هل تُنهي حكومة السوداني الجديدة أزمات العراق؟    

time reading iconدقائق القراءة - 6
الرئيس العراقي المنتخب عبد اللطيف رشيد خلال تكليفه محمد شياع السوداني تشكيل الحكومة في بغداد- 13 أكتوبر 2022  - via REUTERS
الرئيس العراقي المنتخب عبد اللطيف رشيد خلال تكليفه محمد شياع السوداني تشكيل الحكومة في بغداد- 13 أكتوبر 2022 - via REUTERS
بغداد-أ ف ب

حصلت حكومة محمد شياع السوداني، الخميس، على الثقة في مجلس النواب العراقي، بعد أسبوعين من تكليفه، لكن بعد أكثر من عام على الانتخابات البرلمانية المبكرة في مرحلة سادها التوتر والخلافات السياسية وحتى العنف.  

ويرى محللون أنه في حين يعد السوداني بمكافحة الفساد وتحقيق تقدّم في مجالات خدمية أساسية، وعدم اعتماد "سياسة المحاور" في العلاقات الخارجية، فإن التحديات التي تنتظره لا تبشّر بنهاية قريبة لأزمات العراق.

ونالت الحكومة العراقية الجديدة الثقة بعد التصويت على برنامجها، ثم على 21 وزيراً من 23، ليخلف السوداني (52 عاماً)، بعد جلسة حضرها 253 نائباً وزعماء الكتل السياسية، مصطفى الكاظمي الذي تولى رئاسة الحكومة في مايو 2020 على وقع احتجاجات شعبية مناهضة للسلطة.

وتوزعت المناصب في الحكومة الجديدة بين المكونات والطوائف في البلاد كالتالي: 12 وزيراً من الطائفة الشيعية، 6 وزراء من الطائفة السنية، ووزيران كرديان، ووزيرة واحدة للأقليات، فيما ما زالت وزارتان من حصة المكوّن الكردي قيد التفاوض، وهما البيئة ووزارة الإسكان والإعمار.

وبذلك تنتهي حالة "الانسداد السياسي"، التي خيّمت على البلاد عاماً كاملاً، منذ أن أُعلنت نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة في 2021، التي شهدت نسبة مشاركة قليلة، لكن ذلك لا يعني نهاية "الأزمة".

وفي هذا الصدد، قال الأستاذ في جامعة بغداد إحسان الشمري، إن أزمة العراق "لا ترتبط فقط بالحكومات المتعاقبة بل في خلل ببنية النظام وكيفية تعاطي الطبقة السياسية مع التحولات في المجتمع ومع الديمقراطية".

أما بالنسبة للمحلل السياسي علي البيدر، فإن المشكلة تكمن في أن هذه الحكومة "جاءت بنفس أساليب الحكومات السابقة ونفس الكتل السياسية والأحزاب والتيارات"، التي حكمت المشهد السياسي منذ إسقاط نظام صدام حسين بعد العام 2003، لكن هذه الحكومة تفتقد لـ "تيار أساسي" هو الصدري الذي يقوده مقتدى الصدر، والذي كان مشاركاً في كلّ الحكومات السابقة مذّاك.

وأضاف أن "القضية تتعلق بعقلية الأحزاب التي أصبحت ترى في موارد الدولة وإمكانياتها، جزءاً من ميراث يفترض أن يوزع في ما بينها".  

انتخابات جديدة

وفي البرنامج الحكومي، اتفقت القوى السياسية على "تعديل قانون الانتخابات النيابية خلال 3 أشهر وإجراء انتخابات مبكرة خلال عام".

وشكّلت الانتخابات المبكرة مطلباً رئيسياً للتيار الصدري خلال الأشهر الماضية، ونزل مناصروه إلى الشارع، واعتصموا في البرلمان رافعين ذلك الشعار.

الشمري رأى أن إجراء انتخابات مبكرة وإعطاء ضمانات للصدريين قد يسهم بـ"استقرار المشهد نسبياً"، مرجحاً أن يتجه السوداني نحو "استراتيجية احتواء للتيار الصدري".

وأضاف أنه "إذا ما شعرت الكتلة الصدرية كجمهور أو كمسار سياسي أنها قد تُعزل بشكل كامل، وأن هناك خطة لتقويض مستقبلها السياسي، فقد نكون أمام ردة فعل عنيفة من قبل زعيم التيار الصدري وحتى أتباعه".

في المقابل، ترى لهيب هيجل من "مجموعة الأزمات الدولية"، أن "الأحزاب الداعمة للحكومة الحالية غير مهتمة بإجراء انتخابات مبكرة"، معتبرةً أن "مهلة عام لإجرائها ليست واقعية"، لافتة إلى أن "تسريع تلك العملية يعتمد على رؤية الحكومة لكيفية إدارة علاقتها مع الصدر".

وما زال خطر التوتر في الشارع جاثماً، فالصدر لطالما كان قادراً على تعبئة الشارع لتحقيق أهدافه السياسية، على غرار ما حصل في الصيف. 

العلاقات الخارجية والتحديات    

في برنامج حكومته، يضع السوداني من ضمن أولوياته "العمل بشكل عاجل على تحسين وتطوير الخدمات التي تمس حياة المواطنين، ودعم الفئات الفقيرة، ومعالجة البطالة، وإصلاح القطاعات الاقتصادية والمالية".

وفي العلاقات الخارجية، يريد السوداني "اعتماد مبدأ عدم السماح بأن يكون العراق ممراً أو مقراً للاعتداء على الدول الأخرى، وعدم الدخول في سياسة المحاور، واتباع سياسة الصداقة والتعاون مع الجميع".

وترى هيجل أن السوداني "سيجعل من القضايا الداخلية مثل البطالة ونقص المياه والكهرباء أولويته، بدلاً من التركيز على السياسة الخارجية".  

وفي حين أن القوى التي رشّحت السوداني لهذا المنصب، تعدّ مقربةً من إيران، إلا أن هيجل ترى أن السوداني "سيسعى إلى تحقيق توازن بين الغرب وإيران"، لا سيما وأن البلاد بحاجة إلى "استثمارات أجنبية في قطاعات متنوعة أنهكتها سنوات من الأزمات والحروب، كما أن شبح التغير المناخي يخيم على العراق بشدّة، ويهدد بمفاقمة الأزمات الاجتماعية".

وخلال العام الماضي، وفي ظلّ حكومة تصريف الأعمال، لم يقرّ العراق موازنةً جديدة، مقابل تحقيقه إيرادات هائلة من النفط، لم يتمكّن من الاستفادة منها، كما أن مشاريع عدة في مجالات النفط والبنى التحتية لا تزال تنتظر التنفيذ.

وكرر السوداني تلك الأهداف في كلمته أمام المجلس خلال جلسة منح الثقة، لا سيما "تمويلُ وإنجازُ المشاريعِ المتلكئةِ والجديدةِ التي لها وقعٌ مباشرٌ على حياةِ المواطنينَ والخدماتِ المقدمةِ لهم".

لكن في بلد عرضة لضربات إيرانية وتركية ضدّ مجموعات كردية معارضة، لا يكفي "التوازن"، إذ لا بدّ أن يدفع العراق باتجاه "احترام سيادته وعدم التدخل في شؤونه الداخلية"، بحسب الشمري.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات