بعد كارثة تركيا وسوريا.. 7 أسئلة عن الزلازل ومواجهة التداعيات

time reading iconدقائق القراءة - 8
عناصر من الدفاع المدني والجيش والصليب الأحمر اللبناني قبل مغادرتهم إلى سوريا في مهمة إنقاذ جراء الزلزال. 7 فبراير 2023 - REUTERS
عناصر من الدفاع المدني والجيش والصليب الأحمر اللبناني قبل مغادرتهم إلى سوريا في مهمة إنقاذ جراء الزلزال. 7 فبراير 2023 - REUTERS
بيروت-تيما رضا

ضرب الزلزال الأخير كلاً من سوريا وتركيا موقعاً آلاف الضحايا والجرحى، فضلاً عن الدمار الذي سوّى أحياءً كاملة بالأرض، وصدّع من المباني ما لم يسقط.

وحذر منقذون في تركيا وسوريا المجاورة من أن عدد الضحايا سيواصل الارتفاع وقال ناجون إن المساعدات لم تصل إلى الآن.

وجاء هذا الزلزال المدمر ليطرح أسئلة عن الزلازل والتنبؤ بها وحجم المعلومات التي يمكن الحصول عليها قبل الكارثة، فضلاً عما إذا كانت هناك طريقة لتقليل وطأة الكارثة.

هل المنطقة عرضة لزلازل جديدة؟

في حديث لـ"الشرق"، قال الدكتور طوني نمر، الاختصاصي في الزلازل في الجامعة الأميركية في بيروت، إن الموقع يلعب دوراً مهماً في معرفة ما إذا كانت الدولة هذه أو تلك عرضة للزلازل المدمرة، موضحاً أن وقوعها في منطقة ما لا يعني أنها ستتعرض لتكرار الزلازل بشكل متسارع، فقد تمر أعوام عديدة قبل أن تتكرر، ويمكن أن تصل إلى ألف عام. 

ويشرح نمر طبيعة الموقع الجغرافي للمنطقة التي وقع بها الزلزال المدمر في كل من تركيا وسوريا، فيقول: "عبر التاريخ نحن موجودون على خط زالزل اسمه فالق البحر الميت، يمتد من البحر الاحمر، أي خليج العقبة إلى جنوب شرق تركيا، ويبلغ طوله 1000 كلم".

ويضيف: "سجّل هذا الفالق عبر التاريخ زلازل ضخمة بضخامة ما شهدناه في تركيا، ووجوده مرتبط بتكسّر وتقسّم قشرة الكرة الأرضية لأقسام، تسمى الصفائح وهي بلوكات كبيرة بحجم قارة صغيرة". 

ويوضح: "لدينا الصفيحة العربية، وهي بلوك واحد يمتد لسوريا وتركيا وتشمل إيران والعراق، وما يحصل حالياً أنه يتحرك، ما يؤدي إلى شد القشرة الأرضية فتصعد صعوداً وتبعد من جانب الصفيحة الإفريقية والصفيحة الأوراسية".

هل من الوارد تعرض المنطقة لمد تسونامي؟

شهدت منطقة شرق المتوسط مد تسونامي من العام 551 ميلادي في مرفأ بيروت وكانت قوته 7.2 درجة، بحسب نمر.

وأضاف: "عندما نقول البحر الأوسط يعني لبنان وسوريا نزولاً إلى مصر وتونس وليبيا، مروراً بتركيا واليونان وقبرص لنصل إلى إسبانيا من الجهة المقابلة"، إلا أن نمر يُطمئن بأنه في المرحلة الحالية لا خوف من مد تسونامي.

من جانبها، رأت مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء في لبنان مارلين البراكس أن التعامل مع حدوث تسونامي يُعتبر أسهل من التعامل مع الزلازل في الدول التي لا تكون قادرة أو مستعدة لمواجهة الزلازل.

وتشرح: "الدول مضطرة للتعاون والمشاركة في ما يختص بتسونامي، لأن أمواج تسونامي ليس لها حدود، وحين تنطلق الموجة في البحر لا تتوقف، وهناك منظومة إنذار مبكر لتسونامي في البحر المتوسط، وبالتالي هناك دول تستفيد من هذه التحذيرات والمعلومات".

وتشير إلى أنه "عند وقوع زلزال تركيا، وصلتنا (في لبنان) رسالة أن هذا الزلزال سيحدث فرقاً بحجم 20 سم بالموج فقط".

هل التعاون في المعلومات كافٍ؟

تربط مارلين البراكس الاستفادة من هذه المعلومات بمدى قدرة الدول على التعامل معها في حالات الزلازل، وتُشدّد على أهمية وجود خطط لأجل ذلك، وتربطها بشكل مباشر بالوعي والاستراتيجيات لدى الدول، وأهمية وجود خرائط إخلاء السكان القريبين من البحر، وتوجيه الناس إلى الأماكن المناسبة، التي تجعلهم في مأمن من التسونامي.

وتؤكد على ضرورة وجود أجهزة وأنظمة إنذار تبدأ برسائل هاتفية ولا تنتهي بالتعاون بين جميع المعنيين، مبينة أنه "نظام كامل وليس قطعة واحدة، ويجب أن تبدأ الاستعدادات من السلطات وبقرار على نطاق الدولة مع تخصيص موازنات وفرق عمل وإغاثة، وهذا وحده يحد من التداعيات الكارثية للزلازل على أنواعها".

من جهته، يرى طوني نمر أن الدول المتقدمة، خاصة التي تعلم أنها معرضة للزلازل تُدخل التعامل مع هذه الكوارث في مناهجها المدرسية من أجل التوعية.

ويلفت خبير الزلازل إلى أن "التوعية يمكن أن تبدأ من الإعلام، بانتظار أن تأخذ الحكومات دورها بحماية الأرواح"، داعياً الحكومات إلى التعاون والاستفادة من الدراسات والأبحاث.

وأضاف أن "الدول المتقدمة كالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي يخصصون مليارات الدولارات للجامعات والدراسات والأبحاث، من أجل الوصول إلى حلول يمكن استخدامها بالتعامل مع هذه الكوارث.

هل يمكن الحد من الدمار؟

تقول المهندسة المدنية مارلين البراكس إن الاستعداد للزلازل يحجّم من هول الكارثة، وتضيف: "نحن لا نستطيع أن نمنع الأرض أن تتحرك، أي لا يمكننا منع الزلزال، كما لا يمكننا التحكم بالقوة التي ستتحرك بها، ومع ذلك يمكننا التخفيف من تداعياتها".

وتوضح: "ما يفرّق دولة عن دولة بالتعامل مع الزلازل على سبيل المثال قوانين البناء، والتي تشترط أن تكون رخص البناء متطابقة مع طبيعة كل أرض، بمعنى أن في المدينة نفسها قد يختلف الإجراء المطلوب ومواصفات البناء القانونية بين حي وآخر إذا ما اختلفت طبيعة الأرض".

وتضيف: "لا تكفي صياغة قوانين البناء وإصدارها، بل يجب مراقبتها والتشدد بتطبيقها، وهذه القوانين لا يجب أن تقتصر على المنشآت الجديدة، بل يجب أن تمتد لتحتوي على أقسام خاصة بالأبنية القديمة، وكيف يمكن إعادة تأهيلها، وإذا لزم الأمر تدعيمها و تقويتها".

وتلفت البراكس إلى ضرورة أن تقدم الحكومات والبلديات محفزات لتشجيع المواطنين على تدعيم منازلهم وأبنيتهم.

وهل من مواد معينة يمكن استخدامها؟ أم تقتصر الأمور على الشكل الهندسي؟

تقول البراكس إن "الشكل أساسي ويساهم في الحد من تضخم الموجات الزلزالية".

وتضيف: "وطبعاً هناك مواد إنشائية خاصة بكل تربة ونوعية الأرض، وهذا يساعد في الحصول على أي شكل للمبنى مع مراعاة مقاومته للزلازل عبر استخدام المواد الإنشائية الملائمة".

هل من إجراءات لتقليل تداعيات الزلازل؟

مما تدعو إليه البراكس تحديد وتحضير نقاط تجمع في كل منطقة، وتحضير خطة عمل مباشرة لاحتواء الكارثة، وتقول: "رغم أن تركيا من الدول المجهزة للزلازل إلا أننا نلحظ من المشاهد المتناقلة أن هناك نقصاً كبيراً وتقصيراً ولا يوجد تنظيم، من هنا خطط التحسب للزلازل يجب أن تشمل توفير خيام وطعام ومياه، بالإضافة إلى مستلزمات الصحة والدواء لأنه في تجمعات كهذه يمكن أن تتفشى الأمراض والأوبئة، مما يفاقم الكارثة".

وتضيف: "ويجب أيضاً تدريب المواطنين في نقاط كل بلدية وإرشادهم على طرق التصرف السليمة في مثل هذه المواقف، وبطبيعة الحال كل هذه التحضيرات لا تحصل بين ليلة وضحاها، كما لا ينبغي أن ننسى أنه يتوجب كذلك على فرق الإغاثة أن تكون لديها الإمكانات اللازمة".

هل من إمكانية لتعاون دول منطقة شرقي المتوسط باعتبارها عرضة للزلازل للاستعداد لمثل هذه الكوارث؟ 

تقول مديرة المركز الوطني للجيوفيزياء "إن التعاون يتم بعد وقوع الحدث، وهذا أمر طبيعي"، وتضيف: "لا غنى عن الخسائر، لكن بالتحضيرات يمكن تقليلها وهذا يتطلب موازنة سنوية للكوارث، وإذا ما أخذنا لبنان مثالاً فمركز الجيوفيزياء لمراقبة الحركة الزلزالية في لبنان لديه دراسات لتحسين القوانين، لكنه يعاني من صفر موازنة ولا يمكن الطلب من دول مانحة المساعدة، من دون على الأقل وجود نية وخطط وتوجه للتحضر لمثل هذه الكوارث".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات