
لطالما استغرب كثيرون من الأستراليين أن تكون رئيسة دولتهم ملكة تجلس على عرش إنجليزي في مكان بعيد، كما دارت مناقشات محتدمة أحياناً بشأن فكرة قطع علاقات أستراليا بالملكية بشكل نهائي، والآن يبدو أن هناك شكلاً من أشكال التغيير يتم في كانبيرا.
ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن رئيس الوزراء الجديد أنتوني ألبانيز، عيّن أول "وزير للجمهورية" في أستراليا، وهذا منصب جديد يستهدف بدء الانتقال إلى رئيس دولة أسترالي.
واعتبرت الصحيفة أن هذا لا يعني أن التغيير الدستوري لتحويل البلاد إلى جمهورية، بات من أبرز أولويات ألبانيز، إذ إن المنصب الجديد هو مجرد منصب ثانوي نسبياً، وسيكون دوره محدوداً، على الأقلّ في المدى القريب.
ونقلت الصحيفة عن الأستاذ في جامعة "لاتروب" بملبورن، دنيس ألتمان، قوله إن "العديد من الأستراليين تمنّوا أن تصبح بلادهم جمهورية عندما نالت استقلالها عن بريطانيا عام 1901، كما يرغب كثيرون منهم الآن أن يتحقق ذلك في المستقبل".
ولفتت الصحيفة إلى أن أستراليا لم تشهد احتفالات كبرى باليوبيل البلاتيني للملكة إليزابيث الثانية، إذ اكتفى ألبانيز بإلقاء كلمة حول نساء العائلة الملكية البريطانية، وإعادة تسمية جزيرة "آسبن" تكريماً للملكة.
ويرى بِن ويلينجز، المحاضر في العلاقات الدولية بجامعة "موناش" في ملبورن، أن "المنصب الجديد عبارة عن طريقة لاختبار الوضع، إذ سيكون لديه 3 سنوات، وهو الوقت المتبقي حتى الانتخابات الفيدرالية المقبلة، لمعرفة مدى حماسة الأستراليين لمثل هذا التغيير".
"أكبر اختراق للحركة الجمهورية"
الكاتب الأسترالي المخضرم بيتر فيتزسيمونز، اعتبر أن تعيين مات ثيستلثويت، وهو سياسي مخضرم من حزب العمال، وزيراً للجمهورية يشكّل "أكبر اختراق للحركة الجمهورية في البلاد منذ 30 عاماً".
وأضافت "نيويورك تايمز" أن هذه الحركة الجمهورية ظلّت تنتظر شرارة منذ سنوات، وتعرّضت لضربة قوية عام 1999، بعد فشل استفتاء على ما إذا كان ينبغي لأستراليا أن تنتخب رئيس دولتها، إذ رُفض الاقتراح جزئياً نتيجة خلاف على ما إذا كان ينبغي تعيين رئيس دولة أسترالي، أو انتخابه.
ويصف ثيستلثويت دوره بأنه "في البداية كان هدفاً لأن يدرك الشعب الأسترالي الترتيب الدستوري الحالي في البلاد، وحقيقة أن الملكة إليزابيث الثانية هي رئيسة الدولة، وكذلك لتوضيح أنه يمكن أن يكون هناك شخص أسترالي في هذا المنصب".
ويعزو ثيستلثويت عدم وجود دعم للفكرة في العقود الأخيرة، إلى الافتقار للقيادة السياسية في البلاد، مستدركاً أن "الوقت الحالي يبدو مناسباً لإحياء النقاش مجدداً".
وأضاف: "مع اقتراب الملكة من نهاية حكمها، بدأ الأستراليون بطبيعة الحال في التفكير في ما هو قادم بالنسبة إليهم".
دور شرفي للحاكم العام
وفي حين أن الملكة هي رئيسة الدولة الأسترالية من الناحية الفنية، إلا أن تمثيلها في البلاد يتم من الحاكم العام، وهو ديفيد هيرلي الآن. لكن دور الحاكم العام يُعدّ شرفياً إلى حد كبير، إذ إنه مُكلّف بأداء اليمين لرؤساء الوزراء الجدد وأعضاء البرلمان، والإعلان رسمياً عن الانتخابات الفيدرالية، ومنح "الموافقة الملكية" على مشاريع القوانين.
ولكن يحظى الحاكم العام بسلطة إقالة رئيس الوزراء، وهذا ما فعله جون كير بجوف وايتلام عام 1975، بعدما رفض حزب المعارضة السماح بالتصويت على مشروع قانون الإنفاق الحكومي، ما لم يدعُ وايتلام إلى تنظيم انتخابات.
وأكد حزب العمال الأسترالي أنه لن يسعى إلى إجراء تعديل دستوري لجعل أستراليا جمهورية، خلال ولايته الأولى، ما يعني أن التغيير ليس مرجّحاً قبل عام 2025 على أقرب تقدير، بحسب الصحيفة.
اقرأ أيضاً: