أفغانستان.. نازحون يتدفقون على قندهار ومعارك تحتدم بالأرياف

time reading iconدقائق القراءة - 4
أشخاص يحملون أعلام طالبان، يتجمعون بالقرب من نقطة عبور في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية، باكستان- 14 يوليو 2021 - REUTERS
أشخاص يحملون أعلام طالبان، يتجمعون بالقرب من نقطة عبور في بلدة شامان الحدودية الباكستانية الأفغانية، باكستان- 14 يوليو 2021 - REUTERS
قندهار -أ ف ب

عاد محمد صادق إلى منزله قرب مدينة قندهار هذا الأسبوع، ليكتشف أن فيه سكاناً جدداً هم أفراد حركة طالبان.

وصادق واحد من عشرات آلاف الأفغان الذين شردتهم المعارك المتصاعدة بين الحركة المتمردة والقوات الحكومية، فيما تستكمل القوات الأجنبية انسحابها بعد 20 عاماً على غزو أفغانستان.

وقال صادق، الثلاثاء، في مخيم للنازحين بثاني أكبر المدن الأفغانية: "لم يسمحوا لي حتى بالدخول".

"مستقبل مجهول"

ووصل الآلاف هذا الأسبوع إلى قندهار في سيارات وحافلات وشاحنات وسيراً على الأقدام، مفضّلين مستقبلاً مجهولاً في مخيم بالحد الأدنى في المدينة، على مواجهة القتال. وصرح مسؤولون محليون بأن أكثر من 150 ألف شخص وصلوا هذا الشهر وحده.

وقالت بيبي عائشة، وهي نازحة تقيم في مركز حكومي للحجاج قرب مطار قندهار: "فقدت اثنين من أبنائي في انفجار أمام منزلي"، مضيفة أن الشوارع في حيها "كانت مليئة بالأشلاء البشرية".

وتحذر منظمات إنسانية من أزمة كبرى خلال الأشهر المقبلة في وقت تواصل طالبان عملية عسكرية واسعة سيطرت خلالها على مساحات شاسعة من شمال البلاد.

وغادرت القوات الحكومية بعض المناطق الريفية من دون قتال، لكنها بصدد تعزيز الدفاع عن عواصم الولايات، ومن بينها قندهار، حتى مع تضييق المتمردين الخناق على المدن.

وقندهار هي معقل طالبان ومنها تصاعد نفوذ الحركة في 1996، قبل أن تبسط سيطرتها على معظم مساحات البلاد في 2001 حتى "الغزو" بقيادة الولايات المتحدة.

وسيكون سقوط المدينة "كارثياً" بالنسبة للحكومة، إذ سيجعل البلد قسمين قبل الشتاء، عندما تصبح استعادة السيطرة على أراضٍ تنطوي على صعوبة. إذ ستكون المعركة للسيطرة على قندهار صورة مصغرة عن المعركة للسيطرة على باقي أنحاء البلاد.

قتال عنيف

في المناطق التي تسيطر عليها طالبان من دون قتال، وخصوصاً المناطق الريفية المحافظة جداً، تتواصل الحياة اليومية بشكل شبه عادي. لكن في أجزاء أخرى أكثر تمدناً تدافع عنها القوات الحكومية، فإن المدنيين يُجبرون على الفرار من صدامات عنيفة أحياناً.

وفي المخيم القريب من مطار قندهار كان عشرات الأطفال يلهون، الثلاثاء، وسط الغبار، فيما كانت النسوة يغلين الشاي على مواقد مرتجلة.

وكان فتى يغسل الملابس في وعاء بلاستيكي، فيما جلس عدد من كبار السن يشربون الشاي الأخضر من أكواب صغيرة، وهم يحاولون إبعاد الذباب المتحلق حولهم.

وتقول وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين إن عشرات الآلاف من الأفغان نزحوا داخل البلاد هذا العام وحده، وتحذر من أنه ما لم يتوقف القتال، فإن الأزمة يمكن أن تمتد إلى جوار أفغانستان.

وكانت باكستان وإيران بشكل خاص، ملجأ لملايين الأفغان الذي فروا من الاحتلال السوفييتي الذي استمر عقداً، ومن نظام طالبان في التسعينيات.

وبدأت المخيمات البدائية الشديدة الاكتظاظ والمستجدة في قندهار، تتسبب بمشكلات صحية.

وقال الطبيب محمد عارف شكيب: "نعالج ما بين 250 و300 مريض يومياً"، مضيفاً أن "كثيرين منهم أطفال مصابون بالإسهال والإنفلونزا وأمراض جلدية. نعاني من الضغط".

ويشعر عدد كبير من سكان المخيم بالارتباك إزاء محنتهم، خصوصاً فيما يوشك العدو اللدود لطالبان، أي القوات الأجنبية بقيادة الولايات المتحدة التي أطاحت الحركة، على الرحيل.

وتساءلت فيروزة: "ضد من يقاتلون؟". وأضافت: "لم تعد هناك أميركا.. جميع الناس الذين طرودهم من منازلهم مسلمون"، فيما قال سيد محمد: "المدنيون هم أكثر من يعاني".

وأضاف فيما كانت عائلته بجانبه: "نواجه العديد من التحديات. أطفالنا ونساؤنا غادروا الديار ببعض الملابس".

وأفاد صادق الذي احتل منزله المتمردون وفر وسط معركة، بأنه لم يعد لديه أي شيء، مضيفاً: "الرصاص والصواريخ كانت تسقط على منزلنا.. أُجبرنا على الفرار".