فشل الاجتماع الاستثنائي لمجلس القضاء الأعلى اللبناني، الاثنين، في حسم قضية "تمرّد" المدعية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون، على قرار عزلها من قبل النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، بعد إرجاء البتّ في الملف إلى جلسة ظهر الثلاثاء.
وأكد مصدر قضائي لـ"الشرق"، أن المجلس "تريّث في إصدار بيان عقب اجتماعه؛ لأنه قرر استدعاء القاضية غادة عون للاستماع إليها ومساءلتها عن سبب عدم التزامها بقرار رئيسها عويدات كفّ يدها عن الملفّ المالي، وإصرارها على اقتحام مكاتب شركة مكتّف للصيرفة".
وتابع:" القاضية عون أصرت على العمل في الملف نفسه رغم إحالته إلى المحامي العام الاستئنافي القاضي سامر ليشع، بعد قرار عويدات إعادة توزيع الأعمال لدى قضاة النيابة العامة في جبل لبنان"، لافتاً إلى احتمالية الحصول على تطوّر إيجابي يحول "دون اللجوء إلى اتخاذ قرار تأديبي بحق القاضية".
موقف معقد
وألمح المصدر إلى أن القاضية عون، ستحضر جلسة مجلس القضاء الأعلى الاثنين، لكنها سترفض تنفيذ قرار القاضي عويدات وتسليم ملف الصرافين إلى القاضي سامر ليشع، وهو ما سيزيد الموقف تعقيداً، ويجعل مجلس القضاء أمام خيارات محدودة، في ظل عدم إجماع المجلس على معاقبتها.
وأعلن مصدر في النيابة العامة التمييزية لـ"الشرق" أن الأسلوب الذي لجأت إليه القاضية عون، في التمرّد على قرار النائب العام التمييزي، والدخول لمكاتب شركة "مكتّف" عبر الكسر والخلع، أساء إلى التحقيق القضائي الذي أوكله القاضي عويدات إلى القاضي ليشع، خصوصاً وأنه طلب منه اتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي يقتضيها التحقيق".
وبحسب المعلومات المستقاة من المصدر قضائي، فإن عضوين في مجلس القضاء الأعلى محسوبين على رئيس الجمهورية، سجلا اعتراضهما على أي قرار تأديبي أو زجري ضدّ القاضية عون.
ويظهر المشهد ارتباكاً في السلطة القضائية بفعل الضغوط السياسية المتمثّلة بالغطاء الذي يؤمنه رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه السياسي لتصرفات القاضية عون وتمرّدها على أوامر رؤسائها.
موقف معقد
ويقف مجلس القضاء الأعلى أمام مهمة معقدة، لاسيما وأن التصويت داخل المجلس على أي قرار يجب أن يحوز على موافقة ثمانية أعضاء من أصل عشرة، فيما العدد الحالي للمجلس ثمانية، وذلك بسبب "استقالة قاض وإحالة قاض آخر على التقاعد".
وفي ظل هذا العدد يصبح حصول أي قرار داخل المجلس على إجماع الأعضاء الثمانية غير محتمل، بعدما أظهرت تجربة اجتماع الاثنين، عضوين في المجلس الأعلى محسوبين على رئيس الجمهورية سجلا اعتراضهما على أي قرار تأديبي أو زجري ضدّ القاضية عون.
ويزداد موقف مجلس القضاء صعوبة، في ظل إعلان القاضية عون استمرارها التحقيق في ملفّ شركة "مكتّف" للصيرفة، وهي التي ادعت سابقاً على صاحب الشركة ميشال مكتّف، وعلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ورئيس مجلس إدارة مصرف SGBL أنطوان صحناوي، بجرائم تهريب الأموال إلى الخارج، والتلاعب بسعر صرف الدولار، وضرب العملة الوطنية.
وقفة احتجاجية
وفي السياق ذاته، نفذ محامو تيار المستقبل بالتزامن مع انعقاد مجلس القضاء الأعلى وقفة تضامنية مع القضاء داخل قصر العدل في بيروت، كما اعتصم عدد من مناصري المستقبل خارج قصر العدل، وشددوا في بيان على ضرورة الوقوف إلى جانب القضاء من أجل تشكيل جبهة مدنية تحميه من "البلطجة".
وتجمع مناصروا القاضية عون، وهم من التيار الوطني الحر، عند مستديرة العدلية معلنين الوقوف إلى جانب القاضية عون في محاربة الفساد.
وفي المسافة الفاصلة بين التجمعين، انتشرت وحدات من الجيش وعناصر من قوى الأمن الداخلي لمنع وقوع اشتباكات بين الطرفين، إلا أن اشتباكاً وقع وأدى إلى سقوط عدد من الجرحى من بينهم عنصر من الجيش اللبناني.