
قبل ساعات من انتهاء حظر الأسلحة المفروض على إيران بموجب قرار مجلس الأمن 2231، عاد مسؤول إيراني لتأكيد نية بلاده شراء الأسلحة وبيعها، مع عدد من "الشركاء الدوليين"، في خطوة من شأنها إثارة غضب واشنطن التي طالبت بتمديد حظر السلاح، وفرضت عقوبات على إيران، وهددت بفرض عقوبات على من يخالف قرار حظر التسلح.
وفي تصريح لمجلة "نيوزويك" الأميركية، قال المتحدث باسم البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة علي رضا ميريوسوفي، الخميس، إن بلاده تتطلع قدماً لشراء الأسلحة وبيعها مع عدد من "الشركاء الدوليين".
وعند سؤاله عن وجود دولة معينة يمكن لإيران التعامل معها، أكد ميريوسوفي، أن طهران لديها "العديد من الأصدقاء، والشركاء التجاريين"، لافتاً إلى أن بلاده لديها "صناعة أسلحة محلية قوية لضمان متطلباتها الدفاعية"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أنه وفقاً للجدول الزمني المنصوص عليه في القرار 2231، فإن القيود على التسلح وبيع الأسلحة سيُرفع الأحد، لافتاً إلى أنه "بدءاً من هذا التاريخ، سنشتري الأسلحة ونبيعها على أساس مصالحنا الوطنية، مع الدول الأخرى في هذا المجال".
الرهان على روسيا والصين
وعلى الرغم من عدم تحديد دولة معينة، فإن طهران تراهن على الصين وروسيا بشكل أساسي لشراء الأسلحة منهما.
روسيا لم تخفِ رغبتها في تزويد طهران بالأسلحة، إذ أعلن السفير الروسي في طهران ليفان جاغاريان، في الرابع من أكتوبر الجاري، أن بلاده على استعداد لتسليم إيران منظومة الصواريخ "إس 400" شديدة التطور، بعدما سلمتها منظومة "إس 300" في وقت سابق.
وقال جاغاريان، في مقابلة مع صحيفة "رسالت" الإيرانية، وفقاً لما نقلته وكالة أنباء "فارس" الإيرانية: "كما تعلمون، سلمنا منظومة إس 300 (لإيران)، ولا مشكلة لدى روسيا في تسليم منظومة إس 400 أيضاً، ولم تكن هناك أي مشكلة منذ البداية"، مشيراً إلى أن هذه الخطوة "قد يجري اتخاذها، بعد انتهاء القيود على صادرات الأسلحة التقليدية على إيران، في الـ18 من أكتوبر الجاري".
من جهتها، انتقدت الصين بشدة تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بشأن بيع بكين أسلحة لإيران، وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا شونينغ، في تصريحات صحافية يوليو الماضي، إن الصين مارست سياسة "حذرة ومسؤولة في تصدير الأسلحة، ولا يستطيع أحد انتقاد الصين لإجرائها تجارة أسلحة منتظمة مع أي دولة لا تنتهك الالتزامات الدولية".
عقوبات أميركية
ومن شأن إتمام صفقات تسلح بين روسيا والصين من جهة وإيران من جهة أخرى، أن تدفع الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات على البلدان الثلاثة، خصوصاً بعد الأمر التنفيذي الذي وقعه الرئيس الأميركي دونالد ترمب والذي يعاقب بموجبه كل من ينتهك حظر الأسلحة على إيران، بعد أيام من إعلان إدارته إعادة فرض جميع العقوبات التي كانت مفروضة على طهران.
ولفت ترمب في الأمر التنفيذي إلى أن الولايات المتحدة "تواصل العمل على مواجهة نفوذ إيران الخبيث في الشرق الأوسط، بما في ذلك عمليات نقل الأسلحة التقليدية المزعزعة للاستقرار، وحيازة إيران للأسلحة والمواد ذات الصلة".
وكان المبعوث الأميركي لشؤون إيران، إليوت أبرامز، أكد في تصريحات لـ"الشرق"، سبتمبر الماضي، أن "على الجميع أن يدرك أن عقوباتنا ستستهدف أي شخص أو شركة أو مصرف يتضح أنه ضالع في نقل الأسلحة من إيران وإليها، وعلى كل من يهتم بالاستقرار في الشرق الأوسط أن يكون قلقاً بشأن هذا".
وتشير الإدارة الأميركية إلى أن استئناف تجارة الأسلحة مع إيران، من شأنه مفاقمة التوترات في المنطقة، خصوصاً أن هذه الأسلحة ستصل إلى جماعات مسلحة متحالفة مع طهران في دول عدة، مثل لبنان واليمن والعراق، وفقاً للتصريحات الأميركية.
وتابع أبرامز أن الولايات المتحدة تعلم أن "إيران خالفت حظر الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة، وأوصلت السلاح إلى حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن. ونحن نشعر بالقلق إزاء عدم احترام طهران لحظر الأسلحة الذي مددناه إلى أجل غير مسمى".
"أكبر تهديد للمنطقة"
وفي الإطار، قال روب لودويك وهو ناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) لـ"نيوزويك"، إن "إيران تحدت الأعراف الدولية لأكثر من 40 عاماً، من خلال ممارسة أنشطة خبيثة تزعزع استقرار المنطقة، وتهدد التجارة العالمية والأمن والاستقرار"، لافتاً إلى أن "دخولها سوق الأسلحة، سيشجع هذه التصرفات".
وأضاف أنه "لا ينبغي السماح للنظام الذي يرفض وقف مثل هذا النشاط المزعزع للاستقرار أن يتوسع ويصدّر علناً ترسانته من الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية المتطورة، والتي سينتهي بها المطاف في أيدي الجماعات الإرهابية، ووكلائها الذين تستخدمهم طهران لزعزعة أمن المنطقة".
أسلحة في اليمن ولبنان
وهذه ليست المرة الأولى التي تتهم إيران بإرسال أسلحة إلى جماعات متحالفة معها في دول عدة، ففي سبتمبر الماضي، اتهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "حزب الله" اللبناني وإيران من ورائه، بامتلاك "مصنع أسلحة سري" بالقرب من مطار بيروت.
وعرض في خطاب ألقاه من القدس الغربية، وبث أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، خريطة لما قال إنه "مصنع أسلحة سري" في الضاحية الجنوبية لبيروت، قرب مطار العاصمة اللبنانية.
وتابع نتنياهو مخاطباً اللبنانيين: "ليس لدى إسرائيل أي نية للمساس بكم، ولكن إيران تعتزم فعل ذلك.. إيران وحزب الله يعرضانكم ويعرضان عائلاتكم عمداً إلى خطر كبير.. عليكم مطالبتهما بتفكيك هذه المخازن".
وبالتزامن مع كلمة نتنياهو، نشر الجيش الإسرائيلي بياناً كشف خلاله عما قال إنها 3 مواقع داخل العاصمة اللبنانية بيروت، يستخدمها "حزب الله" لصنع صواريخ دقيقة.
وأوضح البيان أن مشروع الصواريخ الدقيقة الذي يديره كل من "حزب الله" وإيران، يشمل برامج لتحويل قذائف صاروخية قائمة إلى صواريخ دقيقة، إضافة إلى برامج كاملة لإنتاج صواريخ دقيقة من خلال إنشاء مواقع إنتاج على الأراضي اللبنانية.
وتابع: "يعتبر هذا المشروع دليلاً قاطعاً على مواصلة استغلال مواطني لبنان من قبل حزب الله، واستمرار أنشطة إيران عبره، بهدف زعزعة الاستقرار والمساس بأمن وأمان المواطنين العزل الأبرياء".
أما في اليمن، فكشف الإعلام العسكري للقوات المشتركة في الساحل الغربي اليمني في سبتمبر الماضي، أسماء وصور أفراد خلية ألقي القبض على 4 من أعضائها ضمن عملية أمنية، بتهمة إنشاء شبكة لتهريب أسلحة إيرانية من الحرس الثوري الإيراني، إلى جماعة الحوثي في اليمن.
وأشار الإعلام العسكري في بيان إلى أن "عملية تتبع وضبط الخلية الحوثية بدأت بعد حصول شعبة الاستخبارات العامة في المقاومة الوطنية على معلومات تتعلق بنشاط الخلية الحوثية وأعضائها".
وأوضح أن "قوات خفر السواحل في قطاع البحر الأحمر، وبناء على معلومات استخباراتية، اعترضت قارب أفراد الخلية، وعددهم أربعة أشخاص في السابع من مايو الماضي في عرض البحر، قبالة منطقة ذوباب في مضيق باب المندب، وبحوزتهم جوازات سفر وهواتف ثريا وجهاز تحديد الموقع ماجلان".