وبّخت حركة طالبان مسلحيها، بعدما استغلّوا دخولهم كابول الشهر الماضي للتجوّل فيها وزيارة معالمها، والتقاط صور "سيلفي" فيها، كما أوردت صحيفة "وول ستريت جورنال".
وأشارت الصحيفة إلى أن آلافاً من المسلحين الشبان في طالبان، من كل أنحاء أفغانستان، وكثيرون منهم لم يروا مدناً كبرى سابقاً، انتشروا في كابول بعد انهيار حكومة أشرف غني، في 15 أغسطس.
وأضافت أنهم يتنزهون ويزورون أماكن ترفيهية ومعالم في العاصمة، وهم يحملون أسلحتهم، عندما لا يكونون في الخدمة. كما أن مسلحين من الحركة جاؤوا من أماكن أخرى في البلاد، لإجراء رحلات سياحية في كابول.
وأبرز مناطق الجذب الحضرية لهؤلاء هي بحيرة قرغه، بقواربها على شكل بجعة، وحديقة الحيوانات في كابول، وحيّ وزير أكبر خان، حيث يتنزه الزوار على تلّ عشبي مطلّ على المدينة.
وقال شفيع الله مسعود (24 عاماً) من محافظة وردك، خلال زيارة لمركز "سيتي بارك" الترفيهي مع مسلحين آخرين من طالبان: "أنا سعيد لأن الناس يستمتعون بحياة هادئة هنا الآن".
"سلوك أمراء حرب"
لكن وزير الدفاع في حكومة الحركة، مولوي محمد يعقوب، نجل الملا عمر، مؤسّس "طالبان"، لم يستسغ الأمر، وانتقد المسلحين نتيجة ذهابهم لمشاهدة معالم المدينة، أو تسكّعهم في مجموعات ضخمة، أو قيامهم برحلات بلا هدف محدد، إلى أسواقٍ ومطار كابول، أو استكشافهم مباني حكومية.
وقال يعقوب في رسالة صوتية، مخاطباً مسلحي الحركة: "التزموا بالمهمات التي كُلّفتم بها. أنتم تقوّضون مكانتنا التي أوجدتها دماء شهدائنا".
وتمثل أحد التعليمات الرئيسة، في وقف التقاط الكثير من صور "السيلفي"، إذ أبدى مولوي يعقوب انزعاجاً خاصاً من إقدام مسلحي الحركة على سحب هواتفهم لالتقاط صور مع قياديّيها، كلما صادفوهم. وحذر من أن هذه الصور تعرّض الأمن للخطر، مع نشرها على مواقع التواصل الاجتماعي، من خلال كشف مواقع قياديّي "طالبان" ونشاطاتهم.
كذلك أمر يعقوب المسلحين بتحسين سلوكهم ومظهرهم، وجعل لحاهم وشعرهم وملابسهم متوافقة مع القواعد الإسلامية.
وشُوهد هؤلاء مع شعر يصل إلى الكتفين، مرتدين ملابس أنيقة ونظارات شمسية، إضافة إلى أحذية رياضية بيضاء، بشكل متكرر في كل أنحاء كابول، بحسب "وول ستريت جورنال".
وشكا يعقوب أيضاً من أن مسلحي طالبان يقودون سياراتهم بسرعة كبيرة ولا يلتزمون بقواعد السير، قائلاً: "هذا سلوك أمراء حرب وأفراد عصابات النظام العميل. إذا واصلنا التصرّف على هذا النحو، لا سمح الله، فسنخسر نظامنا الإسلامي".
"انتهى البلد"
الصحيفة ذكرت أن كثيرين في العاصمة، التي يقطنها 6 ملايين شخص، يشعرون باستياء شديد من طالبان نتيجة تقليصها حريات اجتماعية كانت بديهية في العقدين الماضيين، مثل تعليم المرأة ودخولها سوق العمل.
كما أن اللغة المشتركة في المدينة هي الداري، وهي لهجة أفغانية مشتقة من الفارسية، وكثيرون من السكان لا يتمكنون من التواصل في نقاط التفتيش مع مسلحي طالبان، الذين يتحدثون غالباً لغة الباشتو فقط، وهي اللغة الرئيسة في معقل الحركة بجنوب أفغانستان وشرقها.
وقال مسؤول تسويق في شركة للهواتف الخليوية بكابول: "انتهى البلد. كل شيء الآن في أيدي الملالي".
وحتى الآن، يبدو أن تحذيرات يعقوب لم تُحدث سوى تأثير محدود في مسلحي طالبان، لا سيّما أن كثيرين منهم ما زالوا في سنّ المراهقة وتذهلهم مسائل، مثل كراسيّ المكتب المزوّدة بعجلات.
مصارعة في حديقة الحيوانات
وزار إحسان الله (23 عاماً)، وهو مسلح من ولاية هلمند جنوبي أفغانستان، متنزه "سيتي بارك" في كابول للمرة الثالثة، مشيراً إلى أنه لم يرَ سابقاً الألعاب التي يتيحها، بما في ذلك كراسيّ متأرجحة ومنزل مسكون وميدان للرماية بمسدس لعبة.
وأضاف: "في البداية كنت خائفاً من هذه الرحلات، ولكن بمجرد أن ذهبت، لم يعد الأمر مشكلة الآن".
وطُلب من إحسان الله ورفاقه في مدينة الملاهي، وضع بنادقهم الكلاشينكوف وأخرى أميركية من طراز "إم-16"، في كشك خاص.
وثمة إشعار من قيادة طالبان يأمرهم بفعل ذلك، معتبراً أن ظهور البنادق في مدينة الملاهي يخيف النساء والأطفال.
وقال إحسان الله: "في البداية، لم يكن الجمهور معتاداً علينا، وعلى لباسنا ولغتنا. تدريجياً، بدأ الناس يرتاحون من حولنا".
وشهدت حديقة الحيوانات بكابول جولة مصارعة مرتجلة، وهي رياضة شعبية في أفغانستان، تُنظّم على العشب في حضور عائلات فضوليّة لا تنتمي إلى الحركة.
وقال المسلح محمد أمين وهو جالس قرب بركة في الحديقة: "أحببتُ رؤية الأسد لأننا أيضاً أسود. كنت مستعداً لأن أكون انتحارياً. الآن أنا سعيد لأنني أرى الشريعة الإسلامية في كابول".
اقرأ أيضاً: