
تستضيف الولايات المتحدة أول تجمّع لدول آسيوية يناقش اتفاقاً اقتصادياً يعتبره البيت الأبيض تصدياً للنفوذ المتزايد للصين في المنطقة، كما أفادت "بلومبرغ".
ويُتوقّع أن ترسل 13 دولة ممثلين للمشاركة في هذا التجمّع، الذي يبدأ الخميس ويستمر يومين في لوس أنجلوس، ضمن "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ"، الذي يشمل دولاً تشكّل نحو 40% من الناتج المحلي الإجمالي في العالم.
ويتضمّن هذا الإطار اليابان والهند وكوريا الجنوبية وأستراليا وإندونيسيا، المنضوية أيضاً في مجموعة العشرين.
ويشكّل هذا الإطار أهم انخراط اقتصادي للولايات المتحدة في المنطقة، منذ قرار الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب الانسحاب من اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادئ" في عام 2017.
ويُرجّح ألا تصل جهود الرئيس الأميركي جو بايدن إلى حدّ خفض التعريفات، مثل اتفاق تقليدي للتجارة الحرة، بحسب "بلومبرغ".
وقالت ديبورا إلمز، المديرة التنفيذية لـ"مركز التجارة الآسيوي"، في إشارة إلى هذا الإطار: "في الوقت الحالي ثمة مزيج من التفاؤل الحذر وعدم اليقين المستمر. الأمل يتمثل في أن ينتهي هذان اليومان في لوس أنجلوس بإدراك أفضل لما نتحدث عنه بالضبط. ما هي المعايير؟ ما الذي سأفعله، وما الذي سأجنيه في المقابل؟".
12 اتفاقاً للتجارة الحرة
شكّل تعزيز ما يُسمّى بالوصول إلى الأسواق من خلال خفض التعريفات، سمة مميزة لنحو 12 اتفاقاً للتجارة الحرة تفاوضت عليها الولايات المتحدة، منذ اتفاق "نافتا" في مطلع تسعينات القرن العشرين.
لكن معارضة في واشنطن، أبداها ديمقراطيون وجمهوريون على حدّ سواء، جعلت إبرام اتفاقات مشابهة الآن أمراً صعباً من الناحية السياسية، إن لم يكن مستحيلاً، بحسب "بلومبرغ".
وقال مسؤول في إدارة بايدن إن الولايات المتحدة ستسعى للتركيز على الملفات غير الجمركية، التي لا تزال قادرة على تأمين وصول المصدّرين الأميركيين إلى الأسواق، متجنّباً تقديم تفاصيل تتجاوز ما يُسمّى الركائز الأربع لإطار العمل، وهي التجارة، وسلاسل التوريد، والطاقة النظيفة وإزالة الكربون والبنية التحتية، والضرائب ومكافحة الفساد.
وقال تان سي لينج، وزير التجارة والصناعة في سنغافورة، إن بلاده ترحّب بالتنمية في قطاع الطاقة المتجددة، معتبراً أن "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ" يمكن أن يشكّل منتدى لـ"تلاقح الأفكار، ثم يمكننا تحريك الأشياء معاً ككتلة".
ووصف ناطق باسم وزارة الخارجية التايلاندية هذا الإطار بأنه "صفقة ضخمة"، معتبراً أنه سيساعد بلاده على "تحقيق هذا التحوّل لاقتصادنا".
أما وزير التجارة الياباني ياسوتوشي نيشيمورا، فلفت إلى وجوب جعل ذلك "إطاراً تشعر فيه كل دولة بفوائد ملموسة".
وأوردت صحيفة "نيكي" اليابانية أن تجمّع لوس أنجلوس سيناقش أيضاً تأسيس نظام لمشاركة أشباه الموصلات والأجهزة الطبية، وإمدادات أخرى حيوية أثناء حالات الطوارئ الدولية.
تحفظات للديمقراطيين
بما أن "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ" ليس اتفاقاً تجارياً تقليدياً، يُحتمل ألا تحتاج الإدارة إلى موافقة الكونجرس.
ومع ذلك، قد تواجه جهود بايدن معارضة داخل حزبه الديمقراطي، إذ حذرت السيناتور إليزابيث وارن من أن هذا الإطار "لا يمكن أن يكون نسخة ثانية عن (اتفاق) الشراكة عبر المحيط الهادئ"، ويجب أن يشمل التزامات بشأن العمل والمناخ يكون تنفيذها ممكناً.
ولا يزال اتفاق "الشراكة عبر المحيط الهادئ" الذي انسحب منه ترمب، قائماً ويضمّ 11 دولة، باسم "الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة عبر المحيط الهادئ"، الذي سعت الصين للانضمام إليه.
وساهمت بكين أيضاً في إطلاق اتفاق تجارة إقليمي منفصل، لا يشمل الولايات المتحدة، ويقدّم تعريفات مخفّضة لدول في جنوب شرقي آسيا مشاركة في الاتفاق الأول.
وقال مسؤول أميركي إن الجدول الزمني للتوصّل إلى التزامات جوهرية، ملزمة وغير ملزمة، سيكون أقصر من المفاوضات التجارية التقليدية التي تشمل تخفيضات للرسوم الجمركية.
وأضاف أن الولايات المتحدة تستهدف الحصول على التزامات جوهرية، تشارك من خلالها الدول في كلّ من الركائز الأربع، في غضون 12 إلى 18 شهراً.
مشاركة الصين وتايوان
ومنذ إطلاق "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ"، في مايو الماضي، أجرت الإدارة الأميركية مشاورات مع مجموعات، تشمل نقابات العمال وقطاع الأعمال وأعضاء الكونجرس من الحزبين، بشأن "تقديم فوائد اقتصادية ملموسة للعمال والشركات في الولايات المتحدة وشركائنا في الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ"، بحسب وزارة التجارة.
ويأتي التجمّع في ظلّ تدهور إضافي شهدته العلاقات بين واشنطن وبكين، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي إلى تايوان الشهر الماضي، التي دفعت الصين إلى تنفيذ مناورات عسكرية اعتُبرت سابقة قرب الجزيرة.
ورأت وزيرة التجارة الأميركية جينا ريموندو، أن زيارة بيلوسي جعلت الجغرافيا السياسية مع الصين "معقّدة بشكل خاص"، بحسب "بلومبرغ".
ولم تدعُ الولايات المتحدة تايوان للانضمام إلى "الإطار الاقتصادي من أجل رخاء المحيطين الهندي والهادئ"، رغم أن أكثر من 50 عضواً في مجلس الشيوخ وجّهوا رسالة إلى بايدن في هذا الصدد، علماً أن واشنطن تُعدّ إطار عمل منفصل مع تايبيه.
وتتردّد دول في التوقيع على أي اتفاق لا يشمل الصين، إذ إنها أبرز شريك تجاري للعديد منها.
وكانت دول جنوب شرقي آسيا طالبت الولايات المتحدة بإبقاء إطار العمل مفتوحاً أمام الصين. وشدد مسؤولون في الإدارة على أن هذا الإطار لا يشكّل اختياراً بين واشنطن وبكين.
اقرأ أيضاً: