نائبة الرئيس الأميركي المنتخبة كامالا هاريس.. "الأولى في أمور كثيرة"

time reading iconدقائق القراءة - 10
نائبة الرئيس الأميركي المنتخبة كامالا هاريس - Getty Images
نائبة الرئيس الأميركي المنتخبة كامالا هاريس - Getty Images
دبي -الشرق

"منافسة حقيقية ومرشحة من الطراز الأول". هكذا وصف الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن شريكته في بطاقة الوصول إلى البيت الأبيض كامالا هاريس، حينما كانت منافسته في سباق الحزب الديمقراطي التمهيدي نحو الانتخابات الرئاسية في وقت سابق من العام الجاري. 

كامالا هاريس "الأولى في القيام بالكثير من الأمور"، وهو التعبير الذي استخدمته والدتها، في تشجيع طفلتها على اتخاذ مسارات مختلفة عما قد تؤول إليه حياة ابنة لاثنين من المهاجرين في الولايات المتحدة، تدخل البيت الأبيض كأول "سيدة"، "ملوّنة"، في هذا المنصب الرفيع. 

في سبعينات القرن الماضي، وعندما كان الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن عضواً بمجلس الشيوخ، يعارض قراراً يقضي بنقل التلاميذ الأميركيين من أصول إفريقية مع أقرانهم البيض في حافلة واحدة، للقضاء على الفصل العنصري في المدارس، حسب زعم معارضيه، كانت نائبته الحالية كمالا هاريس، "فتاة صغيرة" ضمن الصف الثاني الذي شمله الاختلاط في مدرستها، وكانت تُنقل بالحافلة إلى المدرسة في كاليفورنيا كل يوم. 

"قائدة عنيدة" 

قبل أكثر من عام على وصول هاريس، البالغة من العمر 55 عاماً، إلى البيت الأبيض على بطاقة واحدة مع أكبر رؤساء الولايات المتحدة سناً (77 عاماً)، وفي يناير من عام 2019 تحديداً، أطلقت المدعية العامة السابقة لولاية كاليفورنيا حملتها للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة خلال تجمع حضره أكثر من 20 ألف شخص في أوكلاند.

اشتبكت هاريس مع بايدن في مناظرة الديمقراطيين الأولى، وأحرزت تقدماً في الاستطلاعات، لكن لفترة قصيرة، ثم انسحبت من السباق في ديسمبر من عام 2019 معلنة تأييدها للمرشح الديمقراطي.

على الرغم من حدة المناظرة، إلا أن بايدن أوضح أنه لا يكنّ أي ضغينة لهاريس، ووصفها بأنها "ذكية من الطراز الأول، ومرشحة من الصف الأول، ومنافسة حقيقية".

تجاهل الرئيس المنتخب بايدن بعض كلمات هاريس القاسية التي نعتته بها، واختارها لتكون رفيقته على البطاقة الانتخابية في أغسطس الماضي.

بالمقابل، أثبتت هاريس جدارتها بسعيها، خاصة في ما يتعلق باستمالة النساء والتقدميين والناخبين الملونين، الذين كانت لهم أهمية بالغة في فوز الحزب الديمقراطي بالانتخابات.

السفيرة السابقة لواشنطن لدى الأمم المتحدة، سوزان رايس، ومستشارة الأمن القومي للرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي كانت أيضاً من الأسماء المطروحة لمشاركة بايدن في بطاقته الرئاسية، قالت في حسابها على "تويتر" حينها إن "السيناتور هاريس قائدة عنيدة ورائدة، ستكون شريكة رائعة في حملة الانتخابات".

ورداً على صَفح بايدن، أصبحت هاريس، التي كونت شبكة من المتبرعين خلال مساعيها لدخول مجلس الشيوخ والوصول إلى البيت الأبيض، عنصراً فعالاً في ما حققه بايدن من أرقام قياسية في التبرعات في الشهور الأخيرة من حملته الانتخابية.

علماً أن اختيارها ولّد أجواء من الإثارة في أوساط القاعدة الشعبية الديمقراطية، ووسط صفوف المتبرعين للحزب.

وقال المخطط الاستراتيجي الديمقراطي، جويل باين، الذي عمل في حملة هيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة عام 2016 لوكالة "رويترز" إن "هاريس كانت دائماً أكثر شخصية مقنعة كرفيق لبايدن في الانتخابات، لأنها تملك القدرة على مساعدته في توحيد التحالف الديمقراطي عبر خطوط الأعراق والأجيال، كما أنها استطاعت رفع درجة الحماسة على مستوى القاعدة".

تحالف أوباما

هاريس، المولودة في أوكلاند بولاية كاليفورنيا، والتي تخرجت من "كلية هيستينغز للقانون" في "جامعة هوارد" في الولاية ذاتها، قالت في حديثها عن طفولتها: "كانت والدتي تقول لي على الدوام، قد تكونين الأولى في القيام بالكثير من الأمور، لكن احرصي على ألا تكوني الأخيرة".

بدأت نائبة الرئيس الأميركي السادس والأربعين، حياتها المهنية في مكتب المدعي العام لمقاطعة ألاميدا، قبل تعيينها في مكتب المدعي العام لمقاطعة سان فرانسيسكو، وبعد ذلك في مكتب المدعي العام لمدينة سان فرانسيسكو.

وفي عام 2003، انتخبت هاريس مدعية عامة لمنطقة سان فرانسيسكو، وبعدها بـ7 أعوام اختيرت لمنصب المدعي العام لولاية كاليفورنيا في عام 2010، وأُعيد انتخابها للمنصب مجدداً في عام 2014.

صوتت هاريس قبل أشهر عدة في مجلس الشيوخ، (الذي أصبحت بمثابة الرئيسة له، ويحق لها التصويت في حالة وجود تعادل في الأصوات بحكم منصبها الجديد)، لصالح عزل الرئيس السابق دونالد ترمب.

 وسعياً لإلحاق الهزيمة بترمب، أكدت هاريس حينها الحاجة لإعادة تشكيل "تحالف أوباما" الذي يضم أميركيين من أصول إفريقية وإسبانية، ونساء، ومستقلين، بالإضافة إلى "جيل الألفية".

وإضافة إلى خبرتها في الفروع القضائية والتنفيذية والتشريعية للحكومة، منحت هاريس زخماً كبيراً للسباق نحو البيت الأبيض، الذي طغت عليه جائحة فيروس كورونا المستجد، والأزمة الاقتصادية.

الطريق إلى البيت الأبيض

وبعد أن أصبحت هاريس نائبة لرئيس الولايات المتحدة الأميركية، باتت في وضع قوي يتيح لها السعي للترشح للرئاسة بعد 4 سنوات من الآن، لتصبح أول امرأة وأول أميركية سمراء البشرة، وأول أميركية من أصل آسيوي، تشغل أعلى المناصب في الدولة.

وبالنظر إلى أنه ليس من المتوقع أن يسعى بايدن، البالغ من العمر 77 عاماً، إلى ولاية ثانية، فربما تصبح هاريس التي ستكون عند نهاية ولاية الرئيس الحالي على أعتاب الستين من عمرها، مرشحة للفوز بترشيح الحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة عام 2024.

وتطلعت هاريس، المولودة لأم وأب هاجرا إلى الولايات المتحدة من الهند وجامايكا على التوالي، لأن تصبح أول إمرأة تشغل مقعد الرئاسة في البلاد، عندما نافست بايدن وغيره على ترشيح الحزب الديمقراطي في 2020.

اتهامات 

عند إعلان هاريس اعتزامها الحصول على ترشيح حزبها للانتخابات الرئاسية في يناير الماضي، أدت اتهامات وجّهت إليها بأنها "لم تبذل جهداً كافياً للتحقيق في حوادث إطلاق الشرطة للنار، وقضايا أدين فيها متهمون بالخطأ عندما كانت مدعية عامة في كاليفورنيا"، إلى الحكم بالفشل على سعيها للفوز بالرئاسة، لكن هذه الاتهامات لم تظهر تقريباً خلال الفترة التي قضتها المرشحة لمنصب نائب الرئيس في حينه، على بطاقة بايدن الانتخابية.

تجدر الإشارة إلى أن الرئيس السابق دونالد ترمب وحملة الدعاية الجمهورية لإعادة انتخابه، سعوا إلى تصوير هاريس كـ"أداة في يد اليسار الديمقراطي الذي سيمارس السلطة والتأثير من وراء الكواليس في رئاسة بايدن". ويبدو أنها استطاعت، قبل أن يختارها بايدن، القضاء على المخاوف بين البعض في معسكره، من أن لديها طموحاً شخصياً زائداً، قد لا يجعل منها الشريك الجدير بالثقة.

نائبة الرئيس المنتخب أثبتت أنها تستطيع العمل كواحد من أفراد الفريق وقبلت دوراً لا تسلط عليه الأضواء، وعقدت لقاءات عبر الإنترنت، بل حضرت بنفسها بعض اللقاءات التي لم تحظ بتغطية إعلامية تذكر. وفي الوقت ذاته، كانت تتحدث عما سيفعله بايدن للبلاد إذا ما انتخب رئيساً، وشنت هجوماً حماسياً على ترمب.

وخلال المناظرة التي شاركت فيها في أكتوبر الماضي، أمام مايك بنس نائب الرئيس دونالد ترمب، قالت هاريس عن بايدن: "جو وأنا تربينا بطريقة مماثلة جداً. تربينا على القيم الخاصة بالعمل الدؤوب، وقيمة العمل العام وسموه، وأهمية الكفاح من أجل كرامة الناس كلهم".

"تعاطف وتفاهم"

أثناء حملته الانتخابية، شدد جو بايدن على أنه يبحث عن "تعاطف وتفاهم" مع نائبته، مفاخراً بالسنوات الـ8 التي أمضاها في البيت الأبيض، إلى جانب باراك أوباما، وبالعلاقة الوطيدة بينهما. ويبدو أن هذا العامل كان حاضراً في أول خطاب ألقاه إلى جانب كمالا هاريس المتزوجة من المحامي دوغلاس إيمهوف.

كانت هاريس تعرف جيداً بو بايدن، نجل الرئيس المنتخب، الذي توفي في عام 2015 جراء إصابته بالسرطان، عندما كانا مدعيين عامين لكاليفورنيا وديلاوير على التوالي.

وقال جو بايدن في خطابه للإعلان عن اختيار نائبته "كمالا، أنت عضو شرف في أسرة بايدن منذ فترة"، مضيفاً "أعلم إلى أي درجة كان بو يحترم كمالا ومهنيتها. وكان لذلك أثر كبير بالنسبة إلي لأكون صريحاً معكم عندما اتخذت قراري لاختيار النائبة التي سترافقني حتى الانتخابات الرئاسية لمنافسة دونالد ترمب".