إسرئيل ومشروع قانون تقنين القنب الهندي"، موضحاً أن الحزب "بنى في السابق شعبيته على رفض التطبيع وتقنين القنب الهندي، ولعبت هذه المواقف دوراً أساسياً في وصوله إلى السلطة". 

وأوضح الشرقاوي أن "هناك قناعة داخل الحزب بأنه سيتعرض للمحاسبة وربما التصويت العقابي خلال الانتخابات القادمة، في وقت لم يعد هناك أمام الحزب هامش للمناورة خلال الحملة الانتخابية من خلال البحث عن معارك هامشية مع القوى السياسية الأخرى للترويج لمواقفه المحافظة ونيل رضى قواعده الانتخابية".

"انقسام غير مرجح"

لكن الشرقاوي قال إنه من غير المرجح أن يشهد "العدالة والتنمية"، "انكساراً" قبل الانتخابات المقبلة، لأن عقيدة الحزب الحالية تؤمن بالبرغماتية وتنتهي دائماً بالانتصار إلى الحفاظ على وحدة الحزب مهما بلغت حدة التوترات الداخلية "حفاظاً على مصالحه". 

ونوه بأن "الحزب سيقدم أكثر من 30 ألف مرشح خلال الانتخابات المحلية، وأكثر من 515 مرشحاً في الانتخابات البرلمانية"، معتبراً أن هذه الترشيحات قد تُستخدم "كأدوات من قبل الأمين العام للحزب سعد الدين العثماني لإسكات قادة التوتر الداخلي".

وأكد الشرقاوي أن "العدالة والتنمية شهد تغيرات كبيرة منذ عام 1997، حين دخل لأول مرة إلى البرلمان، على مستوى قاعدته الانتخابية وعلى مستوى أجياله وأفكار الحزب ومصالحه"، مشدداً على أن "مصالح الحزب أصبحت حالياً في مركز القرارات الحاسمة التي يتخذها".