
أعلن رئيس مجلس السيادة الانتقالي السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان، الاثنين، أن بلاده وجدت "تعنتاً ومماطلةً" خلال حوارها مع إثيوبيا بشأن منطقة الفشقة المتنازع عليها، مشيراً إلى أن "ما تبقى من أراضينا سيتم استعادتها إما بالتفاوض أو أي خيارات أخرى".
وأكد البرهان في كلمة بمناسبة احتفال القوات المسلحة بالعيد الـ76 في منطقة ود كولي في الفشقة شرق السودان، أن "خطوة الاحتفال هنا تعتبر استعادة لكرامة الجيش والشعب السوداني في أعقاب تخاذل السياسيين في العهد البائد"، في إشارة إلى فترة حكم الرئيس السابق عمر البشير.
وقال: "حشدت القوات المسلحة عام 2017 قوة بمنطقة جبل لبان لتحرير الفشقة؛ إلا أن قراراً سياسياً صدر بسحب القوات ووقف العملية وكان الأمر بمنزلة غصة"، حسبما نقلت وكالة الأنباء السودانية "سونا".
العلاقات مع إثيوبيا
أوضح البرهان أن بلاده تتحاور مع "الجانب الإثيوبي منذ فترة طويلة بشأن الفشقة"، لافتاً إلى أن أديس بابا "تعنتت وماطلت، فيما كانت ملحمة استرداد الفشقة تأكيداً على قدرة البلاد على استرجاع حقوقها وحمايتها، وأن من يتهم الجيش بالحرب بالوكالة فعليه أن يمسك تراب الفشقة ويضعه في فمه ويشمه ليتأكد أنها أرض سودانية وستظل كذلك، وأن ما تبقي من أرض سنقوم باستعادتها بالتفاوض أو أي خيارات أخرى".
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك: "رغم أننا نريد أن تكون علاقتنا مع إثيوبيا جيدة لكننا في ذات الوقت لن نتنازل عن شبر واحد من أرض الوطن".
كان السودان استدعى في وقت سابق سفيره لدى إثيوبيا، بعد رفض أديس أبابا جهود الخرطوم للتوسّط من أجل وقف إطلاق النار في إقليم تيجراي الإثيوبي، بحسب بيان الخارجية السودانية.
وتأثرت علاقة الخرطوم وأديس أبابا بالخلاف حول منطقة الفشقة الزراعية الخصبة التي يعمل فيها مزارعون إثيوبيون ويؤكد السودان أنها تابعة له.
وشهدت الحدود السودانية الإثيوبية خلال الفترة الماضية، اشتباكات بمنطقة الفشقة، بعدما أعاد الجيش السوداني نشر قواته في المنطقة ليستعيد نحو 90% من أراض زراعية شاسعة، كان يستغلها مزارعون إثيوبيون تحت حماية عناصر مسلحة.
الفشقة.. أهمية اقتصادية
وتعد الفشقة إحدى مناطق ولاية القضارف الـ5، وتضم الفشقة الكبرى والفشقة الصغرى. وتبلغ مساحة الفشقة بشقيها مليونين و650 ألف فدان، وتقع على خط الحدود بين السودان وإثيوبيا، الذي يبلغ طوله 265 كيلومتراً.
وتتميز المنطقة بتربتها الخصبة وأراضٍ مسطحة تسمح باستخدام الآلات الزراعية، علاوة على أمطارها الغزيرة في فصل الخريف، ما يجعلها منطقة ملائمة لزراعة أنواع عدة من المحاصيل.
أما ولاية القضارف، فتعتبر من أهم المناطق الزراعية في شرق السودان، حيث تزرع العديد من المحاصيل المهمة مثل الذرة والسمسم وزهرة عباد الشمس وغيرها.
وتتكون الأزمة في المنطقة من شقين، الأول يتعلق بعبور مزارعين إثيوبيين موسميين الحدود السودانية خلال موسم هطول الأمطار كل عام لزراعة الأراضي الخصبة، وهذا قد يحدث في بعض الحالات من دون موافقة أهالي المنطقة.
وتستعين هذه الفئة من المزارعين الإثيوبيين الذين يزرعون الأراضي بالقوة بجماعات مسلحة معروفة في المنطقة يطلق عليها مسمى "الشفتا"، وأحياناً بغطاء من الجيش الإثيوبي لفرض الأمر الواقع.
أما الشق الآخر، فيتمثل في بناء إثيوبيا قرى كاملة داخل الحدود السودانية بكامل خدماتها من طرق وكهرباء ومياه، وهنا تأخذ الأزمة بعداً سياسياً أكثر تعقيداً.
ويعتبر التداخل الاجتماعي والاقتصادي بين السكان أمراً معتاداً في المناطق الحدودية، إذ تسود الروابط الأسرية والعرقية والقبلية بين جانبي الحدود، لذا، فإن عبور المزارعين الإثيوبيين إلى الأراضي السودانية ليس أمراً استثنائياً، لكنه ظل يحدث في السابق في إطار العلاقات الممتدة على جانبي الحدود التي يبلغ طولها 265 كيلومتراً.