أزمة الهجرة.. عراقيون يتحدثون لـ"الشرق" عن الموت على حدود بيلاروسيا

time reading iconدقائق القراءة - 6
مهاجرون عراقيون يستقلون طائرة في رحلة إجلاء من مطار مينسك، ببيلاروسيا. 18 نوفمبر 2021 - REUTERS
مهاجرون عراقيون يستقلون طائرة في رحلة إجلاء من مطار مينسك، ببيلاروسيا. 18 نوفمبر 2021 - REUTERS
بغداد-منة ظاهر

431 عراقياً أعادتهم الخطوط الجوية العراقية، الخميس، إلى بلادهم، من الحدود البولندية – البيلاروسية، وذلك بعد فشل مساعيهم لدخول الاتحاد الأوروبي، عبر رحلة هجرة غير شرعية إلى بولندا.

واندلعت أزمة بين الاتحاد الأوروبي من جانب، وبيلاروسيا وحليفتها موسكو في الجانب الآخر، بعد توافد آلاف المهاجرين غير الشرعيين، أملاً في العبور إلى أوروبا من خلال بوابة حدود بيلاروسيا مع جارتها الأوربية بولندا.

وتتهم الحكومات الأوروبية الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو بجذب آلاف المهاجرين خصوصاً من أكراد العراق، إلى الحدود، رداً على فرض عقوبات على نظامه بعد قمع تظاهرات المعارضة العام الماضي. وترفض مينسك وحليفتها الأبرز موسكو الاتهامات، وتنتقدان الاتحاد الأوروبي لعدم استقباله المهاجرين الساعين إلى عبور الحدود.

"معاناة لا توصف"

"المعاناة لا توصف"، كانت هذه العبارة الأكثر تكراراً على ألسنة العائدين إلى العراق، الذين التقتهم "الشرق"، قائلين إنهم وقعوا ضحايا شبكات الاتجار بالبشر، موضحين أن المبالغ التي دفعها الواحد منهم مقابل "حلم أوروبا"، وصلت إلى 10 آلاف دولار.

ليالٍ "طويلة وقاسية"، يتحدث عنها الشاب العراقي العائد علي كاظم، قائلاً إن "البرد، والجوع، والعطش، لازموه أغلب فترة وجوده على الحدود"، لافتاً إلى أنه وباقي المهاجرين "كانوا يعيشون مع الحيوانات في الغابات".

وأكد كاظم تعرض المهاجرين لمعاملة "سيئة للغاية"، موضحاً: "السلطات البيلاروسية تدخلنا، والبولندية تضربنا، من دون قبول عودتنا إلى الجانب البيلاروسي". وتابع: "عشنا مأساة كبيرة أملاً في الوصول إلى أوروبا، وتأمين مستقبلنا، لكن المحاولة فشلت".

أرشد علي، مهاجر آخر، حكى لـ"الشرق" عن "مشاهد لن تغادر ذاكرته"، مؤكداً أن عنف الجيش البولندي في التعامل معهم وصل إلى حد إطلاق النيران الحية وفق تعبيره، ما دفع الكثير من المهاجرين إلى رمي أنفسهم في مياه باردة درجة حرارتها تحت الصفر.

وقال إن هناك كبار سن وأطفالاً "ماتوا بسبب البرودة، وعدم استطاعتهم تحمل الأجواء"، مضيفاً: "تمت مصادرة أطعمتنا، وهواتفنا".

واعتبر علي أن "رحلة الإجلاء التي سيرتها الحكومة العراقية كانت منقذة لكثيرين، وأنا منهم، بعد أن فقدنا الأمل في الحياة بعد ما رأيناه".

فقدان الاتصال

على الجانب الآخر، تواجه العديد من العائلات العراقية، مشكلة فقدان الاتصال مع أبنائهم، منذ قرابة الشهر، وهو ما دفعهم إلى توجيه استغاثات إلى الحكومة العراقية، بهدف مساعدتهم.

أم محمد، إحدى الأمهات، التي انقطع تواصلها مع نجلها محمد منذ نحو ثلاثة أسابيع ورفضت نشر اسمها الكامل، قالت لـ"الشرق": "لا أعرف مصيره، كان يشكو لنا في اتصاله الأخير من المعاملة السيئة، ومصادرة جواز سفره وطعامه من قبل الجيش البولندي على الحدود".

وتابعت السيدة التي تعمل في "بيع الخبز من المنزل": "نناشد الحكومة العراقية، والمنظمات الإنسانية، المساعدة في معرفة مصير ابني محمد"، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن "الأسرة باعت سيارة أجرة كانت مصدر العيش لنا، لتوفير نفقات سفر الابن".

وأوضحت أم محمد أن نجلها تخرج من كلية اللغات في جامعة بغداد، من دون الحصول على فرصة عمل تؤمن مستقبله، مختتمة: "كان يحلم بالعيش في أوروبا منذ طفولته".

الرحلات مستمرة

وبالتزامن مع المعاناة الإنسانية لمئات اللاجئين على الحدود بين البلدين، بدأت السلطات العراقية بتسيير رحلات جوية لإعادة المهاجرين العراقيين. 

وفي الإطار، قال المتحدث باسم الخطوط الجوية العراقية حسين جليل، لـ"الشرق"، إن "الخطوط الجوية العراقية تعمل بشكل مستمر مع الجهات ذات العلاقة لإنهاء هذا الملف في وقت قصير".

وأشار إلى تشكيل غرفة عمل مشتركة مع وزارة الخارجية "من أجل كسب الوقت"، لافتاً إلى أنه "تم إصدار وثائق عبور للمهاجرين الذين تمت مصادرة جوازات سفرهم على الحدود البيلاروسية البولندية".

وأعلنت وزارة الخارجية العراقية، في وقت سابق، استمرار تسجيل العراقيين الراغبين في العودة إلى الأراضي العراقية طوعاً"، بهدف ضمان حجز معقد لهم في رحلات العودة المجانية.

وقالت مصادر دبلوماسية عراقية لـ"الشرق" إن وفداً حكومياً يضم وكيل وزارة الهجرة والمهجرين كريم النوري، وضباطاً على مستوى رفيع من جهاز المخابرات، والأمن الوطني، سيسافرون إلى ألمانيا مطلع الشهر المقبل، لمناقشة هذا الملف وتداعياته.

اقرأ أيضاً: