أعلنت القوات المسلحة السودانية، الأحد، تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن أحداث العنف التي شهدتها ولاية النيل الأزرق وأودت بحياة العشرات، وذلك بعد اجتماع لجنة الأمن والدفاع برئاسة رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان.
وأشار بيان رسمي إلى أن الاجتماع الذي حضره المكون العسكري في مجلس السيادة، بحث الموقف الأمني في عموم البلاد، بما في ذلك "الأحداث المؤسفة الأخيرة بإقليم النيل الأزرق التي راح ضحيتها نفر كريم من المواطنين، وتضررت جراءها بعض الممتلكات الخاصة والعامة".
وقررت اللجنة الفنية لمجلس الأمن والدفاع في السودان تعزيز القوات الأمنية الموجودة في منطقة النيل الأزرق، و"الاستمرار في التعامل الحازم والفوري مع كل حالات التفلت والاعتداءات على الأفراد والممتلكات الخاصة والعامة".
وجاء في البيان، أنه "على لجنة أمن الإقليم اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد مثيري الفتنة والمحرضين على أعمال العنف، والتأمين على الإجراءات التي اتخذتها لجنة أمن إقليم النيل الأزرق لمنع تفاقم الصراع بين مكونات المنطقة".
وقال البيان إن اللجنة وجهت النائب العام بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق تمهيداً للمحاسبة.
وفي وقت سابق الأحد، أفادت السلطات الصحية في ولاية النيل الأزرق السودانية، بارتفاع حصيلة الاشتباكات القبلية التي استمرت على مدى الأسبوع الماضي إلى 60، وفقاً لما نقلته وكالة "فرانس برس".
وقال وزير الصحة في الولاية الواقعة جنوب شرقي السودان جمال ناصر إن عدد الضحايا بلغ "حتى آخر إحصائية للجنة الطوارئ بالإقليم 60 ضحية و163 جريحاً، بينهم 13 حالة حرجة سيتم نقلها إلى الخرطوم".
وبحسب ما أفادت وكالة الأنباء السودانية "سونا"، أكد حاكم إقليم النيل الأزرق ورئيس لجنة الأمن، الفريق أحمد العمدة بادي، جاهزية حكومة الإقليم لحسم كافة المشاكل بالطرق الودية.
وتحدث بادي خلال تصريحات صحافية، عن الجهود التي بذلت في سبيل إيجاد حل وسط يحفظ الأمن الاجتماعي بالإقليم، مؤكداً جاهزية القوات النظامية لفرض السيطرة على مختلف مناطق النزاع على مستوى الإقليم.
وقال إن الاستقرار في ولاية النيل الأزرق "يُمثل أولوية قصوى تعضيداً للتنوع الثقافي والاجتماعي الذي يتميز به الإقليم، ووجه المواطنين لعدم الالتفات للشائعات المغرضة، تحقيقاً للوصول إلى بر الأمان، داعياً المواطنين للابتعاد عن "النعرات العنصرية"، مشيراً إلى الإرث التاريخي للمنطقة وإسهامها المقدر في المحافظة على التنوع.
وكانت لجنة الأمن بالولاية أكدت في بيان وقوع اشتباكات بين قبيلتي البرتي والهوسا في مناطق قيسان، والرصيرص، وبكوري، وأم درفا، وقنيص، أسفرت عن سقوط عشرات الضحايا والجرحى.
والأحد، خرجت تظاهرات في الخرطوم وولاية ود مدني ضد المجلس العسكري، رفعت شعارات تتعلق بما تشهده ولاية النيل الأزرق من عنف قبلي.
وأفاد شهود بأن قوات عسكرية انتشرت، الأحد، في منطقة الرصيرص بولاية النيل الأزرق، والتي شهدت أحداث عنف السبت، ما دفع السلطات الأمنية إلى فرض حظر تجول بالمنطقة. كما أصدر حاكم الولاية أحمد العمدة قراراً بحظر التجمعات والمواكب لمدة شهر، اعتباراً من الجمعة.
دعوة لـ"التدخل العاجل"
وكان مسؤول طبي بمستشفى الرصيرص حذر السبت من "نفاد أدوات الإسعافات الأولية".
من جهتها، طالبت لجنة أطباء السودان المركزية وزارة الصحة الاتحادية بـ"التدخل العاجل، وضرورة فتح جسر جوي مع الولاية، لتلبية معينات العمل، وإجلاء المرضى الذين يحتاجون إلى خدمات علاجية متقدمة".
وكانت اللجنة أشارت في بيان، الجمعة، إلى أن "هذه الأحداث المؤسفة وقعت وسط صمت مريب، وتعتيم إعلامي من قبل حكومة ولاية النيل الأزرق، وعجز تام عن القيام بواجبها القانوني ومسؤولياتها الأخلاقية والإنسانية تجاه المواطنين".
وكانت مصادر محلية قالت لـ"الشرق"، إن المناطق في الولاية شهدت هجمات عنيفة بعد تفاقم الأوضاع الناجمة عن اشتباكات قبلية بين قبيلتي الهوسا والبرتا، على خلفية الشحن والاصطفاف إثر سقوط مواطنين من قبيلة الهوسا، حيث رفضت مجموعة قبائل الانقسنا منح الهوسا إدارة منطقة منفصلة بحجة أنهم "ليسوا من أصحاب الأرض في الإقليم الحدودي".
قلق أممي
وكان رئيس بعثة الأمم المتحدة المتكاملة في السودان فولكر بيرتس أعرب السبت، عن قلقه حيال أحداث النيل الأزرق، وقال إن العنف بين المجتمعات والخسائر في الأرواح "أمر محزن ومقلق للغاية".
وحث بيرتس "المجتمعات ومن يقودها" على "ضبط النفس والامتناع عن الانتقام والعمل مع الإدارة الأهلية وسلطات الإقليم لاتخاذ خطوات ملموسة نحو التعايش السلمي".
من جانبها، دانت "قوى الحرية والتغيير - المجلس المركزي" أعمال العنف في النيل الأزرق، وطالبت بـ "تحكيم صوت العقل وبسط هيبة الدولة".
وكان النزاع الأهلي تجدد في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق في 2011. وقد تضرر بسببه نحو مليون شخص بعد تاريخ طويل من القتال بين 1983 و2005.