منظمة شنغهاي للتعاون.. كتلة أمنية تسعى إلى نظام عالمي جديد

time reading iconدقائق القراءة - 9
صورة تجمع زعماء منظمة شنغهاي للتعاون خلال القمة التي عقدت في قواندجو في الصين. 10 يونيو 2018 - REUTERS
صورة تجمع زعماء منظمة شنغهاي للتعاون خلال القمة التي عقدت في قواندجو في الصين. 10 يونيو 2018 - REUTERS
القاهرة -محمد سعد

ألقى وزير الدفاع الروسي سيرجي شويجو، الأربعاء، كلمة بشأن الحرب في أوكرانيا، أمام اجتماع لوزراء دفاع دول "منظمة شنغهاي للتعاون" في أوزبكستان، شدد خلالها على أن روسيا "تمتثل بشكل صارم للقانون الإنساني"، مبرراً بطء وتيرة التقدم الروسي في أوكرانيا بأنه "متعمد" لتفادي الخسائر وسط المدنيين.

والأسبوع الماضي، قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن الرئيس الصيني شي جين بينج، يخطط للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال القمة التي تعقد منتصف سبتمبر المقبل في أوزبكستان، والتي يجري التحضير لها.

فما هي منظمة شنغهاي للتعاون؟

"منظمة شنغهاي للتعاون" هي كتلة أمنية أسستها الصين، وروسيا، ودول آسيا الوسطى عام 2001، ويصفها البعض بأنها "ناتو الشرق"، في إشارة إلى حلف شمال الأطلسي.

وتهدف منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، التي ولدت في عام 2001 من رحم "مجموعة شنغهاي الخمسة"، إلى تقوية الثقة المشتركة وعلاقات حسن الجوار بين الدول الأعضاء، وكذلك تعزيز التعاون السياسي الفعال في مجالات السياسية والتجارة والاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والثقافة والتعليم ضمن مجالات أخرى، بحسب الموقع الرسمي للمنظمة، والذي يعتمد الصينية والروسية والإنجليزية لغات رئيسية له.

نظام عالمي جديد

وتقول المنظمة إنها تهدف عبر الجهد الجماعي للدول الأعضاء إلى "ضمان الأمن والسلام والاستقرار في الإقليم والتحرك نحو تأسيس نظام سياسي واقتصادي عالمي جديد ديمقراطي وعادل وعقلاني".

ووفقاً للمنظمة فإن نشاطاتها الداخلية (بين الدول الأعضاء) تقوم على "الثقة المتبادلة والنفع المشترك والحقوق المتساوية، والتشاور واحترام التنوع الثقافي والتطلع إلى التنمية".

فيما تقوم سياساتها الخارجية على الامتثال لسياسات ومبادئ "عدم الانحياز وعدم استهداف أي أحد وكذلك الانفتاح على العالم".

المنافس الشرقي لـ"الناتو"

في عام 2017، وصفت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية الكتلة الأمنية، التي تقودها الصين وروسيا بأنها المنافس الشرقي المستقبلي لحلف الناتو، وهو العام نفسه الذي أقرت فيه المنظمة عضوية الهند وباكستان، أول عضوان ينضمان للمنظمة منذ إنشائها في 2001.

واعتبرت الصحيفة الأميركية حينها أن تلك الخطوة تعني أن تطور المنظمة سيتواصل، وقالت إن انضمام إيران وتركيا (وهو ما حدث مذاك ولكن بصفة مراقب وشريك للحوار على الترتيب) سيمنح المنظمة زخماً في منطقة الشرق الأوسط.

وقالت إنه إذ توسعت المنظمة إلى الشرق الأوسط، فعلى الأرجح فإن الدول العربية سترغب في الانضمام، مع الصورة البادية لواشنطن حينها، بنفض يديها من الإقليم.

ليست "ناتو شرقياً"

مجلة "ناشيونال إنتريست" الأميركية، رأت في تحليل في نوفمبر الماضي، أن المنظمة ليست بمثابة "ناتو شرقي" أو "حلف وارسو" جديد، وقالت إنه رغم أن المنظمة تتسم بالصفة الإقليمية وتركز على العلاقات الخارجية في ميثاقها وتصريحاتها، إلا أنها تركز فعلياً على العلاقات الداخلية بين دولها "ممارسة وقولاً"، كما أن تركيزها الجغرافي لا يزال ينصب على آسيا الوسطى.

المجلة الأميركية رأت أن طبيعة المنظمة وأداءها عبر العقدين الماضيين، وكذلك سياساتها ومنظور الدول الأعضاء فيها، تجعل من فرضية أن المنظمة "كتلة شرقية تسعى لمواجهة مع الغرب" نظرية مرفوضة.

وأشارت إلى أنه بينما انتقدت المنظمة التي تنص المادة الثانية من ميثاقها، على أنها "غير موجهة ضد أي دولة أو منظمة دولية"، للولايات المتحدة والناتو والتدخل العسكري في أفغانستان، إلا أنها "ظلت مخلصة لميثاقها".

ولفتت إلى أن ميثاق المنظمة لا يتضمن معاهدة دفاع جماعي، بعكس حلف وارسو وحلف الناتو، كما أن مقاربة المنظمة للأزمات الدولية والإقليمية، هي مقاربة "عدم تدخل"، وأشارت في هذا السياق، إلى التعامل السلبي للمنظمة مع الحرب في أفغانستان على مدى العقدين الماضيين.

وأضافت المجلة أن عدداً من دول وسط آسيا انخرطت في تعاون أمني وعسكري مع الولايات المتحدة والناتو، كما أن عضوية الهند، التي تملك علاقات استراتيجية مع الولايات المتحدة، هي "عامل ردع مهم" في تحول المنظمة إلى كتلة مناهضة للولايات المتحدة.

التأسيس 

أُعلن تأسيس المنظمة في 15 يونيو عام 2001، وتضمنت قائمة الدول المنضمة حينها، بالإضافة إلى الصين كل من كازاخستان وقيرغيزستان والاتحاد الروسي وطاجيكستان وجمهورية أوزبكستان.

وباستثناء أوزبكستان، فإن بقية الدول الأعضاء المؤسسة كانت أعضاء في مجموعة "شنغهاي الخمسة"، وهي رابطة سياسية تأسست على وثيقتي اتفاقية "بناء الثقة في المجال العسكري في المناطق الحدودية" والموقعة في شنغهاي عام 1996، واتفاقية "التخفيض المشترك للقوات المسلحة في المناطق الحدودية" والموقعة في موسكو عام 1997.

وقالت المنظمة إن الوثيقتين وضعتا أسس الثقة المشتركة في المناطق الحدودية وساهمتا في تأسيس "شراكة حقيقية" بين تلك الدول.

عقب انضمام أوزبكستان لمجموعة "شنغهاي الخمسة"، في 2001 أعيد تسمية المجموعة لتصبح "منظمة شنغهاي للتعاون".

مكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية

وركزت المنظمة في البداية على الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية والتطرف في وسط آسيا.

ووقع نص ميثاق المنظمة في قمة سانت بطرسبرغ في روسيا بحضور زعماء دول المنظمة في يونيو 2002 ودخل حيز التنفيذ في 19 سبتمبر 2003.

ويحدد الميثاق أهداف المنظمة وهيكلها وكذلك مناطق نشاطها، وفي عام 2006 أعلنت المنظمة خططها لمكافحة تهريب المخدرات وتمويل الإرهاب العالمي عبر تلك التجارة.

وفي 2008 شاركت المنظمة بشكل فعال في "تطبيع الوضع في أفغانستان".

الدول الأعضاء الحالية

تضم المنظمة حالياً 8 دول كاملة العضوية هي: الهند وكازاخستان والصين وقيرغيزستان، وروسيا، وباكستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان.

كما تضم 4 دول تحمل صفة مراقب وهي أفغانستان وبيلاروس وإيران ومنغوليا، و6 دول تملك صفة "شركاء الحوار": وهي أذربيجان وأرمينيا وكمبوديا ونيبال وتركيا وسريلانكا.

وفي عام 2021 وافقت المنظمة على بدء عملية منح إيران العضوية الكاملة، ومنح مصر والسعودية وقطر صفة "شريك في الحوار".

وفي الجانب الاقتصادي، وقعت الدول الأعضاء في المنظمة في 2003 برنامجاً مدته 20 عاماً بشأن التعاون التجاري والاقتصادي. وقالت المنظمة إن الهدف طويل المدى هو إنشاء منطقة حرة في أراضي الدول الأعضاء تحت مظلة المنظمة، وفي المدى القصير تهيئة بيئة مواتية للتجارة والاستثمار بين الدول الأعضاء.

هيكل المنظمة ومقرها 

يتخذ القرارات في المنظمة زعماء الدول الأعضاء، ويلتقي زعماء المنظمة مرة واحدة سنوياً لمنح التوجيهات بشأن نشاطات المنظمة، ومناقشة استراتيجية التعاون المشترك وأولويات عمل المنظمة، وحل مشكلات التعاون القائمة في المجالات الاقتصادية وغيرها، وكذلك التصديق على موازنة المنظمة.

يقع مقر أمانة المنظمة في بكين، ويتم ترشيح الأمين العام للمنظمة من قبل مجلس وزراء خارجية المنظمة وتتم الموافقة عليه بواسطة زعماء الدول الأعضاء. ويتم تعيين الأمين العام من بين مواطني الدول الأعضاء، على أساس تداولي يقوم على الأبجدية الروسية.

ومدة مأمورية الأمين العام للمنظمة هي 3 سنوات غير قابلة للتمديد. والأمين العام الحالي للمنظمة هو تشانج مينج، وهو نائب سابق لوزير الخارجية الصيني (2013 – 2017) وسفير سابق فوق العادة ورئيس بعثة الصين في الاتحاد الأوروبي (2017 – 2021).

تنضوي تحت مظلة المنظمة لجنة تنفيذية لمكافحة الإرهاب الإقليمي تعرف باسم RATS، وهي هيئة دائمة مقرها طشقند عاصمة أوزبكستان.

وتعمل الهيئة وفقاً لميثاق المنظمة، ومؤتمر شنغهاي لمكافحة الإرهاب والنزعات الانفصالية والتطرف.

وزير الدفاع الهندي راجناث سينج، دعا، الأربعاء، المنظمة إلى الاتحاد وراء هدف مكافحة وتحييد الإرهاب، بما في ذلك الإرهاب العابر للحدود، واصفاً الإرهاب بأنه أحد أخطر التحديات التي تواجه الأمن والاستقرار العالمي.

وشدد في هذا السياق، على أن أراضي أفغانستان لا ينبغي أن تستخدم لتهديد أو إرهاب أي دولة أخرى، حسبما ذكرت صحيفة "هندوستان تايمز".

وبالإضافة لتلك الهيئة، هناك مجلس الأعمال، الذي أُسس في 14 يونيو 2006، وهو منظمة غير حكومية تمثل منظمة شنغهاي، وتهدف إلى توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري، وتوجيه الحوار بين مجتمعات المال والأعمال في الدول الأعضاء.

تحالف بنكي

وهناك أيضاً هيئة "إنتربنك كونسورتيوم" وهو تحالف مصرفي تأسس في أكتوبر 2005، لتوفير التمويل والخدمات البنكية للمشروعات الاستثمارية التي ترعاها حكومات الدول الأعضاء.

ويلتقي أعضاء التحالف في توقيت يتم اختياره بإجماع بين الأطراف مرة واحدة على الأقل. ويتم تداول رئاسة التحالف المصرفي بالتبادل بين الدول الأعضاء.

ومن بين البنوك المشاركة "بنك كازاخستان للتنمية"، و"بنك التنمية الصيني"، وبنك التسويات والمدخرات القيرغيزي"، و"بنك التنمية والعلاقات الاقتصادية الأجنبية" الروسي، و"بنك الادخار الطاجيكي" (أموناتبونك)، و"البنك الوطني للنشاطات الاقتصادية" الأوزبكستاني.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات