"الناجي المعين".. من يحكم أميركا إذا أطاحت كارثة بالرئيس وإدارته؟

time reading iconدقائق القراءة - 6
مبنى الكابيتول في العاصمة الأميركية واشنطن - Reuters
مبنى الكابيتول في العاصمة الأميركية واشنطن - Reuters
دبي-دينا فياض

ضمن أكثر المهام غموضاً لدى الإدارات الأميركية، تعمل الولايات المتحدة على تغييب أحد الوزراء عن أحداث ومراسم رئاسية مهمة حيث تجتمع فروع الحكومة الفيدرالية كافة في القاعة نفسها إلا هذا الشخص. 

وفي مكان سري بعيد عن العاصمة تشرف عليه المخابرات الفيدرالية، يبقى الوزير المختار والذي بات يعرف بـ "الناجي المعين" (designated survivor)، في معزل عن الحكومة والناس إلى حين انتهاء المراسم وعودة المسؤولين إلى منازلهم سالمين، فماذا نعلم عن هذا الشخص، وكيف يتم تعيينه؟  

من هو الناجي المعين؟ 

"الناجي المعين" هو عضو في الإدارة الأميركية، يتم اختياره سنوياً من قبل رئيس الجمهورية في البلاد قبل ساعات من حدث رسمي كبير، لضمان استمرارية عمل الحكومة، في حال وقوع حادث كارثي ألحق الأذى بالرئيس ونوابه وكافة الأعضاء في الحكومة. 

 وتتمثل المؤهلات الوحيدة لهذا المسؤول بأن يكون عضواً في مجلس الوزراء (السلطة التنفيذية)، ومؤهلاً دستورياً للرئاسة من حيث العمر (35 عاماً أو أكبر)، ومقيماً في الولايات المتحدة لمدة لا تقل عن 14 عاماً. 

وعلى الرغم من أن الدستور الأميركي أشار في التعديل رقم 20 إلى خط الخلافة لرئاسة البلاد، والذي يتمثل بسلسلة من 16 شخصاً ابتداء من نائب الرئيس ثم رئيس مجلس النواب وصولاً إلى وزير الأمن الداخلي، لم يذكر التعديل أي بنود تتعلق بالناجي، ليصبح التعيين عرفاً تعتمده الإدارات الأميركية.

الخلافة الرئاسية

بعد الجدل الذي شهده الكونغرس خلال عام 1792 لتحديد سلسلة الأشخاص التي يجب أن تخلف الرئيس في حالة الوفاة أو الإقالة، أقر الكونغرس قانون الخلافة الرئاسية لعام 1792، والذي جعل نائب الرئيس الأول الأحق في تسلم المنصب، يليه رئيس مجلس النواب. 

وخلال عام 1881 وبعد اغتيال الرئيس جيمس غارفيلد، تولى نائبه تشيستر آرثر رئاسة البلاد، ما أشعل جدلاً جديداً، بسبب شغور منصب نائب الرئيس ورئيس مجلس النواب، على خلفية نزاعات بين أعضاء الكونغرس. 

وبعد 5 أعوام، أقر الكونغرس قانون الخلافة الرئاسية لعام 1886، والذي أزال نائب الرئيس ورئيس البرلمان من قائمة الخلفاء للرئيس واستبدلهم بمسؤولين في الإدارة الأميركية بالترتيب الزمني لإنشاء إداراتهم. 

وأعيد نائب الرئيس ورئيس البرلمان إلى لائحة المسؤولين في سلسلة نواب الرئيس، بعد أن اقترح حينها الرئيس الراحل هاري ترومان التعديل في الدستور، ليقر الكنوغرس مشروع التعديل على قانون الخلافة الرئاسية في الولايات المتحدة لعام 1947.  

كيف بدأ اختيار "الناجي المعين"؟ 

ذكر موقع "ناشيونال كونستتيوشن سنتر" (National Constitution Center)، أن الإجراء بدأ منذ خمسينات القرن الماضي، خلال الحرب الباردة، عندما كان احتمال وقوع هجوم نووي مصدر قلق منتظم للأميركيين. 

وأخفت الحكومة الفيدرالية هذا الإجراء كما لم تعترف به علناً حتى عام 1981، عندما أعلنت أن غياب وزير التعليم في ذلك الوقت، تيريل بيل، عن جلسة مشتركة للكونغرس قادها الرئيس الراحل، رونالد ريغان، كان بعد اختيار بيل ليكون "الناجي المعيّن". 

ومنذ ذلك الحين، يتم اختيار أحد المسؤولين في مجلس الوزراء ليتغيب خلال المناسبات الرسمية والخطابات التي تتطلب من الرئيس الحضور في أماكن عامة أو وسط حشد كبير، بحسب الموقع.

وعلى الرغم من إعلان اسم المسؤول الناجي بعد انتهاء الحدث الرسمي، لا يُفصح عن مكان إقامته، بل يؤخذ تحت رقابة المخابرات الأميركية وبسرية تامة إلى مقر مؤقت. 

وأشار الموقع إلى أنه في الماضي، كان المسؤول المختار يذهب في لوقت قصير إلى مكان بعيد عن العاصمة.

إلا أن الحال قد تغير منذ هجمات 11سبتمبر، إذ ذكر موقع "ناشيونال كونستتيوشن" أن المخابرات الأميركية باتت تبقي "الناجي" في مكان سري على مقربة من العاصمة واشنطن، تخوفاً من هجمات مماثلة على مسؤولين أميركيين. 

"الناجون" في إدارة ترمب 

وخلال فترة الرئيس الأميركي دونالد ترمب شغل كل من وزير الزراعة سوني بيرديو، ووزير الطاقة ريك بيري، ووزير الداخلية ديفيد برنهاردت، منصب "الناجي المعين" خلال خطابات "حال الاتحاد" منذ عام 2016.

وأشارت بيانات لدى جامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة، أن وزراء الزراعة والداخلية، هم أكثر من عينوا في منصب الناجي المعين، خلال الإدارات الأميركية المتعاقبة منذ ثمانينات القرن الماضي. 

حضور درامي

ظهر مفهوم الناجي المعين في مسلسل Designated Survivor الذي قدم عبر 3 مواسم دراما سياسية مثيرة، تبدأ عندما يضرب انفجار كبير مبنى الكابيتول أثناء إلقاء خطاب حالة الاتحاد في الكونغرس الأميركي ليودي بحياة الرئيس ومعظم أعضاء الكونغرس والوزراء، ما عدا وزير الإسكان والتنمية العمرانية توم كيركمان (يؤدي دوره كيفر ساذرلاند) الذي كان "الناجي المعُين".

ويعرض المسلسل مفارقات عديدة يواجهها وزير الإسكان ذو الطموحات السياسية المتواضعة بعد أن بات مطلوباَ منه قيادة الولايات المتحدة في وقت عصيب، بينما يشكك كثيرون في جدراته بالحكم لأنه ليس منتخباً.