الصين تشيد بأول انتخابات في هونج كونج رغم "المقاطعة القياسية"

time reading iconدقائق القراءة - 10
يفرغون صندوق اقتراع بعد الانتخابات في هونج كونج - 19 ديسمبر 2021 - Bloomberg
يفرغون صندوق اقتراع بعد الانتخابات في هونج كونج - 19 ديسمبر 2021 - Bloomberg
دبي-الشرق

حقق المرشحون المؤيّدون لبكين نصراً في الانتخابات التشريعية التي شهدتها هونج كونج الأحد، في أول اقتراع عام تقتصر المشاركة فيه على "الوطنيين".

وسُجّلت نسبة تصويت منخفضة بشكل قياسي، لكن الصين اعتبرت أن آفاق الديمقراطية في المدينة "مشرقة".

وبعد ساعات على الاقتراع، أعلنت الرئيسة التنفيذية لهونج كونج، كاري لام، خططاً لإحياء قانون للأمن مثير للجدل، أثار عاصفة سياسية قبل عقدين.

وأفادت وكالة "أسوشيتد برس" بأن المرشحين الموالين لبكين فازوا بأغلبية المقاعد، فيما تحدثت وكالة "رويترز" عن فشل معظم المرشحين الذين وصفوا أنفسهم بأنهم معتدلون، بينهم النائب السابق المؤيّد للديمقراطية، فريدريك فونج، في الفوز بمقاعد.

ونقلت الوكالة عن فونج قوله: "ليس سهلاً دفع الناس (للتصويت). أعتقد بأنهم يشعرون بلا مبالاة". وأضافت الوكالة أن مرشحين فائزين، هتفوا في مركز فرز للأصوات: "فوز مضمون".

في المقابل، سُئلت ستاري لي، رئيسة "التحالف الديمقراطي من أجل التحسين والتقدّم في هونج كونج"، المؤيّد لبكين والذي فاز بنصف المقاعد المنتخبة بشكل مباشر، عمّا إذا كانت نسبة المشاركة المنخفضة تعني أن حزبها يفتقر إلى تفويض عام، فأجابت أن اقتصار المشاركة على "الوطنيين" ستحسّن الحوكمة في المدينة. وأضافت: "يحتاج الناس إلى بعض الوقت للتكيّف مع هذا النظام".

وتابعت: "جميع أعضاء المجلس التشريعي هم الآن وطنيون مخلصون للقانون الأساسي وحكومة هونج كونج، على رغم خلفياتهم. حتى بين الوطنيين، ستكون هناك وجهات نظر مختلفة بشأن السياسات وطرق تسوية المشكلات وكيفية الدعوة إلى التغيير في الحكومة".

"راضية عن الانتخابات"

وبلغت نسبة المصوّتين 30.2%، وهذا أدنى مستوى منذ سلّم البريطانيون المدينة إلى الصين، في عام 1997، علماً أن الانتخابات الماضية، التي نُظمت في عام 2016، شهت مشاركة 58,3% من المقترعين. وصوّت 1.35 مليون شخص، من بين 4.5 مليون ناخب مؤهل مسجّل. وفي المجموعات المهنية التي اختارت 30 مرشحاً، لم تكن نسبة المشاركة أعلى بكثير، إذ بلغت 32.2%.

كما أن لجنة مؤيّدة لبكين، تضمّ 1448 عضواً واختارت 40 نائباً، شهدت نسبة إقبال بلغت 98.5٪، علماً أن 20% فقط من المقاعد اختيرت بالاقتراع المباشر.

ونقلت وكالة "بلومبرغ" عن لام قولها في مؤتمر صحافي دوري الاثنين، إنها "راضية عن الانتخابات"، مشددة على "ضمان أن يحكم الوطنيون المدينة".

وأشارت إلى أن عدد الناخبين المسجلين بلغ 92.5%، وهذا رقم قياسي مقارنة بانتخابات 2012 و2016، حين تسجّل حوالى 70% من الناخبين. وتابعت: "بالنسبة إلى الناخبين المسجلين، فإن تقرير ما إذا كانوا يريدون ممارسة حقهم في التصويت في انتخابات معيّنة، هو أمر يخصّهم".

وزادت: "في هذه الانتخابات، أدلى 1.35 مليون ناخب بأصواتهم. إنهم لم يعيدوا فقط المرشحين الذين يختارونهم إلى المجلس التشريعي، وأعتقد بأن ذلك كان أيضاً بسبب دعمهم للنظام الانتخابي المحسّن"، كما أفادت "أسوشيتد برس".

وقالت لام: "عادت هونج كونج إلى المسار الصحيح، المتمثل في دولة واحدة بنظامين. لا يمكننا نسخ ولصق النظام، أو ما يُسمّى بالقواعد الديمقراطية للدول الغربية". وتحدث عن القضاء على العناصر "المعادية للصين" وترسيخ استقرار سياسي في المدينة، بحسب وكالة "فرانس برس".

"الإرادة الحقيقية للشعب"

ووصف مكتب الاتصال الصيني في هونج كونج، ممثل حكومة بكين بالإقليم، الانتخابات بأنها "ممارسة ناجحة للديمقراطية بخصائص هونج كونج".

وأصدرت الصين "كتاباً أبيض" الاثنين، اعتبر أن آفاق الديمقراطية في هونج كونج "مشرقة"، ومشيراً إلى أن بكين "أعادت النظام والديمقراطية إلى مسارها الصحيح" في المدينة.

وتطرّق إلى الاحتجاجات المناهضة لبكين والمؤيّدة للديمقراطية التي شهدتها المدينة طيلة سنوات، قبل أن تفرض الصين قانوناً للأمن القومي في عام 2020، وعزا هذه الاضطرابات إلى "قوى مناهضة للصين" و"أعداء أجانب" يدعمونها، متحدثاً عن "تطوير نظام الديمقراطية" في هونج كونج، من خلال تعديل أساليب انتخابات مجلسها التشريعي، بحسب "رويترز".

وكالة أنباء الصين الجديدة الرسمية (شينخوا) اعتبرت أن تصويت أكثر من مليون ناخب سحق "حملة مليئة بأكاذيب من قوى خارجية، فيما أظهر الإرادة الحقيقية للشعب في المدينة الصينية".

وأضافت: "بذلت قوى خارجية معيّنة عازمة على زعزعة استقرار الصين، جهوداً ضخمة لتعطيل النظام الانتخابي في المدينة، وذهبت إلى حدّ تحريض الناخبين علناً على مقاطعة الانتخابات أو الإدلاء بأصوات بيضاء. هذه الجهود للتدخل في الشؤون الداخلية للصين، لم تؤدِ إلى شيء".

ورأت "شينخوا" أن الناخبين أظهروا "استجابة فاترة للتحريض على الإدلاء بأوراق اقتراع فارغة أو غير صالحة"، مشددة على أن "الناخبين في هونج كونج أظهروا اعترافهم بالنظام الانتخابي الجديد، الذي يتميّز بتمثيل واسع وشمولية سياسية ومشاركة متوازنة ومنافسة عادلة".

وتابعت أن 19 ديسمبر هو "يوم ذهبت فيه الجماهير العريضة في هونج كونج إلى مراكز الاقتراع، لجعل لؤلؤة الشرق تتألّق أكثر".

"انتخابات زائفة"

لكن "فرانس برس" نقلت عن تشونج كيم-واه، من معهد أبحاث الرأي العام في هونج كونج، إن "التوتر بين السلطات والسكان سيستمرّ لفترة طويلة، لأن المشرعين ليسوا وسطاء، إذ عليهم أن ينصاعوا لنهج بكين".

أما كينيث تشان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة هونج كونج، فاعتبر أن الإقبال المنخفض "محرج جداً" بالنسبة إلى الحكومة. وأضاف: "معظم الناخبين المدافعين عن الديمقراطية، قرروا الامتناع عن التصويت للتعبير عن رفضهم".

وتحدث براين ليونج، وهو معارض لجأ إلى الولايات المتحدة، عن "انتخابات زائفة وأسوأ انتكاسة في نظامنا الانتخابي".

وأشارت "فرانس برس" إلى أن المرشحين الـ153 قدّموا تعهدات بالولاء السياسي للصين و"الوطنية"، للسماح لهم بخوض الانتخابات. وأضافت أن الناشطين المؤيدين للديمقراطية، ممّن ليسوا في السجن أو فرّوا إلى الخارج، لم يتمكنوا من الترشح، أو تخلّوا عن الفكرة.

"قلق" دولي

وأعربت الولايات المتحدة وأستراليا وكندا ونيوزيلندا والمملكة المتحدة عن "قلق بالغ إزاء تآكل العناصر الديمقراطية في النظام الانتخابي" لهونج كونج، بعد نتيجة الاقتراع، مشيرة إلى أن "الإجراءات التي تقوّض حقوق هونج كونج وحرياتها ودرجة عالية من الحكم الذاتي (الذي تتمتع به)، تهدد رغبتنا المشتركة برؤية هونج كونج تنجح".

ووَرَدَ في بيان مشترك أصدرته الدول الخمس، أن مرشحين من مختلف الآراء السياسية خاضوا الانتخابات في المدينة، بعدما استعادتها الصين من المملكة المتحدة، معتبراً أن الانتخابات التي نُظمت الأحد "قلبت هذا الاتجاه". ورأى أن إصلاح النظام الانتخابي في هونج كونج "قضى على أيّ معارضة سياسية ذات مغزى".

ولفت البيان إلى "قلق بالغ إزاء التأثير المروّع الأوسع لقانون الأمن القومي والقيود المتزايدة على حريتَّي التعبير والتجمّع، التي يشعر بها المجتمع المدني"، وحضّ الصين على "التصرّف وفقاً لالتزاماتها الدولية، باحترام الحقوق والحريات الأساسية المُصانة في هونج كونج".

تشريع أمني جديد

وبعد إعلان النتائج الاثنين، قالت لام إن على المجلس التشريعي المنتخب أن يقدّم "اقتراحات جديدة" بحلول يونيو المقبل، بشأن كيفية صوغ تشريع أمني، بات إقراره ممكناً بعد فوز الموالين لبكين.

وأشارت "بلومبرغ" إلى أن بنداً في ميثاق هونج كونج، صيغ قبل عودة المدينة إلى الحكم الصيني في عام 1997، يتطلّب قانوناً يحظّر "المنظمات أو الهيئات السياسية الأجنبية من ممارسة نشاطات سياسية"، وكذلك "الخيانة والانفصال والفتنة والتخريب ضد الحكومة (الصينية)، أو سرقة أسرار الدولة".

وذكرت الوكالة أن هذا التشريع جُمّد، بعد احتجاجات ضخمة شهدها الإقليم في عام 2003.

واعتبرت السلطات الصينية أن الفشل في تمرير تشريع "المادة 23"، برّر قرارها بفرض قانون الأمن القومي على المدينة، في يونيو 2020. وحظّر هذا الإجراء التخريب والانفصال والتواطؤ مع قوات أجنبية والنشاطات الإرهابية، لكنه لا يُشير إلى الخيانة والفتنة وسرقة أسرار الدولة.

وتحدثت لام عن "مسؤولية دستورية لحكومة المنطقة الإدارية الخاصة" لهونج كونج، مشددة على الحاجة إلى اقتراحات محدثة، إذ أن الإنترنت أوجد تهديدات أمنية جديدة، كما أن "الوضع العام" تبدّل في المدينة.

ورجّح كينيث تشان، وهو أستاذ مساعد في جامعة هونج كونج المعمدانية، أن "تكون المادة 23 امتداداً لمعايير (قانون) الأمن القومي الصيني"، مضيفاً: "بعد تطهير الحركة المؤيّدة للديمقراطية والمجتمع المدني، سيكون صعباً جداً على المواطنين تنظيم أنفسهم للتعبير عن آرائهم، أو معارضة المادة 23".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات