
يواجه ماريو دراجي أبرز اضطراب في الائتلاف الحكومي، منذ أصبح رئيساً لوزراء إيطاليا في عام 2021، بعدما استقال وزير الخارجية لويجي دي مايو من "حركة النجوم الخمس"، أبرز حزب في الائتلاف الحاكم، إثر صدام مع زعيم الحزب جوزيبي كونتي، بشأن مساندة أوكرانيا عسكرياً في مواجهة الغزو الروسي، كما أفادت "بلومبرغ".
وقال دي مايو إنه سينهي عضويته في "حركة النجوم الخمس"، التي تزعمها بين عامَي 2017 و2020، ويؤسّس مجموعة برلمانية جديدة. واعتبر أن كونتي، وهو رئيس سابق للحكومة، مسّ بصورة إيطاليا في العالم "من دون أن ينجح" في تعزيز الحظوظ الانتخابية للحزب، من خلال موقفه من الحرب في أوكرانيا.
وأضاف أن على الحزب "واجب دعم الحكومة من دون غموض"، وتابع: "في هذا المنعطف التاريخي، لا يمكن اعتبار دعم القيم الأوروبية والأطلسية خطأً".
يرفض كونتي إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، بما يتعارض مع موقف الحكومة، إذ أن دراجي كان من أبرز المؤيّدين لكييف، التي زارها هذا الشهر تعبيراً عن دعمه لمسعى أوكرانيا في عضوية الاتحاد الأوروبي.
وشدد دي مايو على ضرورة "اختيار أيّ جانب من التاريخ نلتزم به، مع أوكرانيا التي تعرّضت لهجوم أو روسيا المعتدية"، معتبراً أن "مواقف بعض قياديي حركة النجوم الخمس هددت بإضعاف بلدنا".
وأضاف: "المجازفة باستقرار الحكومة فقط بسبب أزمة في استطلاعات الرأي، هو عمل غير مسؤول. هذه الحرب ليست عرضاً إعلامياً، إنها حقيقية، الضحايا حقيقيون".
تبدّل في ميزان القوى
تشكّل هذه الخطوة المفاجئة أبرز تغيير سياسي في حكومة ماريو دراجي، منذ توليه رئاسة الوزراء العام الماضي، لكنها لا تهدّد أغلبيته في البرلمان بمجلسَيه، إذ يتمتع ائتلافه بأغلبية مريحة. وأشار كونتي إلى أنه يعتزم مواصلة دعم حكومة دراجي.
لكن هذه الخطوة تبدّل ميزان القوى في الحكومة، إذ سيصبح حزب "الرابطة" بزعامة ماتيو سالفيني، الأكبر في الائتلاف، ممّا يمنحه تأثيراً أقوى في برامجه السياسية الأساسية، بما في ذلك منع الزيادات الضريبية والضغط من أجل مزيد من المساعدات الحكومية، بحسب "بلومبرغ".
وهذا الأمر قد يعرقل مساعي دراجي في تنفيذ إصلاحات طموحة، تشمل تغيير الإطار المالي للدولة، وهذا أمر يعارضه سالفيني. وقال الأخير الأربعاء: "لا يمكن للحكومة أن تتوقف بسبب تفكّك حركة النجوم الخمس. الرابطة تطلب بشكل عاجل مساعدة جديدة للتعامل مع زيادة فواتير الطاقة والوقود. العائلات والشركات لا تستطيع الانتظار".
خلال بشأن دعم كييف
أدى الجدل بشأن حرب أوكرانيا إلى انقسام في الرأي العام الإيطالي والائتلاف الحكومي. واتسع الخلاف هذا الأسبوع، قبل نقاش في البرلمان بشأن موقف إيطاليا من الحرب.
ويخطّط دي مايو (35 عاماً) الآن لتشكيل مجموعة برلمانية منفصلة. وأفادت وكالة "أنسا" الإيطالية للأنباء بأن ما لا يقلّ عن 60 من 227 نائباً لـ"حركة النجوم الخمس" يستعدون للانضمام إليه، إذ يدعمون محاولته للنأي عن الجذور الشعبوية للحزب وجعله قوة مؤسّساتية ومؤيّدة للتحالف عبر الأطلسي مع الولايات المتحدة، بحسب "بلومبرغ".
وباتت الكرة في ملعب كونتي، الذي يفكّر في الانسحاب من ائتلاف دراجي، ودعمه فقط على أساس كل ملف على حدة، وفق الوكالة. لكن "حركة النجوم الخمس" أعلنت أنها لا تعتزم ترك الحكومة.
احتلت الحركة المرتبة الأولى في الانتخابات النيابية التي نُظمت في عام 2018، لكنها تراجعت بشكل كبير منذ ذلك الحين في استطلاعات الرأي. وتعهد دراجي الثلاثاء بمواصلة تقديم مساعدات لأوكرانيا ودافع عن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على روسيا. لكن كونتي حضّ الحكومة على التركيز على إحياء محادثات السلام بين موسكو وكييف، ووقف تسليم أسلحة لأوكرانيا.
"حرب عصابات ضد الحكومة"
وقالت مارتينا كاروني، وهي محللة في شركة الاستشارات السياسية YouTrend: "كان ممكناً أن يكون كونتي عنصراً يصعب التكهّن بسلوكه، بالنسبة إلى دراجي، نظراً إلى موقفه من أوكرانيا. لكن استراتيجية دي مايو تمثلت في التقليل من دور كونتي في البرلمان، ويعني حجم النواب الذين سينضمّون إليه في حزب جديد أن كونتي لا يشكّل تهديداً جدياً لدراجي".
واعتبرت "بلومبرغ" أن الاضطرابات المتزايدة تذكّر بالتوازن السياسي الهشّ لإيطاليا، علماً أنها تأتي فيما يستعد دراجي، وهو رئيس سابق للمصرف المركزي الأوروبي، للمشاركة في قمة الاتحاد الأوروبي، في بروكسل في 23 و24 يونيو، ثم في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى، في ألمانيا، وقمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في مدريد أواخر الشهر الجاري.
وأشارت جيورجيا سيروجيتي، وهي محللة سياسية في جامعة بيكوكا في ميلانو، إلى الانقسامات في "حركة النجوم الخمس"، معتبرة أنها لن تمنع الحكومة من استكمال ولايتها حتى نهاية الدورة البرلمانية في عام 2023. واستدركت أن إيطاليا تشهد الآن "حرب عصابات ضد الحكومة" قبل الانتخابات النيابية المرتقبة العام المقبل، مضيفة: "سيشمل ذلك خصوصاً حزبَي الرابطة وحركة النجوم الخمس، ويجعل عمل حكومة دراجي أكثر صعوبة، ولو كان غير مرجّح أن يؤدي إلى انتخابات مبكرة". ورأت أن كل أحزاب الائتلاف ليست مستعدة لمواجهة تصويت مبكر الآن.
اقرأ أيضاً: