وصفت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل، الأحد، الأضرار التي تسببت بها الفيضانات في غرب ألمانيا، بأنها "مخيفة وتفوق التصور"، متعهدة بأن تقدم الدولة مساعدات لإعادة الإعمار.
جاء ذلك بعد أن ارتفع عدد الضحايا جراء الفيضانات في أنحاء أوروبا إلى 188، فيما تعرضت منطقة في ولاية بافاريا الألمانية إلى أحوال جوية بالغة السوء.
وقالت ميركل في مؤتمر صحافي عقب زيارة إحدى القرى المتضررة، إن ما حدث "يفوق التصور ومخيف"، واعدةً بأن "تعمل الحكومة الفيدرالية والولايات معاً لإصلاح الأضرار".
ودعت المستشارة الألمانية إلى الإسراع في مكافحة التغير المناخي، مشيرة إلى أن الأضرار الناجمة عن الظواهر الجوية القصوى "أكبر مما كانت عليه في الماضي".
وزارت ميركل قرية شولد في ولاية رينانيا بالاتينات غرب البلاد، وهي القرية المنكوبة التي وُصفت بأنها "شهيدة" الفيضانات التي دمرتها بشكل شبه كامل خلال الأسبوع الماضي.
وقالت لسكان بلدة أديناو الصغيرة في ولاية راينلاند بالاتينات: "إنه أمر مروع.. تعجز الكلمات عن وصف الدمار الذي حدث".
واستمر الدمار الأحد، عندما تعرضت منطقة بافاريا بجنوب ألمانيا لسيول جارفة أودت بحياة شخص واحد.
وتحولت الطرق إلى أنهار وانجرفت بعض المركبات وغطى الوحل مساحات شاسعة من الأرض في بيرتشسجادنر لاند. ويبحث المئات من رجال الإنقاذ عن ناجين في المنطقة المتاخمة للنمسا.
ولقي نحو 110 أشخاص حتفهم في منطقة آرفايلر الأكثر تضرراً جنوبي كولونيا. وقالت الشرطة إن من المتوقع العثور على مزيد من الجثث مع انحسار المياه.
وقال وزير المالية الألماني أولاف شولتس لصحيفة "بيلد آم زونتاج" الأسبوعية، إن الحكومة الألمانية ستجهز أكثر من 300 مليون يورو (354 مليون دولار) للإغاثة الفورية ومليارات اليورو لإصلاح المنازل والشوارع والجسور المنهارة.
دمار وظلام
وفي بلجيكا، التي أعلنت الثلاثاء يوم حداد وطنياً، بدأت مستويات المياه في الانحسار الأحد وشرعت السلطات في إجراء عمليات التنظيف وإزالة العوائق. وأرسلت السلطات قوات من الجيش إلى بلدة بيبينستر الشرقية للبحث عن المزيد من الضحايا بعد انهيار حوالي عشرة منازل.
وانقطعت الكهرباء عن عشرات الآلاف من الأشخاص، وقالت السلطات البلجيكية إن ثمة مخاوف تتعلق بإمدادات مياه الشرب النظيفة.
وفي هولندا أبلغت السلطات حتى الآن عن الأضرار التي لحقت بالممتلكات بسبب الفيضانات، ولم تعلن عن سقوط وفيات أو مفقودين.
وفي هالين، وهي بلدة نمساوية بالقرب من سالزبورغ، اجتاحت مياه الفيضانات القوية وسط المدينة مساء السبت عندما فاض نهر سالزاك. ولم ترد أنباء عن وقوع إصابات.
وظلت أجزاء من سويسرا في حالة تأهب للفيضانات رغم تراجع الخطر الذي تشكله بعض المسطحات المائية الأكثر عرضة للخطر مثل بحيرة لوسيرن ونهر آر في برن.
"كارثة مروعة"
بدوره، أكد الاتحاد الأوروبي أيضاً دعمه في مواجهة هذه الأحوال الجوية السيئة، إذ قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، أثناء زيارة السبت إلى بلجيكا: "نحن الأوروبيين معكم من كلّ قلبنا في هذا الوقت الصعب".
وقالت ميركل هذا الأسبوع أثناء زيارتها الولايات المتحدة، إنها "كارثة حقيقية، إنني متأثرة بشدة". وتسببت الأمطار الغزيرة بفيضانات وصفها شهود عيان بأنها موجة "تسونامي"، وذلك بعد أن ارتفع عدد الضحايا في أنحاء القارة إلى 188، في أكبر كارثة طبيعية في البلاد منذ 60 عاماً.
وبلغت الحصيلة التي لا تزال مؤقتة، 157 وفاة في ألمانيا وحدها إضافة إلى مئات الجرحى وعشرات المفقودين. في ولاية رينانيا بالاتينات، أفادت الشرطة المحلية في بيان عن مصرع 110 أشخاص، مقابل 98 في الحصيلة السابقة.
في بلجيكا المجاورة حيث أُعلن الثلاثاء يوم حداد وطني، قضى 27 شخصاً في هذا اليوم.
واتخذت الفيضانات في ألمانيا منحنى سياسياً قبل أكثر بقليل من شهرين من موعد الانتخابات التشريعية التي ستترك بعدها ميركل السلطة.
وبات المرشحون يتنافسون عبر طرح اقتراحات لتعزيز مكافحة التغيّر المناخي الذي يُعتبر بالنسبة لعدد كبير من الخبراء سبب الفيضانات.
إلا أن الأوفر حظاً لخلافة ميركل، المحافظ أرمين لاشيت، ارتكب السبت هفوة مضرّة جداً لصورته. فظهر في مقطع فيديو يضحك أثناء مراسم تكريم رئيس الدولة لضحايا الفيضانات.
وكتبت صحيفة "بليد" ذات العدد الأكبر من القراء في ألمانيا: "لاشيت يضحك بينما البلاد تعاني".
وانتشر الفيديو بشكل واسع على الإنترنت، ودفع الاستياء الوطني لاشيت إلى تقديم اعتذاره لتصرّفه "غير اللائق".
واتخذ الجدل حيّزاً أكبر إذ إن لاشيت هو أيضاً رئيس إحدى المنطقتين الأكثر تضرراً من الفيضانات، ولاية رينانيا شمال فيستفاليا.
في جميع المناطق المنكوبة، بدأ رجال الإطفاء والدفاع المدني والمسؤولون المحليون والعسكريون عمليات الكنس والتنظيف وإزالة أكوام الحطام الموحلة التي غالباً ما تغلق الطرقات. ويعمل أكثر من 22 ألف مسعف على الأرض.
وقال ميكايل كوسيتورز في مدينة باد نوينار-أرفيلر المنكوبة "إنه سيناريو رعب". وفي مشهد غير مألوف على الإطلاق، تم نشر دبابات عسكرية في بعض الأماكن للمساعدة في الجهود.
ويجرى التفتيش في جميع أقبية المنازل وهياكل السيارات في مسعى للعثور على جثث، في ألمانيا كما في بلجيكا.
وحذرت رئيسة بلدية لييج البلجيكية كريستين دوفرانيه بأنه مع انحسار المياه "سنواجه على الأرجح المزيد من الأوضاع الكارثية"