
كشفت تايوان خططاً لرفع إجمالي إنفاقها على الجيش بنحو 14% العام المقبل، ممّا يساهم في ما يُتوقع أن تكون زيادة قياسية في موازنة الحكومة، فيما تعزز دفاعاتها لمواجهة نشاط عسكري صيني كثيف.
تزامن ذلك مع إعلان وزارة الدفاع التايوانية أن الجزيرة ستبدأ العام المقبل بنشر أنظمة دفاع بطائرات مسيّرة على جزرها البحرية، بعد تسجيلات مصوّرة وُصفت بـ"المذلة"، لجنود تايوانيين يرشقون مسيّرة صينية بحجارة، أثناء تحليقها فوق موقع حراسة قرب ساحل الصين.
ويأتي ذلك في ظلّ توتر مع الصين، التي كثفت نشاطاتها العسكرية بشكل كبير قرب تايوان، ونفذت مناورات وتدريبات حربية ضخمة، بعد زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة مطلع الشهر الجاري.
وأعلنت وزارة الدفاع التايوانية أن 5 مقاتلات صينية حلّقت، الخميس، عبر "خط الوسط"، الذي يشكّل حاجزاً بين الدولتين في مضيق تايوان، فيما تواصل بكين نشاطاتها العسكرية قرب الجزيرة.
وأفادت وكالة الأنباء المركزية التايوانية الرسمية، بأن مشرعين أميركيين سيصلون إلى تايوان مساء الخميس، مضيفة أنهم سيلتقون الرئيسة تساي إينج ون. وستكون هذه ثالث مجموعة من المشرعين الأميركيين الذين يزورون الجزيرة هذا الشهر، بحسب وكالة "رويترز".
مواجهة التوغلات العسكرية الصينية
ووقّعت الحكومة الخميس، على خطط الإنفاق لعام 2023. وأوضح مسؤولون خططاً لزيادة موازنة الدفاع السنوية إلى 397.4 مليار دولار تايواني (13.2 مليار دولار)، فضلاً عن اقتراح بتضمين موازنة خاصة إضافية لشراء معدات عسكرية.
وبذلك يرتفع إجمالي الإنفاق العسكري إلى مستوى قياسي يبلغ 586.3 مليار دولار تايواني (19.4 مليار دولار أميركي)، بزيادة نسبتها 13.9% عن عام 2022، حسبما أفادت "بلومبرغ".
وأبرز هؤلاء المسؤولين الحاجة إلى تخصيص مزيد من الأموال، من أجل مواجهة التوغلات العسكرية الصينية، من خلال تخصيص زيادة بنسبة 25.4% في الإنفاق التشغيلي.
وقال أبرز خبراء الإحصاء في الحكومة التايوانية، تشو تزير مينج: "شهدت موازنة الحفاظ على العمليات أكبر زيادة بين فئات الإنفاق الدفاعي هذا العام، استجابة للوضع عبر المضيق. على الطائرات الحربية الإقلاع والسفن الحربية الإبحار، وكل ذلك يؤدي إلى ارتفاع النفقات".
إنفاق قياسي
وإضافة إلى الموازنة الدفاعية المقترحة، تقترح الحكومة التايوانية تخصيص مبلغ 108.3 مليار دولار تايواني إضافي، للإنفاق على المقاتلات ومعدات عسكرية أخرى.
ويشكّل هذا الاقتراح، الذي يسجّل رقماً قياسياً ويتطلّب مصادقة البرلمان، زيادة في الإنفاق الدفاعي للعام السادس على التوالي في الجزيرة، منذ عام 2017، كما أفادت "رويترز".
وأعلنت تايوان العام الماضي عن موازنة دفاعية إضافية بقيمة 8.69 مليار دولار، بحلول عام 2026، تُضاف إلى الإنفاق العسكري السنوي، ومعظمها على أسلحة بحرية، بما في ذلك صواريخ وسفن حربية.
وجعلت الرئيسة التايوانية تحديث القوات المسلحة أولوية، لكن تلك الصينية تفوقها قوة وعدداً.
رشق مسيّرة صينية بحجارة
وشكت تايوان من غارات صينية متكرّرة بمسيّرات، قرب جزرها البحرية، في إطار المناورات والتدريبات بعد زيارة بيلوسي.
ويُظهر التسجيل المصوّر الوجيز الذي تم تداوله أولاً على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، قبل أن تنشره وسائل الإعلام التايوانية، جنديين يرشقان مسيّرة بحجارة، بعدما اقتربت من موقع حراستهما.
وأعلنت القيادة الدفاعية لمجموعة جزر كينمن التي تسيطر عليها تايوان وتقع قبالة مدينتَي شيامن وتشوانتشو الصينيتين، أن الحادث وقع في 16 أغسطس في جزيرة إردان، وأكدت أن الجنود ألقوا حجارة لإبعاد مسيّرة مدنية.
واعتبرت هذه القيادة أن التسجيل هو مثال آخر على "حرب إدراكية" تشنّها الصين على تايوان، ومحاولة لـ"تشويه سمعة" قواتها المسلحة.
وذكرت وزارة الدفاع التايوانية أنها ستنشر أنظمة مضادة للمسيّرات، بدءاً من العام المقبل، وستُنصب أولاً على الجزر الأصغر حجماً.
وأضافت أن "الضباط والجنود على كل المستويات، سيواصلون توخي اليقظة وفقاً لمبدأ عدم تصعيد نزاعات أو إثارة خلافات".
ولم تعلّق بكين على التسجيل المصوّر الذي شاهده الملايين على مواقع التواصل الاجتماعي الصينية، وسخر منه مستخدمون.
كذلك أثار نقاشاً ساخناً في تايوان، إذ وصف مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي الحادث بأنه "إذلال" للقوات المسلحة في الجزيرة، وحضّوا وزارة الدفاع على تكثيف إجراءاتها المضادة لغارات المسيّرات، المتكررة بشكل متزايد، بحسب "رويترز".
ووصف وانج تينج يو، وهو نائب بارز في "الحزب الديمقراطي التقدمي" الحاكم بتايوان، الحادث بأنه "خطر جداً" وتساءل عن سبب عدم ردّ وزارة الدفاع التايوانية على هذا التوغل.
وقال: "المسيّرة كانت تحلّق فوق جنودنا في حالة حراسة، ولكن لم يكن هناك ردّ. إذا تركتهم يأتون ويذهبون بحرية، فهذا إهمال في الواجب".
مسؤول تايواني في الصين
إلى ذلك، وصل أندرو هسيا، نائب رئيس حزب "كومينتانج"، أبرز تشكيلات المعارضة في تايوان، إلى الصين من أجل ما قال حزبه إنها زيارة مخطّطة مسبقاً لمجتمع الأعمال التايواني، والتقى الأربعاء تشانج تشيجون، رئيس الرابطة الصينية للعلاقات عبر مضيق تايوان، وهي هيئة شبه رسمية تتولى ملف العلاقات مع الجزيرة.
وانتقدت الحكومة التايوانية هسيا، بسبب توقيت زيارته، وتحفظ قياديون في "كومينتانج" على الرحلة، وفق "رويترز".
وأعلن الحزب أن هسيا أجرى محادثات "صريحة" مع تشانج، ونقل عن نائب رئيسه قوله إنه "يريد أن يعكس الرأي العام في تايوان، ويجب ألا يكون حديثه منمّقاً".
وأضاف أن "الأولوية تمثلت في نقل استياء الشعب التايواني وقلقه إزاء التدريبات العسكرية المستمرة للبرّ الرئيس (الصين)، في المياه المحيطة بتايوان". ووصف الحزب الاجتماع، الذي تم على عشاء، بأنه تبادل صادق للآراء بين الجانبين.
في المقابل أفادت وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) بأن تشانج، الذي تولّى سابقاً رئاسة "مكتب شؤون تايوان"، وصف الوضع الحالي بأنه "توتر واضطراب".
وأضاف أن "الإجراءات المضادة ذات الصلة التي اتخذناها، هي خطوة عادلة للدفاع عن السيادة الوطنية وسلامة الأراضي، والحدّ من الانقسام والتدخل الأجنبي بشأن (استقلال تايوان)".
ويتمتع حزب "كومينتانج" تقليدياً بعلاقات وثيقة مع الصين، رغم إدانته مناوراتها الحربية. وحكم الحزب الصين، قبل فرار أعضائه إلى تايوان في عام 1949، بعدما خسر في الحرب الأهلية مع القوات الشيوعية بقيادة ماو تسي تونج، التي أسّست "جمهورية الصين الشعبية".
اقرأ أيضاً: