في اليوم العالمي للمرأة.. ناشطات أفغانيات يبدين مخاوف من الانسحاب الأميركي

time reading iconدقائق القراءة - 8
الناشطة الأفغانية سيما سمر خلال مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" في منزلها بكابول - 6 مارس 2021 - AP
الناشطة الأفغانية سيما سمر خلال مقابلة مع وكالة "أسوشيتد برس" في منزلها بكابول - 6 مارس 2021 - AP
كابول – أ ب

أعربت ناشطات في أفغانستان عن قلق على مستقبلهنّ، مع تصاعد العنف، وتعثر محادثات السلام بين الحكومة وحركة "طالبان"، واحتمال سحب الولايات المتحدة قواتها في مايو المقبل.

وينصّ اتفاق أبرمته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب و"طالبان"، في فبراير 2020، على انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، بحلول الأول من مايو المقبل، وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن أنها تراجع الاتفاق، مشيرة إلى أنها قد لا تلتزم بالموعد المحدد.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن الناشطة البارزة سيما سمر، التي تناضل من أجل حقوق المرأة في أفغانستان منذ 40 عاماً، تعتقد بأن كفاحها لم ينتهِ بعد. وأضافت أن سمر البالغة من العمر 64 عاماً، قلقة بشأن المستقبل، مشيرة إلى أن انعدام الأمن وعدم الاستقرار في أفغانستان بلغا مستويات مخيفة.

وقالت: "لا أحد يعرف ما سيحدث غداً". واستدركت أن هناك الكثير على المحك، لافتة إلى "تقديم الكثير من التضحيات في السنوات العشرين" الأخيرة، في إشارة إلى المرحلة التي تلت الغزو الأميركي لأفغانستان، بعد هجمات الـ11 من سبتمبر 2001.

وكانت سمر تتحدث في منزلها بكابول، وهو محمي بجدران مقاومة للمتفجرات، وبحراس، وكلب ألماني يهرع إلى موقعه المطلّ على الشارع، عندما تبطئ سيارة لدى مرورها في المكان.

مكاسب عقدين

وفي الأسبوع الماضي، شاركت سمر وممثلون آخرون عن المجتمع المدني، في اتصال عبر تطبيق "زووم"، مع الموفد الأميركي المكلّف بملف أفغانستان، زلماي خليل زاد، الذي أكد لهم أن واشنطن تقف إلى جانب المجتمع المدني الأفغاني، لحماية المكاسب التي تحققت في العقدين الماضيين. وقالت سمر: "أشعر بأن التاريخ يعيد نفسه إلى حد ما"، مشكّكة بالأهمية المعطاة مرة أخرى لأمراء الحرب، ولقيادة سياسية تجهد لكسب ثقة الأفغان.

عندما أطاح التحالف بقيادة الولايات المتحدة، بنظام "طالبان" في عام 2001، ضغطت سمر من أجل العدالة، ومعاقبة مرتكبي جرائم في الأنظمة السابقة، وإعطاء الأولوية للمساءلة والمساواة والعدالة، وفق "أسوشيتد برس".

وحذرت عبثاً آنذاك من تولّي أمراء الحرب أدواراً بارزة في إدارة ما بعد "طالبان"، إذ شاركوا في الحرب الأهلية في تسعينيات القرن العشرين، ودمّروا جزءاً ضخماً من كابول. وتلقت سمر تهديدات بالقتل، واستُهدفت في حملة تشهير باسم "سيما سمر، سلمان رشدي أفغانستان".

وقالت الناشطة: "لا أقول بوجوب سجن الجميع، لكن الجريمة جريمة. يجب أن يتحلّوا على الأقلّ بجرأة أن يقولوا: أنا آسف. هذه بداية".

واعتبرت سمر أن أفغانستان بحاجة إلى مشاركة المجتمع الدولي لدفعها قدماً، وللتأكد من الوفاء بالوعود التي قُطعت، وبمراقبة وقف النار بشكل مستقل، مشددة على وجوب معاقبة الجناة.

قتل "أندر اللآلئ"

ويتساءل كثيرون عمّن يستهدف ويقتل بشكل منهجي، أعضاء في المجتمع المدني. وأعلن "تنظيم الدولة" مسؤوليته عن هجمات، فيما نفت "طالبان" ضلوعها بأغلبية تلك الحوادث، علماً أنها والحكومة تتبادلان اتهامات في هذا الصدد.

وأعلنت "اللجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان"، التي أطلقتها سمر وترأستها، بين عامَي 2002 و2019، أن عمليات القتل المستهدف زادت 3 مرات العام الماضي.

وقال ناطق باسم اللجنة إن 65 امرأة قُتلت وجُرحت 95، في هجمات عام 2020. واستهدف مهاجمون مستشفى للولادة، ومؤسسات تعليمية مرتين، ما أسفر عن مقتل 50 شخصاً، معظمهم طلاب. وكان كثيرون من الضحايا، صحافيين وناشطين مدافعين عن حقوق الإنسان وقضاة شباباً ومحامين.

وقال طارق فرهادي، وهو مستشار سابق للحكومة الأفغانية: "الأمر أشبه بأخذ أندر اللآلئ منا".

بلينكن ونساء أفغانستان

واحتفاءً باليوم العالمي للمرأة، الاثنين، منح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن 6 نساء أفغانيات، قُتلن العام الماضي، جائزة "نساء الشجاعة الدولية". وقال: "تؤكد جرائم القتل المأساوية اتجاهاً مقلقاً، متمثلاً في زيادة استهداف النساء في أفغانستان، والولايات المتحدة تدين هذا العنف".

واقترح بلينكن خطوات للمساهمة في إطلاق عملية السلام المتعثرة بين الحكومة و"طالبان"، وفقاً لرسالة وجّهها إلى الرئيس الأفغاني أشرف غني، ونشرتها شبكة "تولو نيوز" الأفغانية.

وتدعو الرسالة إلى جمع الجانبين لعقد مؤتمر برعاية الأمم المتحدة، مع ممثلين عن روسيا والصين وباكستان وإيران والهند والولايات المتحدة، من أجل "مناقشة نهج موحّد لدعم السلام في أفغانستان".

مكاسب هشّة

وأشارت سمر إلى تحقيق مكاسب كبرى خلال 20 سنة منذ الإطاحة بـ "طالبان"، بما في ذلك فتح مدارس للبنات، ودخول النساء سوق العمل، والسياسة، كما أصبحن قاضيات، حتى إنهنّ جلسن على طاولة المفاوضات مع "طالبان".

لكن المكاسب هشّة، ولدى ناشطي حقوق الإنسان أعداء كثيرون في أفغانستان. وأفاد "مؤشر المرأة والسلام والأمن" لعام 2019، الذي جمعه "معهد جورجتاون للمرأة والسلام والأمن" و"معهد أبحاث السلام" في أوسلو، بأن أفغانستان في المرتبة الثانية بعد اليمن، باعتبارها أسوأ مكان في العالم بالنسبة إلى المرأة. وتبلغ نسبة الأمّية بين الأفغانيات 82٪، وأغلبية النساء في السجون الأفغانية محتجزات بسبب ما يُسمى بجرائم "أخلاقية"، مثل طلب الطلاق.

وقالت سمر، التي باتت ناشطة عندما كانت طالبة طب عمرها 23 سنة ولديها طفل رضيع، والحائزة  جوائز كثيرة، إن الطريق إلى العدالة والمساواة لا يزال طويلاً. واعتقلت الحكومة الشيوعية آنذاك زوجها الناشط، ولم تره مرة أخرى.

ورغم التحديات المستمرة، تعتبر سمر أن أفغانستان عام 2021 مختلفة، إذ تشهد نقاشات بشأن حقوق الإنسان والمرأة والأقليات. وقالت: "على الأقلّ نتحدث الآن عن العنف ضد المرأة. في السابق لم تكن هذه مشكلة في هذا البلد، باستثناء بعض المجانين مثلي".

اقرأ أيضاً: