
قالت وزارة الخارجية النرويجية إن أول وفد من حركة "طالبان" يزور أوروبا منذ الاستيلاء على السلطة في أفغانستان بدأ في العاصمة النرويجية أوسلو، الأحد، محادثات مع ممثلي المجتمع المدني الأفغاني بشأن مسألة حقوق الإنسان.
وتنعقد المحادثات التي سهّلتها النرويج، ومن المقرر أن تركز على حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية في أفغانستان، خلف أبواب مغلقة في فندق "سوريا موريا" على أطراف أوسلو.
ومن المقرر أن يكرّس الوفد الذي يقوده وزير خارجية حكومة طالبان، أمير خان متقي، اليوم الأول من الزيارة التي تستغرق 3 أيام، لعقد محادثات مع ناشطات وصحافيات وغيرهن.
"فصل على أساس الجنس"
وأفادت وزيرة المناجم والنفط الأفغانية السابقة نرجس نيهان التي تقيم حالياً في النرويج، بأنها رفضت دعوة للمشاركة. وصرحت لـ"فرانس برس" بأنها تخشى من أن تؤدي المحادثات إلى "تطبيع طالبان وتقويتها، بينما لا يمكن أن تتغير إطلاقاً".
وتساءلت "ما الضمان هذه المرة بأنهم سيفون بتعهداتهم؟"، مشيرة إلى أن ناشطات وصحافيات ما زلن موقوفات.
اختفت ناشطتان هذا الأسبوع بعد اعتقالهما من منزليهما في كابول، عقب مشاركتهما في تظاهرة، بحسب "فرانس برس".
وانتقد داوود مراديان، مدير "معهد الدراسات الاستراتيجية الأفغاني" الذي نقل مقره من أفغانستان، مبادرة النرويج للسلام التي تجري بما يشبه "أسلوب المشاهير"، بحسب تعبيره.
وقال لـ"فرانس برس" إن "استضافة عناصر بارزين من طالبان يثير الشكوك حيال الصورة العالمية للنرويج كبلد معني بحقوق النساء، عندما شرّعت طالبان فعلياً نظام أبارتايد (فصل عنصري) على أساس الجنس".
ولدى النرويج سجل طويل في لعب دور وساطة في النزاعات، بما في ذلك الشرق الأوسط وسريلانكا وكولومبيا.
الابتعاد عن كارثة أسوأ
ونقلت الوكالة الفرنسية عن وزيرة الخارجية النرويجية أنيكين هويتفيلدت قولها إن المحادثات "لن تمثل شرعنة لطالبان أو اعترافاً بها". وأضافت: "لكن علينا التحدث مع السلطات التي تدير البلاد بحكم الأمر الواقع. لا يمكننا أن نسمح للوضع السياسي بأن يؤدي إلى كارثة إنسانية أسوأ".
ومن المقرر أن يعقد ممثلو طالبان لقاءات، الاثنين، مع ممثلين عن الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والاتحاد الأوروبي، أما الثلاثاء فسيخصص للمحادثات الثنائية مع مسؤولين نرويجيين، بحسب بيان لوزارة الخارجية النرويجية.
يأتي ذلك في وقت ناشدت فيه الحركة المجتمع الدولي تقديم مساعدات إنسانية عاجلة من دون "تحيّز سياسي"، مشيرة إلى أن "الثلوج والفيضانات التي شهدتها البلاد مؤخراً فاقمت معاناة الشعب الأفغاني".
ومطلع الشهر الجاري، أوضح نائب رئيس وزراء الحكومة التي عيّنتها طالبان عبد الغني برادر أن "العالم ملزم بالمساعدة"، وقال إنه "في مختلف الأماكن حالياً (في أفغانستان)، لا يملك الناس الغذاء ولا المسكن ولا الملابس الشتوية ولا المال"، وحث العالم على تنفيذ "التزاماته الإنسانية" ودعم بلاده "من دون أي تحيّز سياسي".
"وضع حساس"
وأشار برادر، في رسالة مصوّرة، إلى أن حالة الطقس فاقمت "الوضع الحساس" أساساً للشعب الأفغاني، وأعرب عن استعداد طالبان للمساعدة في توزيع المساعدات الدولية في أنحاء البلاد.
وارتفعت معدلات البطالة والتضخم منذ أن سيطرت طالبان على أفغانستان منتصف أغسطس الماضي، ما تسبب في تجميد الولايات المتحدة أصولاً أفغانية بمليارات الدولارات، فيما تعطّل وصول المساعدات بدرجة كبيرة.
وحذّرت وكالات إغاثية دولية من أن أكثر من نصف سكان أفغانستان، البالغ عددهم 38 مليون نسمة، قد يعانون الجوع خلال فصل الشتاء، كما يواجه العديد منهم صعوبات في تحمل تكاليف التدفئة، فيما تشهد البلاد انقطاعاً متكرراً للكهرباء.
وتبنى مجلس الأمن الدولي بالإجماع، في ديسمبر الماضي، قراراً اقترحته واشنطن يساعد في إيصال المساعدات إلى الأفغان، مع السعي لإبقاء أي تمويل بعيداً من متناول "طالبان".
ورحّبت سلطات طالبان بهذا القرار ووصفته بأنه "خطوة جيدة"، في حين يسمح قرار مجلس الأمن الدولي بإيصال المساعدات إلى البلاد لمدة عام من دون انتهاك العقوبات الدولية الرامية لعزل "طالبان".