ميانمار.. أكثر من 500 وفاة منذ الانقلاب.. وبوادر "مقاومة مسلحة"

time reading iconدقائق القراءة - 6
محتجون ضد الانقلاب العسكري في ميانمار بمدينة يانغون، 4 مارس 2021 - AFP
محتجون ضد الانقلاب العسكري في ميانمار بمدينة يانغون، 4 مارس 2021 - AFP
رانغون- أ ف ب

لقي أكثر من 500 مدني حتفهم على أيدي قوات الأمن في ميانمار منذ الانقلاب العسكري الذي أطاح بالحكومة المدنية في 1 فبراير، في حين تهدد فصائل متمرّدة مسلّحة بالانضمام إلى الحركة الاحتجاجية ضد المجلس العسكري، إذا ما تواصل "حمام الدم".

ويواصل القادة العسكريون حملة القمع الدموية في محاولة لوضع حد للتظاهرات المطالبة بالديمقراطية وللإضرابات التي تشهدها البلاد منذ الانقلاب الذي أطاح الحكومة المدنية برئاسة أونغ سان سو تشي، من دون إقامة أي اعتبار للإدانات والعقوبات الغربية.

وأعلنت "جمعية مساعدة السجناء السياسيين" في بيان توثيقها لـ510 حالات وفاة، محذّرة من أنّ عدد الوفيات "ربّما يكون أعلى من ذلك بكثير"، في وقت لا يزال فيه المئات ممّن اعتقلوا خلال الشهرين الماضيين في عداد المفقودين.

والسبت، توفي 107 مدنيين على الأقل بينهم سبعة قصّر في احتجاجات تزامن مع يوم القوات المسلّحة،. وإزاء حمام الدم هذا، هدّدت فصائل متمردة عدة بالتصدي المسلّح للمجلس العسكري.

وجاء في بيان مشترك للفصائل وقّعه خصوصاً "جيش أركان"، وهو فصيل مسلّح يضم آلاف العناصر ومجهّز بشكل جيّد، أنه إذا واصلت قوات الأمن "قتل المدنيين سنتعاون مع المتظاهرين وسنرد".

حرب أهلية

وصرّحت ديبي ستوثارد، العضو في الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان لوكالة "فرانس برس"، أن "الأوضاع قد تنزلق نحو حرب أهلية شاملة"، مضيفة أن "المجلس العسكري لا يريد التخلي عن أي شيء، والمحتجون، السلميون بغالبيتهم إلى حد الآن، يغريهم طلب مساعدة الفصائل المسلّحة لحمايتهم".

ومنذ استقلال ميانمار في عام 1948، تخوض مجموعات إتنية نزاعاً مع الحكومة المركزية من أجل تعزيز الحكم الذاتي وتقاسم ثروات البلاد والحصول على حصّة من تجارة المخدرات المدرة للأرباح.

وفي السنوات الأخيرة وقّع الجيش وقفاً لإطلاق النار مع بعض الفصائل، وشطب على إثره في منتصف مارس "جيش أركان" من قائمته للمنظمات الإرهابية.

لكن في نهاية الأسبوع أطلق المجلس العسكري غارات جوية في جنوب شرق البلاد استهدفت "اتحاد كارين الوطني" أحد أكبر الفصائل المسلّحة، بعدما سيطر على قاعدة عسكرية وقتل عدداً من الجنود. وكانت تلك الغارات الجوية الأولى من نوعها في هذه المنطقة منذ 20 عاماً.

ودفعت أعمال العنف نحو ثلاثة آلاف شخص إلى الفرار ومحاولة اللجوء إلى تايلاند المجاورة، وفق منظمات محلية.

لكن الناشطة الحقوقية هسا مو، أكدت لـ"فرانس برس" أن السلطات التايلاندية طردتهم. وقالت الناشطة إن السلطات التايلاندية "أبلغتهم أنه يتعيّن عليهم أن يعودوا أدراجهم وإن المعارك انتهت"، علماً أنها أشارت إلى أن الغارات الجوية تجدّدت مساء الاثنين.

وبحسب الناشطة، تمنع تايلاند تدخّل المنظمات الإنسانية ولا سيما المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التي تطالب بلقاء اللاجئين.

ونفى المتحدث باسم وزارة الخارجية التايلاندية تاني سانغرات، صحة هذه المعلومات، وقال إن سلطات تايلاند تواصل "رعاية المتواجدين في الجانب التايلاندي، وتقييم الأوضاع والاحتياجات الميدانية".

وأعلنت الشرطة التايلاندية أنها اعترضت عشرة طرود تحتوي نحو مئة قنبلة يدوية وستة آلاف طلقة كانت في طريقها إلى مدينة تاتشيليك الحدودية.

"إضراب القمامة"

في الأثناء، تواصل الحركة الاحتجاجية اتّباع تكتيكات جديدة للمقاومة. والثلاثاء أطلقت نداءات لتنفيذ "إضراب القمامة" إذ دعي السكان إلى رمي النفايات في الشوارع وقطع الطرق الرئيسية.

في رانغون، العاصمة الاقتصادية للبلاد، قُطعت بعض المحاور بالنفايات، ورفع المتظاهرون لافتات كتب عليها "نحن بحاجة إلى الديمقراطية"، وفق صور ومشاهد تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي.

وأعلنت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، الاثنين، فرض عقوبات جديدة على ميانمار، مع تعليق فوري لاتفاق تجاري إلى حين عودة حكومة "منتخبة ديمقراطياً" إلى السلطة.

ودانت فرنسا "العنف الأعمى" وعمليات القتل التي ينفّذها النظام، مطالبة بالإفراج عن "كل السجناء السياسيين"، وخصوصاً أونغ سان سو تشي. من جهتها، طالبت لندن بجلسة طارئة لمجلس الأمن الدولي، ستعقد الأربعاء وستكون مغلقة.

وحتى الآن. يتجاهل قادة المجلس العسكري الاحتجاجات والعقوبات الغربية، وهم يعوّلون على انقسامات المجتمع الدولي. ورفضت الصين والهند إصدار إدانة رسمية للانقلاب في ميانمار.

وتحافظ روسيا على علاقاتها الوثيقة مع المجلس العسكري في ميانمار. والسبت حضر نائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فومين الاستعراض العسكري الذي نظّم في إطار الاحتفال بيوم القوات المسلّحة الميانمارية.

وعلى الرغم من أن الكرملين أعرب عن قلقه إزاء العدد "المتزايد" للوفيات، شدد على أن ميانمار "حليف موثوق به وشريك استراتيجي" يسعى إلى تعزيز العلاقات العسكرية معه.

وكان الأمين العام للأمم المتّحدة أنطونيو غوتيريش قال الاثنين، إنّه "من غير المقبول بتاتاً رؤية استخدام هذا المستوى من العنف ضدّ الناس، ومقتل هذا العدد من الأشخاص، وهذا الرفض العنيد للقبول بضرورة الإفراج عن كل السجناء السياسيين وجعل البلاد تعود إلى المسار الديمقراطي الانتقالي".

وأضاف: "نحتاج إلى مزيد من وحدة الصف والتزام أكبر من الأسرة الدولية للضغط بغية التوصل إلى قلب الوضع".

اقرأ أيضاً: