السودان.. "يوناميد" تنهي مهمتها وسط مخاوف من فراغ أمني

time reading iconدقائق القراءة - 9
أفراد من الحركات المسلحة في دارفور  - REUTERS
أفراد من الحركات المسلحة في دارفور - REUTERS
دارفور-الشرقوكالات

تنهي البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لحفظ السلام في إقليم دارفور (يوناميد)، الخميس، مهمتها التي امتدت لنحو 13 عاماً، ما يثير مخاوف لدى بعض السودانيين من الفراغ الأمني؛ لا سيما بعد نشوب أحداث عنف مؤخراً في الإقليم.

وقالت البعثة في بيان، الأربعاء، إن "البعثة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في إقليم دارفور السوداني، تنهي رسمياً عملياتها الخميس، بينما تتولى الحكومة السودانية مسؤولية حماية المدنيين في المنطقة".

رحيل تدريجي

في 22 ديسمبر الجاري قرر مجلس الأمن الدولي، إنهاء تفويض البعثة المختلطة التي يبلغ قوامها نحو 6 آلاف فرد بحلول 31 ديسمبر، لكن مغادرة البعثة للإقليم كلياً ستستغرق نحو 6 أشهر.

وقالت البعثة، في بيان، إن عناصر البعثة العسكريين، سيركزون عملهم ابتداءً من الجمعة على "تأمين أنشطة التقليص التدريجي".

وأضافت: "سيكون أمام يوناميد 6 أشهر، للانتهاء من عملية الانسحاب، التي تتضمن ترحيل القوات ومركباتهم وعتادهم".

وتشمل عمليات الانسحاب إنهاء خدمات الموظفين الدوليين والوطنيين، إضافة إلى الإغلاق المتدرج لمواقع البعثة الميدانية ومكاتبها.

وتابع البيان: "ينتج عن هذه العملية انسحاب كافة الأفراد والنظاميين والمدنيين من السودان بحلول 30 يونيو 2021، ولن يكون هناك سوى فريق تصفية يظل رابضاً لإنهاء أي قضايا متبقية".

وشدد بيان البعثة، على أن انتهاء تفويض "يوناميد" ومغادرتها للسودان، لا يعني انتهاء دعم المجتمع الدولي للبلاد. وأضاف: "ستواصل بعثة الأمم المتكاملة لدعم الانتقال (يونيتامس) وفريق الأمم المتحدة القُطري، دعمهم لحكومة السودان في التصدي للتحديات المتعلقة بالأمن والاقتصاد".

 بعثة سياسية

وقررت الأمم المتحدة نشر بعثة سياسية في السودان، تحت الفصل السادس، لدعم حكومة الانتقال بناء على طلب من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، وهي بعثة مقرر بدء عملها في الأول من يناير المقبل.

وعملت "يوناميد" في الفترة الأخيرة على دعم عملية السلام وحماية المدنيين، وتيسير إيصال المساعدات الإنسانية ودعم التوسط في النزاعات المجتمعية.

قوات مشتركة لحفظ الأمن

وقالت البعثة الأممية، إن الحكومة السودانية ستقوم بتحمل مسؤولياتها كاملة في معالجة القضايا التي كانت تقوم بها.

وأعلنت الحكومة عن نشر قوات مشتركة لحفظ الأمن في إقليم دارفور بموجب اتفاق السلام، لكن مخيمات النازحين أعلنت عدم اطمئنانها للخطوة، مطالبة ببقاء البعثة المختلطة.

رفض خروج القوات

وفي الإطار، بدأ سكان مخيم "كلمة"، أكبر مخيمات النازحين في الإقليم، قرب مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، اعتصاماً لرفض خروج قوات "يوناميد". ويعتزم السكان الاعتصام حتى وصول قوات دولية لحماية النازحين، حسبما ذكرت مصادر لـ"الشرق".

وفي وقت سابق، تظاهر سكان المخيم، وهم يحملون لافتات كُتب عليها "نثق في حماية الأمم المتحدة للنازحين، ونرفض خروج يوناميد".

ومن داخل المخيم، قال محمد عبد الرحمن، وهو أحد الفارين من منازلهم جراء النزاع، لوكالة "فرانس برس"، إنه "على الأمم المتحدة أن تتراجع عن قرارها من أجل حماية أرواح ودماء النازحين". وتساءل مندهشاً: "لماذا لا تراجع الأمم المتحدة هذا القرار طالما الإنسان في دارفور مهدداً".

والثلاثاء، نظّم العشرات من أبناء دارفور في الخرطوم، وقفات احتجاجية أمام مقر الاتحاد الأوروبي، ومجلس الوزراء لإبداء الاعتراض على مغادرة البعثة المختلطة لإقليم دارفور.

 بداية نزاع دارفور

اندلع نزاع دارفور عام 2003، وخلّف بحسب إحصاءات الأمم المتحدة 300 ألف ضحية، وأدى إلى انتشار النزاعات القبلية، التي كان أحدثها الأسبوع الماضي، وأسفرت عن 15 قتيلاً. كما تسبب النزاع في تشريد 2.5 مليون شخص من قراهم، وفقاً للمنظمة.

وبدأ النزاع عندما حملت مجموعة تنتمي إلى أقليات إفريقية السلاح ضد حكومة الرئيس السوداني المعزول، عمر البشير، تحت دعاوى تهميش الإقليم سياسياً واقتصادياً.

بداية عمليات حفظ السلام

في أعقاب مشاورات رفيعة المستوى جرت في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا تمكنت دائرة عمليات حفظ السلام بالأمم المتحدة، من تكوين بعثة الاتحاد الإفريقي الحالية بالسودان (تعرف اختصاراً بـ "أميس") وبدأت الإعداد لنشر بعثة غير مسبوقة لعمليات حفظ السلام في دارفور، مختلطة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي.

وبعد جهود دبلوماسية حثيثة بذلها الأمين العام للأمم المتحدة السابق، بان كي مون، وزعماء دوليون آخرون وافق السودان على استقبال هذه القوة في يونيو 2007.

أنشئت البعثة المشتركة رسمياً من قبل مجلس الأمن في 31 يوليو 2007 بعد تبنيه القرار 1769 تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتعرف البعثة اختصاراً بـ "يوناميد". تسلمت "يوناميد" مقاليد الأمور من "أميس" رسمياً في 31 ديسمبر 2007.
 
وجُدد التفويض (الولاية) سنوياً، وقد تمّ تجديده حتى 30 يونيو 2016، بعد تبني مجلس الأمن القرار 2228 (2015) في 29 يونيو.

 دور البعثة

تشمل المهام الرئيسية للبعثة حماية المدنيين من دون المساس بمسؤولية حكومة السودان، وتيسير إيصال المساعدة الإنسانية التي تقدمها وكالات الأمم المتحدة والجهات المعنية الأخرى، وضمان سلامة وأمن موظفي المساعدة الإنسانية، حسب موقعها الإلكتروني.

وتتولى البعثة دور الوساطة بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة غير الموقعة على أساس وثيقة الدوحة للسلام في دارفور، كما كانت تدعم الوساطة في نزاع المجتمعات المحلية، بما في ذلك عن طريق التدابير الرامية الى التصدي لأسبابه الجذرية، بالتعاون مع فريق الأمم المتحدة القطري.

اتفاق سلام

وبعدما أطاح الجيش بالبشير في أبريل 2019، بعد أشهر من الاحتجاجات ضده، تم توقيع اتفاق سياسي لتقاسم السلطة بين العسكريين والمدنيين في أغسطس، وتشكلت حكومة انتقالية لمدة 3 سنوات.

وفي أكتوبر الماضي، وقعت الحكومة الانتقالية اتفاق سلام تاريخياً بين الحكومة السودانية و"الجبهة الثورية"، التي تضم عدداً من الحركات الدارفورية المسلحة، في جوبا عاصمة دولة جنوب السودان.

وأقر اتفاق السلام نشر قوة قوامها 12 ألف جندي لحماية المدنيين في إقليم دارفور، نصفهم من القوات النظامية والنصف الآخر من مقاتلي تنظيمات "الجبهة الثورية" بعد إعادة دمجهم في الجيش القومي.