جدل في لبنان بعد وقف عرض مسرحي بقرار من الأمن العام

time reading iconدقائق القراءة - 6
الملصق الدعائي لمسرحية "تنفيسة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
الملصق الدعائي لمسرحية "تنفيسة" - المكتب الإعلامي للشركة المنتجة
بيروت- رنا نجار

أثار وقف الأمن العام اللبناني عرضاً مسرحياً بعنوان "تنفيسة" جدلاً واسعاً، ما دعا منظمات حقوقية تدافع عن حرية التعبير، إلى التضامن مع مخرج العرض الفلسطيني والمولود والمقيم في لبنان، عوض عوض، وفريق العمل المؤلف من طلاب.

وشكّل الضغط من جمعيات أهلية ومنظمات حقوقية وناشطين ونقابات مستقلة، إلى عدم التصعيد من قبل الأمن العام، بعدما استُدعي المخرج للتحقيق صباح اليوم، وترك حرّاً مع تعهد بأخذ إذن مسبق لأي عمل يريد عرضه مستقبلاً بما يلزمه قانون الرقابة الحالي، بحسب ما أكد وكيل عوض المحامي أيمن رعد.

وأشار رعد إلى أنه "تخوّف في بادئ الأمر لأن الاستدعاء إلى دائرة التحقيق لدى الأمن العام في بيروت، بإشارة من النيابة العامة التمييزية، وهذه الإشارة توجد عادة عندما يكون هناك ملف قضائي وتهمة أو جرم، لكن المهم أن المُخرج ترك حراً". 

عرض ضد القمع

وقال عوض عوض بعد خروجه من التحقيق اليوم لـ"الشرق": "يبدو أن هناك من أوصل تقريراً خاطئاً عن مضمون المسرحية للأمن فحواه أننا تعرّضنا لرئاسة الجمهورية وهذا لم يحصل"، شارحاً أن "العرض يتناول الأنظمة الديكتاتورية العالمية، ويتخطى أي حدود جغرافية وزمنية، ولم يقدح أو يذم أو يجرّح بأي شخصية سياسية لبنانية كما أُشيع، بل هو يلقي الضوء عبر أغنيات من التراث الجزائري والتونسي واللبناني والمصري، على القهر والقمع والذل التي يتعرّض لها جيلنا جيل الشباب جراء الفساد أينما كان".

وأضاف: "ما حدث لن يكفنا على كمّ أفواهنا بل زاد إصرارنا على نقول الحقيقة، ونعبّر عبر الفن والمسرح، ونطالب بإلغاء الرقابة المسبقة على الأعمال الفنية، فهذا القانون أصبح بالياً ويحدّ من حرية التعبير، ولا بدّ من تعديله ليتناسب مع الزمن الحاضر".

مديرة المسرح: العرض لم يخالف القانون

مسرحية "تنفيسة" عرضت ضمن مهرجان "مشكال" الشبابي على مسرح المدينة مساء الجمعة الماضي، لكن في اليوم التالي "توجّهت دورية من الأمن العام اللبناني إلى المسرح قبل ساعة من عرضها، وطلبت من مخرج المسرحية عوض عوض، الحضور إلى التحقيق الفوري بناءً على إشارة من النيابة العامة التمييزية، بحجة أن العرض لم يقدّم إلى لجنة الرقابة في الأمن العام، وبالتالي لم يحصل على إذن مسبق بالعرض"، كما شرح المحامي رعد.

 رفض عوض الحضور الفوري إلى التحقيق ريثما يوكّل محامياً، معلّلاً بأنه "لم يخالف القانون لأن المسرحية هي نتيجة ورشة عمل لطلاب في الجامعة اللبنانية و"اللبنانية الأميركية"، إضافة إلى أنها عمل غير تجاري، وتعرض مجاناً ضمن فعاليات مهرجان شبابي، كما أنها ارتجالية غنائية ومستوحاة بتصرف عن مسرحية قديمة بعنوان "إضراب الحرامية" لأسامة العارف، على حد قوله.

وطلبت الدورية التي حضرت إلى مكتب إدارة المسرح قبل ساعة تقريباً من العرض عدم تقديم المسرحية، والتزم فريق العمل بذلك بطلب أيضاً من مؤسسة ومديرة المسرح، نضال الأشقر التي أكدت لـ "الشرق" أنها أرادت "حماية الفريق، وخصوصاً عوض، إذ إنها رأت إشارة للنيابة العامة التمييزية على طلب الاستدعاء.

وأوضحت أن الدورية الأمنية لم توقف المسرحية على الخشبة كما أشيع، بل دخل عنصران إلى المكتب لتبليغ عوض بالحضور الفوري الى التحقيق.

وصرّحت الأشقر كمسؤولة عن المسرح، وبحسب القانون، هي الجهة المسؤولة عن الحصول على طلب الإذن المسبق للعرض، بأنها "لم تطلب إذناً لأنها ورشة عمل طلابية وغير تجارية وهي ارتجالية.

وأضافت: "اليوم سنتقدم بعدما حصل بطلب للحصول على إذن لعرض (تنفيسة) على المسرح في ما بعد"، مؤكدة أنها ضد الرقابة في أي زمان وأي مكان.

ووصفت الأشقر قانون الرقابة بـ"البائد"، مؤكدة أنه يعود لأربعينيات القرن العشرين ولم يتمّ تعديله ولا إلغاؤه. وتابعت "نحن عانينا منه كمسرحيين عندما أوقف الأمن العام مسرحيتنا (مجدلون) أنا وروجيه عساف في عام 1968، ورفضنا ذلك وقدّمناها في الشارع".

الأمن العام: لا تعدي على الحريات 

وبعد حملات تضامنية على مواقع التواصل بدأت مساء السبت الماضي، اضطرت المديرية العامة للأمن العام اللبناني الى إصدار بيان الأحد أوضحت فيه أن "سبب توقيف عرض المسرحية هو عدم مرورها بالمسار القانوني للعرض، من خلال مكتب الإعلام في المديرية العامة للأمن العام". 

وأشار البيان: "قام الأمن العام بعد عرض المسرحية في 1 تشرين الأول الجاري (أكتوبر) داخل أحد مسارح بيروت بالاتصال بالمسرح المعني الذي عمل القيمون عليه مشكورين على وقف عرض المسرحية، بعدما تبيّنت لهم مخالفة عرضها للأصول القانونية".

وأضافت مديرية الأمن العام أن "بعض مدّعي المعرفة الشاملة عمدوا إلى تصوير الموضوع وكأنه تعدٍّ على الحريات العامة، بينما هو تأكيد على صونها وعدم السماح بالتلطي وراء الشعارات لإسقاط القوانين ومفاعيلها".

وأكدت المديرية  أنها "ماضية في تنفيذ الصلاحيات التي أناطها بها القانون، وأن محاولات التذاكي والخلط بين صلاحياتها وصلاحيات أخرى هدفه تعمية الرأي العام لتجاوز القوانين، من خلال البطولات الوهمية، والتي لن تمنع المديرية عن القيام بواجباتها حمايةً لحريات الجميع التي نصّ عليها القانون اللبناني حصراً".

وكانت نقابة الصحافة البديلة في لبنان ومؤسسة "عيون سمير قصير" لحرية الصحافة والتعبير عن الرأي وحزب الكتائب اللبنانية، دانوا واستنكروا توقيف عرض المسرحية التي تنتقد النظام.