حنان الحاج علي: الكتابة المسرحية في لبنان تعيش مأزقاً كبيراً 

time reading iconدقائق القراءة - 5
الممثلة والمخرجة المسرحية اللبنانية حنان الحاج علي - الشرق
الممثلة والمخرجة المسرحية اللبنانية حنان الحاج علي - الشرق
بيروت-رنا نجار

نالت المسرحية والناشطة الثقافية اللبنانية حنان الحاج علي جائزة "رابطة نساء المسرح المحترفات/ جيلنر كونيي الدولية"، التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، وتُمنح كل 3 سنوات لصانعات المسرح الرائدات حول العالم اللواتي يحملن في مسيرتهن هماً اجتماعياً تغييرياً.

وتتحدث حنان الحاج عن مسيرتها وآخر أعمالها "جوغينغ" المستمرة في تطويره وعرضه، على هامش الحفل المُرتقب الذي سيُقام افتراضياً في 15 فبراير المقبل، وذلك بجانب عرض فيلم من إعدادها حول علاقتها المتناقضة ببيروت قبل وبعد انفجار المرفأ الذي دمّر غالبية مسارحها.

وقالت حنان إن بيروت شرّحت علاقتها المتناقضة في "جوغينغ"، إذ تتنازعها قوتان، واحدة تدفع بها إلى الأمام وأخرى تدمّرها، متابعة: "مدينة حيّة تجمعني بها علاقتا شغف وكره لا حدود لهما، ولا تزال شوارع بيروت تحثني يومياً على الحلم، حيث تحوّلت المدينة إلى مسرح قائم على 360 درجة لطالما حلمتُ به".

وتُلقب في بيروت بـ"أم الهمم"، كونها صاحبة مبادرات رائدة أو شريكة فيها مثل"شمس" و"المورد الثقافي" و"مهرجان الربيع" و"العمل للأمل".

نافذة على العالم

وأعربت حنان الحاج علي، خلال حديثها لـ"الشرق"، عن سعادتها البالغة لفوزها بتلك الجائزة، وتعتبرها مفاجأة سارة أن تعترف جهة دولية بمستوى عملها ونضالها، واصفة الجائزة بـأنها "نافذة على العالم وانتصار صغير باتجاه التغيير".

وأضافت: "ما زاد من سروري أن 3 مسرحيات عربيات (أنا ومايا زبيب من لبنان وإيمان عون من فلسطين) رُشّحنا للجائزة المهتمة بالإضاءة على المرأة العربية كفنانة لديها رؤية في المسرح ودوره في المجتمعات المحيطة بها".

المسرح لا يموت

وشددت على تفاؤلها بالمسرح، إذ تعتبره "لا يموت بل يتطوّر ويغيّر جلده ويعمل على توليد نفسه من جديد ومحاكاة العصر".

ولا تزال بطلة فيلمي "عائد إلى حيفا" و"باب الشمس" تحلم بلعب دور ألماسة زوجة نقيب الأشراف في مسرحية "طقوس الإشارات والتحوّلات" للراحل سعدالله ونوس، التي تعتبرها "من أجمل النصوص المسرحية".

وقالت "جيلنا وجيل زوجي المسرحي روجيه عساف ومن بدأ معنا في مسرح الحكواتي عام 1978، جئنا من السياسة إلى المسرح، لأننا نؤمن بأن الثقافة هي فعل سياسي، وكنا ولا نزال معنيين بالسياسة بمعناها الشامل وبالمواطنة والعدالة الاجتماعية والحريات، فحمل مسرحنا هماً اجتماعياً وطموحاً بالتغيير الراديكالي".

وأكدت: "أنا مناضلة ومغامِرة عملت في التعليم المدرسي والجامعي وفي التدريب لتجني قوتها وقوت أولادها، مسخّرة كل شيء من أجل صناعة المسرح والاستمرار فيه، فإذا بقينا في دائرة الاعمال الآمنة والسهلة لن نكون فنانين حقيقيين".

أزمات الكتابة

وترى أن "الكتابة المسرحية في لبنان تعيش مأزقاً ليس جديداً في ظل غياب المسار التعليمي والتطبيقي، فلا يوجد مدرسة محترفة لذلك، ولا يوجد أي سياسة لتمويل ورش كتابة حقيقية يتمخض عنها نصوص مسرحية أو تيار مسرحي لبناني، فصقل هذه الموهبة يبقى فردياً بحتاً".

وأضافت: "الكتابة المسرحية في لبنان لا تزال تبحث عن نفسها حالياً وذلك خلافاً للتجربة السورية، مثلاً، التي تطوّرت كثيراً بعد تسعينات القرن الماضي خصوصاً بعد ورش كتابة مكثفة أجراها مسرح (رويال كورت) الإنجليزي في دمشق وورش مسرح الشارع".

صانعة مسرح

وتعتبر الحاج علي نفسها "صانعة مسرح" وليست كاتبة، إذ ترى أن التأليف لديها عبارة عن مجموعة عوامل هي العلم والميراث وتراكم التجارب والموهبة.

وقالت: "أشعر أنني أحمل مخزوناً لغوياً نابعاً من الخيال الاجتماعي ومخزوناً أدبياً وغنى، ولدي أسلوب خاص في كتابة مسرحياتي بنيتُه خلال رحلةٍ عمرها سنوات من التمرس"، موضحة: "علاقتي بالكتابة تطورت بدءاً من مشاهد ومقاطع وفصول وانتهت بكتابة مسرحية كاملة وتقبّل الجمهور هذه التجارب بحماسة".

ووصفت جمهورها بقولها: "نقطة قوتي ودهشتي"، موضحة: "لدي مهارات للتعاطي معه بشكل ذكي استمديتها من بيئتي الشعبية التي تربيت في كنفها، فتحريك المياه الراكدة بالجمهور يحتاج إلى إتقان لغات ولهجات متعددة".

لست إرهابية!

وعلّقت "الحاج علي" على دهشة البعض لمناقشتها قضايا تتعلق بالتحرر رغم التزامها بالحجاب، قائلة: "ارتديت الحجاب وأنا طالبة في جامعة سان دياغو في الولايات المتحدة، فيما لم أجرؤ على ذلك في بيروت حيث كان هذا الخيار الشخصي مرفوضاً من المتحررين والطائفيين والملتزمين دينياً على حد سواء".

وأكدت أن "التناقض بين الالتزام الديني المرِن والتحرر المسرحي أغناني ولم يحدّني ولم يكبّلني يوماً"، متابعة: "وجدت نفسي خلال العقدين الأخيرين، في تحدٍ دولي لأثبت في كثير من جولاتي أن المحجبة ليست إرهابية كما يصوّرونها الآن".

وأشارت إلى أن بيئتها في لبنان كانت تعتبر الفنانة امرأة سيئة السمعة، لافتة إلى دخولها في مواجهة مع المجتمع الثقافي وضغوطاته لتثبت أن لا أحد يمكنه إيقاف الفنان الحقيقي.

اقرأ أيضاً: