سوريا والتعاون الاقتصادي محور قمة روسية إيرانية تركية في طهران

time reading iconدقائق القراءة - 7
قمة في سوتشي جمعت قادة دول روسيا وإيران وتركيا - 14 فبراير 2019 - REUTERS
قمة في سوتشي جمعت قادة دول روسيا وإيران وتركيا - 14 فبراير 2019 - REUTERS
دبي -الشرق

في خضم الحرب التي يخوضها في أوكرانيا، وصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى طهران، الثلاثاء، ليبحث مع نظيريه الإيراني إبراهيم رئيسي والتركي رجب طيب أردوغان ملفات سياسية واقتصادية مختلفة أهمها التطورات في سوريا، والتعاون الاقتصادي، وآليات تصدير الحبوب العالقة في موانئ أوكرانيا.

ووصل الرئيس التركي، مساء الاثنين، إلى العاصمة الإيرانية طهران لحضور القمة الثلاثية السابعة لمسار "أستانة"، والهادفة لبحث التطورات الحالية في سوريا.

وستتيح اللقاءات الثنائية التي ستعقد في طهران على هامش القمة الثلاثية، الثلاثاء، ويجمع أحدها بين بوتين وأردوغان للمرة الأولى منذ غزو أوكرانيا في فبراير الماضي، البحث في ملفات شائكة مثل تداعيات هذه الحرب والاتفاق النووي الإيراني والأزمة السورية.

أزمة الحبوب

من المتوقع أن يبحث الرئيس الروسي ونظيره التركي في طهران آليات تصدير الحبوب الأوكرانية العالقة في موانئ أوكرانيا بسبب الغزو الروسي، خشية نشوب أزمة غذائية عالمية، بحسب وكالة "فرانس برس".

ومن المقرر أن تجري في تركيا محادثات بين موسكو وكييف وأنقرة والأمم المتحدة هذا الأسبوع بعد تقدّم سُجل خلال مفاوضات الأسبوع الماضي. 

وقال المستشار الدبلوماسي للكرملين يوري أوشاكوف، الاثنين، حسبما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسية، "أولاً، نحن مستعدون لمواصلة العمل في هذا الاتجاه، وثانياً سيتم بحث هذه المسألة بين الرئيسين" بوتين وأردوغان.

في المقابل، أكد وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، الاثنين، "التوصل إلى اتفاق مبدئي" مع أوكرانيا وروسيا لإنشاء ممر بحري آمن يسمح بنقل الحبوب.

وبحسب مصدر رسمي طلب عدم الكشف عن هويته، قد يُعقد اجتماع جديد "الأربعاء أو الخميس" بعد قمة طهران، بحسب وكالة "فرانس برس".

الأزمة السورية

ستتضمن اللقاءات أيضاً الحديث عن تطورات الأزمة في سوريا، وذلك في ظل تلويح أردوغان منذ شهرين بشنّ عملية عسكرية ضد مناطق تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية التي يشكل المقاتلون الأكراد عمودها الفقري، تنطلق من الحدود التركية وتمتد إلى منطقتي منبج وتل رفعت في ريف محافظة حلب شمال سوريا.

 وتخشى أنقرة وجوداً قوياً لأكراد سوريا عند حدودها، ما قد يعزّز موقع حزب العمال الكردستاني المتمرد داخلها والذي تصنفه "منظمة إرهابية".

سبق لموسكو أن أعربت عن أملها في أن "تحْجِم" أنقرة عن شنّ الهجوم، بينما حذر وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان من أن عملية مماثلة قد تؤدي إلى "زعزعة أمن المنطقة".

وأوضح عبد اللهيان، الاثنين، أن القمة في طهران "تعقد في ظروف نأمل من خلالها أن نتمكن من تكريس الهدف المهم لصيغة أستانة، والذي يتمثل في خفض التوتر بمناطق الاشتباك".

وأضاف: "خلال الزيارة التي قمت بها مؤخراً إلى أنقرة ودمشق، كنت أحمل رسالة من رئيس الجمهورية لنتمكن من إدارة الأزمة التي برزت الآن في المجال الأمني بين تركيا وسوريا".

ولفت إلى أن تركيا "تتحدث عن احتمال تنفيذ عمليات عسكرية إلى عمق 30 كيلومتراً في الحدود السورية، ونحن بذلنا جهودنا عبر المسار السياسي لحلحلة هذه الأزمة ورفع المخاوف الأمنية التركية".

بدوره، اعتبر المتحدث باسم الرئاسة الروسية دميتري بيسكوف أن "عملية التسوية السورية صيغة مهمة للغاية أظهرت قابليتها للتطبيق، وهي الصيغة الدولية الوحيدة التي تسهم بالفعل في التسوية السورية الآن".

وذكر أن "قضايا التعاون الثنائي مع إيران وتركيا، بما في ذلك الحوار السياسي، ستكون في صميم المفاوضات مع رئيسي البلدين".

وقال: "بالطبع، ستتاح لنا الفرصة لمناقشة العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها العلاقات التجارية والاقتصادية مع إيران وتركيا، وآفاق وسبل استمرار الحوار السياسي مع كل من إيران وتركيا".

التعاون الاقتصادي

وتخطط روسيا التي تعاني اقتصادياً، في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها بسبب الحرب الأوكرانية، لرفع علاقاتها مع إيران إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، بحسب يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي.

وتشترك إيران وروسيا في موقفهما السياسي المناهض للغرب، ولكنهما تضررتا من العقوبات الغربية لأسباب مختلفة، حيث تضررت طهران جرّاء برنامجها النووي، أما موسكو فبسبب "أفعالها" في أوكرانيا.

وطوال العقد الماضي حاولت إيران إيجاد طرق لتجنب العقوبات عن طريق بيع النفط إلى الصين التي لم تنفذ العقوبات الأميركية بشكل كامل، وإرسال الوقود الأحفوري المُعالَج مثل الأسفلت والبتروكيماويات والبنزين وغاز البترول المسال إلى الأسواق في الهند وتركيا وأفغانستان، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وهذه الاستراتيجية آتت ثمارها، إذ قفزت قيمة مبيعات النفط الإيراني الدولية بنسبة 91% خلال الأشهر التسعة المنتهية في ديسمبر الماضي إلى 27.9 مليار دولار، أي نصف دخل صادرات البلاد، حسب بيانات البنك المركزي الإيراني.

وتسعى روسيا إلى الاستفادة من التجربة الإيرانية في مجال الالتفاف على العقوبات، إذ سبق أن طرح الرئيس الروسي السابق ونائب رئيس مجلس الأمن ديمتري ميدفيديف، في مطلع يونيو، فكرة إمكانية روسيا القيام "بتأمين نفسها بنفسها والالتفاف على عقوبات الاتحاد الأوروبي"، وفق قوله.

وتتربع روسيا على عرش الغاز بامتلاكها أكبر احتياطي في العالم، فيما تعد ثاني أكبر منتج عالمياً بعد الولايات المتحدة، حيث بلغ إنتاجها خلال العام الماضي نحو 762 مليار متر مكعب.

أما في قطاع النفط، فتستحوذ روسيا على 14% من إجمالي المعروض العالمي، فيما بلغ إنتاجها خلال عام 2021 نحو 10.5 مليون برميل يومياً.  

وإلى جانب روسيا، تأتي إيران كأحد كبار المنتجين في قطاع الطاقة، فهي تمتلك ثاني أكبر احتياطيات من الغاز الطبيعي بعد روسيا بإجمالي احتياطيات يقارب 34 تريليون متر مكعب، بحسب بيانات منظمة أوبك.

 تجاوز إنتاج طهران من الغاز خلال العام الماضي 18 مليار متر مكعب، في حين تحول العقوبات دون ضخ إيران مزيداً من الخام في أسواق النفط، حيث بلغ إجمالي الإنتاج من الخام نحو 2.4 مليون برميل يومياً خلال 2021.

وخلافاً لروسيا وإيران، فإن تركيا لا تمتلك قدرات إنتاجية تضاهي البلدين في قطاعات الوقود الأحفوري، إلا أنها تعتمد بشكل كبير على الواردات لتأمين احتياجاتها من الطاقة، وفقاً لإدارة التجارة الدولية الأميركية التي أشارت إلى أن أنقرة تنفق أكثر من 40 مليار دولار سنوياً على واردات موارد الطاقة.

ويلبي إنتاج النفط المحلي 7% فقط من الطلب، لذلك تستورد تركيا ما يقرب من 260 مليون برميل من النفط. فيما بلغ إجمالي واردات البلاد من الغاز في عام 2021 نحو 61.6 مليار متر مكعب، بزيادة سنوية قدرها 23%، وفقاً لبيانات شركة خطوط أنابيب البترول التركية "بوتاس".

إن روسيا وإيران مَصدران هامان لموارد الطاقة التركية، بحسب وزير الطاقة التركي الذي قال إن بلاده "تعتمد على موسكو بنسبة 45% في إمداداتها من الغاز الطبيعي و15% في احتياجاتها من النفط".

وتمد إيران تركيا بالغاز عبر خط أنابيب تبريز-أنقرة لتقدم طهران إلى أنقرة نحو 16% من احتياجاتها من الغاز في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021، وفقاً بيانات رسمية إيرانية.

تصنيفات