
توقفت معظم القطارات في فرنسا وأغلقت مصافي النفط وتراجع إنتاج الكهرباء، الثلاثاء، مع بدء حركة إضرابات وتظاهرات واسعة في البلاد، احتجاجاً على إصلاح نظام التقاعد الذي اقترحه الرئيس إيمانويل ماكرون، إذ قررت النقابات "شلّ" البلاد.
وخرج العديد من المتظاهرين منذ صباح الثلاثاء للاحتجاج، كما أغلقت طرق وتوقفت حركة النقل في محطات سكك الحديد والحافلات.
وقال الأمين العام للنقابة الإصلاحية لوران بيرجي: "أدعو موظفي هذا البلد، أدعو المواطنين والمتقاعدين للتظاهر بكثافة"، مضيفاً: "لا يمكن لرئيس الجمهورية أن يستمر في تجاهله لتحركنا".
وهذا سادس يوم تحرك، منذ 19 يناير، ضد إصلاح نظام التقاعد. وتتركز المعارضة بصورة خاصة على بند من هذا الإصلاح ينص على رفع سن التقاعد القانوني من 62 إلى 64 عاماً، ويصطدم بمعارضة غالبية الفرنسيين باعتباره "ظالماً"، خصوصاً للموظفين العاملين في وظائف صعبة.
منذ أسابيع زادت النقابات الضغط، وأعلنت للشعب الفرنسي أن عليه الاستعداد للعيش لمدة 24 ساعة في بلد "مشلول"، داعية الى تظاهرات ضخمة وإضرابات قابلة للتجديد في قطاعات استراتيجية في محاولة لحمل الحكومة على سحب المشروع.
وكانت النقابات تطمح لتحقيق تعبئة أفضل منها في 31 يناير، عندما أحصت الشرطة 1.27 مليون متظاهر والنقابات أكثر من 2.5 مليون في شوارع فرنسا.
"الحكومة الفرنسية تتفهم.. ولكن"
قالت رئيسة الوزراء إليزابيث بورن لقناة "فرانس 5": "أستطيع أن أفهم أنه ليس هناك كثير من الناس يرغبون في العمل لعامين آخرين، لكن من الضروري ضمان استمرارية نظام العمل".
ورفضت الحكومة حتى الآن التراجع عن خطتها، على الرغم من حراك الأيام الخمسة الماضية.
ويراهن ماكرون على قسم كبير من رصيده السياسي في هذا المشروع الأبرز خلال ولاية ثانية من خمس سنوات، إذ يرمز إلى عزمه على الإصلاح، غير أنه يبلور اليوم استياء قسم من الفرنسيين حياله.
وقال ماكرون: "نعلم جميعاً لكوننا نعيش حتى عمر أكبر، أن لا معجزة. إذا أردنا الحفاظ على نظام يقوم على التوزيع، فعلينا العمل لفترة أطول. أنا لا أقول إن هذا شيء يسعدنا، هذا لا يسعد أحداً"، آمل أن يتم تحكيم "المنطق".
وقام سائقو الشاحنات بنشر حواجز منذ صباح الاثنين، ما زاد الاضطرابات المتوقعة في وسائل النقل فجر الثلاثاء. كما سيجدد المعلمون إضرابهم.
وحذّرت شركة سكك الحديد الوطنية والمؤسسة التي تدير شبكة مترو باريس من أن رحلات الخطوط ستتأثر بشدة، الثلاثاء. ويتواصل خفض الإنتاج في قطاع الكهرباء الذي بدأ تحركه الجمعة.
وتتوقع النقابات المزيد من المبادرات غير المعتادة مثل وقف ورش البناء وإغلاق المتاجر والطرقات.
وحمل مشروع القانون المتعلق بهذا الإصلاح المطروح للنقاش في مجلس الشيوخ ملايين الفرنسيين على النزول إلى الشارع، وأثار نقاشات حامية في الجمعية الوطنية.
وكتبت صحيفة "ليبيراسيون" في افتتاحية، أن هذا الإصلاح "لم يتم إعداده بشكل جيد"، منتقدة "الفوضى الوزارية والإخفاقات لدى عرضه أمام الفرنسيين ثم النواب".
السن القانونية للتقاعد في فرنسا تعد من الأدنى في أوروبا، دون أن تكون أنظمة التقاعد قابلة للمقارنة تماماً. واختارت الحكومة رفعها لمواجهة التدهور المالي لصناديق التقاعد وشيخوخة السكان.
وصوّت مجلس الشيوخ الذي يهيمن عليه اليمين، الاثنين، ضد توصية الحكومة ورغم معارضة اليسار، على إنشاء نوع جديد من عقد "نهاية الخدمة" لفترة غير محددة، لتعزيز توظيف أشخاص تبلغ أعمارهم 60 عاماً على الأقل.
وتختتم النقاشات في مجلس الشيوخ، الجمعة، ثم سيُحال النص على لجنة مشتركة تضم المجلسين، وفي حال الاتفاق يتعين عليهما اعتماده بشكل نهائي.