"العويس الثقافية" تُطلق أول مهرجان شعري عربي افتراضي

time reading iconدقائق القراءة - 8
البوستر الدعائي لمهرجان العويس الشعري الأول - مؤسسة العويس الثقافية
البوستر الدعائي لمهرجان العويس الشعري الأول - مؤسسة العويس الثقافية
بيروت-رنا نجار

تفتتح مؤسسة "سلطان بن علي العويس الثقافية" في دبي، عند السابعة من مساء الأربعاء، بتوقيت الإمارات، مهرجانها الشعري الأول الممتد على مدار يومين. 

ويُعد المهرجان الشعري، هو الأول في المنطقة الذي يُعقد افتراضياً، إذ يمكن للجمهور متابعة الأمسيات عبر منصة "زووم"، أو عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي التابعة للمؤسسة.

ويشارك في المهرجان نخبة من الشعراء في العالم العربي وهم جاسم الصحيح من السعودية، وصالحة غابش، وكريم معتوق، ومحمود نور، من الإمارات العربية المتحدة، وأحمد الشهاوي من مصر، ويوسف أبو لوز من فلسطين، وقمر صبري الجاسم من سوريا.

كما يشارك أيضاً عارف الساعدي من العراق، ومحمد عبد القادر سبيل من السودان، ومحمد بابا حامد من موريتانيا، وهمدان دماج من اليمن، ويدير وقائع المهرجان الشاعرين إبراهيم الهاشمي من الإمارات وعبده وازن من لبنان.

وحول فكرة المهرجان وأهدافه، وجدوى الأمسيات الافتراضية الشعرية تحديداً، رغم أن هذا النوع الأدبي العربي هو ابن الساحات والمنابر وسوق عكاظ، ويعتمد في إلقائه على الفعل وردّة الفعل بين الشاعر والمتلقي، التقت "الشرق"، المشرف على المهرجان الشاعر السوري حسين درويش، والمُشاركين جاسم الصحيح وصالحة غابش.  

فرصة للتواصل

ونظّمت مؤسسة العويس الثقافية، مجموعة من المهرجانات والملتقيات والحلقات النقاشية السنوية الافتراضية الناجحة التي لاقت إقبالاً جماهيرياً جيداً، في ظل ظروف جائحة كورونا، إذ انتقلت معظم الأنشطة من أرض الواقع إلى العالم الافتراضي، ومن بينها الأنشطة الفكرية والحلقات النقاشية. 

لكن بالنسبة للشعر، "كانت الفكرة أن يكون هناك مهرجان شعري وإن كان افتراضياً، للتواصل بين شعراء المناطق العربية، إذ أتاحت التقنية الحديثة قنوات افتراضية، هي فرصة لتبادل الأفكار للتلاقي الثقافي العربي، لأن كثيراً من الأنشطة التي على أرض الواقع لم تتم وتغيرت مواعيدها، بما فيها معارض الكتب التي تُنظم على هامشها الكثير من الأنشطة"، وذلك حسبما قال حسين درويش. 

عودة البريق إلى الشعر

ووفقاً لدرويش، كانت فكرة المهرجان الشعري الأول موجودة في أجندة المؤسسة، ولم يكن هناك توجه افتراضي لشكله، بل كان "هناك توجه لأن يكون مهرجاناً شعرياً تقيمه مؤسسة عريقة يلتقي فيه الشعراء العرب، لأن المهرجانات الشعرية فعلياً أصبحت قليلة، بل تكاد تكون نادرة".

وأضاف المشرف على المهرجان: "أردنا من خلال هذا المهرجان أن نُحيي هذا التقليد الكبير في الثقافة العربية، وأن نعطيه الوهج والبريق مجدداً، على اعتبار أن المهرجانات الشعرية تعيد للشعر المكانة الأبرز والأهم في الثقافة العربية، لأن معظم الأنشطة في السنوات العشر الأخيرة، تتجه نحو الرواية أو الفنون الأخرى". 

وذكّر أن مؤسسة العويس تنتصر لكل الفنون الأدبية وفي مقدمتها الشعر، وفاز في جائزتها الأدبية عدد كبير من أبرز شعراء العربية.

أما الهدف من هذا المهرجان الذي ينحصر في إلقاء القصائد، فهو "إعادة البريق وإعادة الوهج والضوء إلى الشعر العربي، وخاصة الأصوات التي ستشارك في هذا المهرجان، وهي أصوات شعرية مميزة في الساحة العربية". بحسب درويش.

 

الحضور الإنساني

وحول المعايير التي اتبعت لانتقاء المشاركين، قال الشاعر السوري حسين درويش: "أردنا أن يكون المهرجان ذا صبغة عربية، وكنا نتطلع إلى التنوع، ولكن أردنا أن تكون هناك توافقات من حيث التوجّه الفني لدى هؤلاء الشعراء الذين ينتمون إلى بيئة شعرية متقاربة فنياً أو متجانسة". 

أما المعيار الأهم فهو "المثابرة، وأن يكون للمشارك في المهرجان منتج شعري معروف مع الاستمرارية، بأن يكون قد صدر له ديوان أو ديوانان على الأقل خلال 20 عاماً، واستمر في الكتابة، فالقاسم المشترك الأعظم بين كل هؤلاء الشعراء أنهم يثابرون على كتابة الشعر وفي نصهم مكابدات الإنسان العربي، ووجود حضور إنساني كبير في قصائدهم".

وتابع درويش: "لا توجد ثيمة معينة لطبيعة القصائد التي ستُلقى خلال المهرجان، فهذا متروك للشعراء، ليختاروا النصوص التي يرغبون في قراءتها، مدركين أن حساسية النص الشعري عبر المنصات الافتراضية ليست، كحساسيته في قاعات القراءة على أرض الواقع".

التكنولوجيا ومساحات جديدة

وأكد حسين درويش أن المؤسسة ستنظم لاحقاً مهرجانات أخرى نصف سنوية، أو ربما تكون على فترات مختلفة ربع سنوية، وذلك حتى تستمر عملية الامتداد، وتحقيق الفائدة، وتعميم الثقافة، في عموم المنطقة العربية. 

وأردف: "التكنولوجيا المعاصرة الافتراضية عبر تطبيق (زووم) ساعدتنا للوصول إلى بقاع عربية لم نكن نصل إليها سابقاً، وأن يستمع إلينا جمهور في أقاصي المغرب والجزائر مثلاً".

وتابع: "حتى خارج إمارة دبي، هناك جمهور لم يكن يستطع حضور الأمسيات والندوات نظراً لبُعد المنطقة جغرافياً عن موقع الحدث، وبسبب الازدحام أو ظروف انشغال البعض من محبي الشعر أو محبي الأنشطة الثقافية، كل هذا ساعدنا في التفكير في إطلاق مهرجان افتراضي".

وختم درويش حديثه لـ"الشرق": قائلاً" المهرجان افتراضي في دورته الأولى، ولكن في دورات لاحقة سيصبح واقعياً، وسيقام في مقر مؤسسة العويس الثقافية بدبي، أسوة بالأنشطة السابقة التي قمنا بها".

تجربة مختلفة

ويرى الشاعر السعودي جاسم الصحيح، أن هناك فرقاً شاسعاً يشعر به الشاعر شخصياً بين أن يكون وجهاً لوجه أمام الجمهور، وبين الظهور عليهم عبر العالم الافتراضي. 

وأضاف الصحيح: "المشاعر تختلف في لحظة الإلقاء، وجود الجمهور يعطي الشاعر دفعة مختلفة للإلقاء: تفاعل، معنويات، مشاعر متجددة مع كل بيت يلقيه، بينما المشاركة عبر وسائل التواصل الاجتماعي هي من باب (خير من لا شيء)". 

وكان لـ"جاسم"، مشاركات في أمسيات شعرية افتراضية، ولكن ليست ذات طابع مهرجاني، وعن هذا قال: "أن تقام مهرجانات عبر (زووم) خير من ألا تقام نهائياً، ولا توجد مقارنة على الصعيد الشعوري والإنساني والصعيد الإبداعي، بين المشاركة وجهاً لوجه أو مواجهة الجمهور افتراضياً". 

مشهد مختلف للإبداع

بدورها، ترى الشاعرة الإماراتية صالحة غابش، أن الظروف الصحية التي يمر بها العالم، أجبرت الجميع على التواصل افتراضياً في مجالات التعليم والعمل وصولاً إلى الملتقيات الفكرية التي لا بد من أن تستكمل طريقها في برامج التنمية الثقافية، مهما كانت الظروف والتحديات.

وكانت النافذة الافتراضية، والحديث لغابش، التي تحدينا بها التوقف الذي اضطررنا إليه لوهلة حتى أفقنا على ضرورة أن نكمل هذا البناء الإبداعي الذي سيستمر بناؤه أجيالاً وأجيالاً طالما أنه يرسم الهوية الحضارية لأي مجتمع، وأن ندعم الأفكار كي لا تتوقف خطواتنا في طريق هذا البناء الثقافي المهم". 

وأشارت غابش في هذا السياق، الى أن الأمسيات الشعرية أو أي مهرجان أدبي لا بد له من التأقلم مع الوضع القائم، وعلى كلا الطرفين- الشاعر والمتلقي- أن يجدا طريقاً للتواصل الذهني والوجداني مع القصيدة.

ولفتت إلى أن الظرف الحالي "يجب ألا يمنعنا من التفاعل مع اللغة الشاعرة بما تتضمنه من كلمة ومعنى وخيال وأبعاد معرفية ووحدانية، حتى وإن كان المنبر افتراضياً". 

ورغم غياب الاتصال البصري والسماعي المباشر بين الشاعر والجمهور،  ترى غابش أن هذا قد يحفز ما هو أعمق من هذه الحواس، رغم حضورها لحظة الإلقاء والاستماع، فالأفكار المطروحة يمكن أن تؤسس لمشهد مختلف للإبداع.