الاستخبارات الأميركية تفشل في حسم "منشأ كورونا"

time reading iconدقائق القراءة - 7
عناصر من الأمن الصيني في محيط معهد ووهان لعلم الفيروسات في الصين - 3 فبراير 2021 - REUTERS
عناصر من الأمن الصيني في محيط معهد ووهان لعلم الفيروسات في الصين - 3 فبراير 2021 - REUTERS
دبي -الشرق

كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، أن تقريراً سرياً أعدته أجهزة الاستخبارات الأميركية عن أصل منشأ فيروس كورونا، تسلمه الرئيس الأميركي جو بايدن الثلاثاء، فشل في التوصل إلى نتائج حاسمة بشأن ما إذا كان الفيروس المسبب للمرض انتقل من حيوان إلى إنسان كجزء من عملية طبيعية، أو تسرب من مختبر ووهان بالصين.

ونقلت "واشنطن بوست" عن مسؤولين أميركيين مطلعين، أن بايدن تلقى، الثلاثاء، تقريراً سرياً من أجهزة الاستخبارات، "لم يحسم أصول فيروس كورونا"، مشيرين إلى أن أجهزة الاستخبارات "ستسعى، في غضون أيام، إلى نزع السرية عن أجزاء من هذا التقرير"، ما يشير إلى احتمال نشرها للجمهور.

سباق مع الزمن

ويأتي هذا التقييم بعد سباق مع الزمن على مدى 90 يوماً، حيث كلف بايدن وكالاته الاستخباراتية، في مايو الماضي، بإعداد تقرير "يمكن أن يقربنا من استنتاج نهائي" بشأن أصول الفيروس الذي قتل أكثر من 4 ملايين شخص حول العالم، ودمر اقتصادات العالم. 

وقالت الصحيفة إنه على الرغم من تحليل مجموعة من المعلومات الاستخباراتية الموجودة، والبحث عن أدلة جديدة، قال المسؤولان اللذان تحدثا شريطة عدم الكشف عن هوياتهما، إن "مسؤولي الاستخبارات لم يتمكنوا من التوصل إلى إجماع بهذا الشأن".

بدورها، أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، بأن التقييم الجديد الذي أمر به بايدن "يبرز التحدي الجسيم الذي تواجهه الإدارة" في الحصول على مزيد من المعلومات من بكين، والتي "يمكن أن تلقي الضوء على شرارة بدء هذا الوباء الذي اجتاح العالم".

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين حاليين وسابقين قولهم، إن هذا التقييم "يبرز أهمية نشر الصين سجلات مختبراتها والعينات الجينومية والبيانات الأخرى التي يمكن أن تسلط مزيداً من الضوء على منشأ هذا الفيروس".

تكتم الصين

وقال أحد المسؤولين للصحيفة، إنه "لا يمكنك سوى الغوص إلى الأعماق التي يسمح بها الموقف"، مضيفاً أنه "ما لم تسمح الصين بالوصول إلى مجموعات بيانات معينة، فلن تعرف أبداً الحقيقة".

الجدل بشأن منشأ فيروس كورونا، كان قد احتدم بقوة منذ أن قال الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب العام الماضي، إن الفيروس "نشأ في مختبر صيني". لكن جهود الكشف عن مصدره تعقدت بسبب رفض السلطات الصينية المستمر السماح بإجراء تحقيق أكثر كثافة من قبل المحققين الدوليين.

وجاء توجيه بايدن بشأن إعداد التقرير، بعد أن تلقى تقريراً في مايو الماضي من أجهزة الاستخبارات الأميركية، بشأن توصلها لسيناريوهين محتملين حول نشاة الفيروس، لكنها لم تصل إلى نتيجة نهائية.

وكشف بايدن عن أن وكالتين استخباريتين مالتا إلى فرضية أن الفيروس "ظهر نتيجة اتصال بشري بحيوان مصاب"، بينما اتجهت ثالثة إلى سيناريو "التسرب المخبري".

وحذرت مديرة الاستخبارات الوطنية الأميركية أفريل هاينز، في يونيو، من أن الوكالات "قد لا تصل إلى حل لهذا اللغز"، موضحة لموقع "ياهو نيوز" في مقابلة، "نأمل في العثور على دليل.. لكن من الصعب إنجاز ذلك"، مضيفة أنه "قد يحدث، وقد لا يحدث".

وأوضحت هاينز للموقع الأميركي، أن المراجعة تمت بمشاركة "عشرات المحللين والمسؤولين الاستخباراتيين من وكالات متعددة".

وأضافت أنها نشرت "خلايا حمراء"، أو مجموعات لاختبار افتراضات المحللين، والتحقق من خضوع المعلومات الاستخباراتية للتدقيق من جميع الزوايا.

وقال مسؤول آخر لصحيفة "واشنطن بوست"، إن الاستخبارات الأميركية "ليست بالضرورة معدة على النحو الأفضل لحل هذه المشكلة، التي تعد بالأساس قضية علمية".

وأكد المسؤول أنه رغم أن أجهزة الاستخبارات "في وضع يسمح لها بجلب معلومات من جهات أجنبية فاعلة، إلا أنها ليست بالضرورة مستعدة للتعمق في مجموعات بيانات الصحة على مستوى العالم".

وأعرب بايدن نفسه، في أول زيارة له لمكتب مديرة المخابرات الوطنية، في يوليو الماضي، عن الحاجة إلى "مجموعة أقوى لتعقب الفيروس المسبب للمرض"، قائلاً: "سيتعين عليكم زيادة أعداد الأفراد الذين يتمتعون بقدرة علمية كبيرة ذات علاقة بمسببات الأمراض".

"سنوات من البحث"

وكان كثير من العلماء المطلعين على جدل منشأ الفيروس يشككون في أن المراجعة الأميركية التي استمرت 90 يوماً، ستتمكن من حسم هذه المعضلة، وقال البعض إن التحقيق قد يتطلب "سنوات من البحث".

وبهذا الشأن، قال ديفيد ريلمان، عالم الأحياء الدقيقة في جامعة ستانفورد، الذي دفع باتجاه إجراء تحقيق موسع في كل الفرضيات المتعلقة بأصل الفيروس، للصحيفة، "لا يجب حتى أن نفكر في طي هذه الصفحة أو التراجع، بل علينا مضاعفة الجهود".

وكانت فكرة تسرب الفيروس من مختبر حازت اهتماماً متزايداً خلال الربيع الماضي، بعدما كتب 18 عالماً رسالة إلى مجلة "ساينس" في مايو، قالوا فيها إنه يجب التحقيق في جميع أصول الفيروس المحتملة، بما في ذلك "الحادث المخبري".

ويشير مؤيدو هذه النظرية، إلى أن معلومات سرية تم الكشف عنها لأول مرة في الأيام الأخيرة من ولاية ترمب، أكدت أن ثلاثة عمال مجهولي الهوية من معهد ووهان لعلم الفيروسات الرائد في دراسة فيروس كورونا، ذهبوا إلى المستشفى في نوفمبر 2019 (قبل تفشي الفيروس عالمياً)، بأعراض شبيهة لأعراض الإنفلونزا.

ومع ذلك، أشار علماء عدة إلى أن الفيروسات لديها تاريخ طويل في الانتقال من الحيوانات إلى البشر، وأن هناك "العديد من السيناريوهات المعقولة التي ربما حدث فيها ذلك"، بما في ذلك احتمالية انتقال الفيروس من حيوانات برية أو حيوانات يتم تربيتها في البيوت، والتي تباع في أسواق مزدحمة.

وخرجت الكثير من حالات الإصابة المبكرة بالفيروس من سوق للمأكولات البحرية، حيث تم اكتشاف آثار الفيروس لاحقاً على الأسطح.

وعزز تقرير نُشر في دورية "نيتشر"، في 7 يونيو الماضي، والذي وثق 38 نوعاً من الحيوانات التي تباع في 17 سوقاً في ووهان قبل تفشي الوباء، نظرية الأمراض حيوانية المنشأ، موضحاً أن العديد من الحيوانات تعاني من "سوء النظافة" ومن المعروف أنها "تحمل أمراضاً".

اقرأ أيضاً: