تحط قاذفات استراتيجية تابعة للقوات الجوية الأميركية قريباً في النرويج بهدف إجراء تدريبات عسكرية تستمر أسابيع، فيما يعكس هذا التحرك حجم مستوى الغليان العسكري غير المسبوق بين واشنطن وموسكو في منطقة الشمال الأوروبي.
وقررت القوات الجوية الأميركية، الثلاثاء، نشر 4 قاذفات من طراز "بي-1" في النرويج خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة، وفقاً لشبكة "سي إن إن" الأميركية، التي قالت إن الخطوة "رسالة موجهة إلى روسيا".
وقالت شبكة "سي إن إن" إن الولايات المتحدة تسعى من خلال نشر مقاتلاتها في النرويج إلى التأكيد على عزمها الدفاع عن حلفائها في المنطقة القطبية، ضد أي اعتداءات روسية محتملة بالقرب من حدودها.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين في وزارة الدفاع الأميركية قولهم، إنه وبالإضافة إلى القاذفات الجوية الأربع من طراز "بي-1"، بدأت الولايات المتحدة في إرسال 200 من عناصر سلاح الجو الأميركي من قاعدة "دايس" في ولاية تكساس إلى قاعدة "أورلان" الجوية النرويجية.
القلق الروسي والسياسة النرويجية
وأجبرت عودة الخلافات بين الغرب والروس خاصة منذ أزمة القرم في 2014 على خلط الأوراق، وقادت المعسكرين إلى إظهار قوتيهما العسكرية بما في ذلك تحت خطوط العرض المرتفعة التي يُعتقد أنها غنية بالموارد الطبيعية، ويؤدي ذوبان الجليد فيها إلى فتح طرق بحرية جديدة.
وأمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في مارس الماضي بـ"تعزيز القدرات العسكرية وإنشاء وتحديث البنية التحتية العسكرية" في القطب الشمالي بحلول 2035.
وأوضح نيكولاي كورتشونوف، سفير النوايا الحسنة الروسي في مجلس القطب الشمالي، أنه "لا أحد في القطب يستعد لنزاع مسلح، ومع ذلك، هناك مؤشرات على مواجهة متنامية وتصعيد عسكري"، موضحاً أن العسكرة في المنطقة "قد تعيدنا عقوداً إلى الوراء إلى أيام الحرب الباردة"، بحسب وكالة الإعلام الروسية.
وفي المقابل، قلل المسؤولون النرويجيون من أهمية القلق الروسي، مؤكدين أن "القاعدة المعنية التي تقع في قلب النرويج وتحت الدائرة القطبية الشمالية، تبعد 1200 كيلومتر عن الحدود الروسية النروجية".
وبيّن وزير الدفاع النرويجي فرانك باكي ينسن، أن "تدريب حلفائنا على أرضنا هو جانب راسخ وطبيعي لسياستنا الأمنية وتعاوننا داخل حلف شمال الأطلسي"، مضيفاً أن "روسيا تعرف ذلك جيداً وليس لديها أي سبب للشعور باستفزاز"، بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.
وقررت النرويج مؤخراً أن تضع بتصرف حلفائها الأميركيين والبريطانيين والفرنسيين موقع مساندة لغواصاتها التي تعمل بالطاقة النووية بالقرب من مدينة ترومسو (شمال النرويج).
مخاوف نووية
ويرى كريستيان أوتلاند، الباحث في المعهد النرويجي لأبحاث الدفاع، أن "هذا الانتشار يندرج في إطار نشاط عسكري شامل في أقصى الشمال ارتفع بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة على الجانبين الغربي والروسي على حد سواء".
وأشار الباحث إلى أن "القاذفات الاستراتيجية لواشنطن تثير بالتأكيد قلقاً لدى الروس"، وبحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن موسكو تشعر بالخطر مع إمكانية قاذفات "بي-1" الأميركية في بعض الظروف، من حمل أسلحة نووية.
وكان وزير الدفاع الأميركي الجديد لويد أوستن، صرح في وقت سابق، بأن "للولايات المتحدة تاريخاً طويلاً من التعاون مع روسيا في منطقة القطب الشمالي، وآمل أن يستمر ذلك".
وعبر أوستن في جلسة مجلس الشيوخ للمصادقة على تعيينه، عن قلقه "من تعزيز الجيش الروسي في المنطقة والسلوك العدواني لروسيا في القطب الشمالي وفي العالم".
وتقوم الولايات المتحدة بمهمات في المنطقة القطبية انطلاقاً من المملكة المتحدة، فيما أشار مسؤولون في وزارة الدفاع موخراً إلى أن "تحرك الجيش الأميركي بالقرب من الحدود الروسية يعني أن الولايات المتحدة ستكون قادرة على القيام برد فعل سريع تجاه أي اعتداء روسي محتمل"، وفقاً لشبكة "سي إن إن".