
تبادلت أذربيجان وأرمينيا الاتهامات، إثر تجدّد القصف بين الطرفين على خلفية إقليم ناجورنو قره باغ المنطقة المتنازع عليها منذ عقود، ضمن خرق صارخ للهدنة الروسية الأخيرة.
وأصاب صاروخ منطقة سكنية في كنجه، ثانية أكبر مدن أذربيجان، السبت، وقال أحد سكانها لوكالة "فرانس برس" إنه شهد إخراج 7 ضحايا من تحت الأنقاض، فيما أعلنت السلطات الأذربيجانية سقوط 12 مدنياً، وإصابة أكثر من 40 آخرين في المدينة، جراء "قصف من قوات أرمينية"، وفقاً لوكالة "رويترز".
وذكر مكتب المدعي العام، أن قذيفتين سقطتا على مبنيين سكنيين في ثانية كبرى مدن البلاد، لكن السلطات الأرمينية نفت اتهام باكو، مؤكّدة أن الأخيرة "هي من تواصل قصف المناطق المأهولة بالسكّان داخل ناجورنو قره باغ".
فرار سكان
وفي كنجه، وصل صحافيّو "فرانس برس" إلى منازل دُمّرت بفعل سقوط الصاروخ الساعة 21:00 بتوقيت غرينتش، ما أدّى إلى تسوية البيوت بالأرض، وفرار السكان من المنطقة في حالة ذعر.
وبعد بضع ساعات من البحث عن ناجين تحت الأنقاض، خرج عشرات من رجال الإنقاذ محملين بأكياس سوداء تحوي أشلاء بشرية، ثم وضعها فريقٌ داخل سيارة الإسعاف.
وشاهد صحافيو "فرانس برس" في وقت لاحق، 3 أشخاص محمّلين على نقالات، لكن لم يتضح بعد إذا كانوا أحياء أم أموات.
وكتب حكمت حاجييف، مستشار الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف، في تغريدة على "تويتر"، أنه "بحسب المعلومات الأولية، تم تدمير أكثر من 20 منزلاً"، مضيفاً أنّ "المدنيين الأبرياء في المدينة يتعرّضون لقصف عشوائي موجّه من قِبل أرمينيا".
وهذه ليست المرة الأولى التي تواجه فيها المدينة الأذربيجانية هجوماً صاروخياً، إذ تعرّضت كنجه لقصف آخر، الأحد الماضي، أسفر عن وفاة 10 أشخاص.
وقال صحافيو "فرانس برس" في بلدة مينجيفير القريبة، على بعد ساعة بالسيارة شمال كنجه، إنهم سمعوا دويّ انفجار هز المبنى الذي كانوا فيه في الوقت نفسه تقريباً.
إسقاط مسيّرتين
في غضون ذلك، أسقطت أرمينيا طائرتين مسيّرتين تابعتين لأذربيجان داخل أجواء البلاد، وفق ما أعلنت وزارة الدفاع، الجمعة.
كما نفت وزارة الدفاع، اتهام أذربيجان ليريفان بقصف عدد من مدنها، وقالت المتحدثة باسم الوزارة، شوشان ستيبانيان، عبر "تويتر"، إنه "لم يحدث إطلاق نار من أراضي أرمينيا أو من جانب قواتها المسلحة”، مشيرة إلى أن أنظمة الدفاع الجوي الأرمينية أسقطت طائرتين بدون طيار داخل أجواء البلاد.
ستيباناكيرت تحت القصف
وكانت عاصمة منطقة ناجورنو قره باغ، ستيباناكيرت، تعرّضت للقصف مجدداً، الجمعة، مع اندلاع قتال عنيف على الخطوط الأمامية، في وقت أعلنت أذربيجان سيطرتها على مزيد من الأراضي.
وسُمع دويّ سلسلة انفجارات، ليل الجمعة - السبت، في ستيباناكيرت، وكذلك صفارات أنظمة التحذير الجوي، حسب مراسل وكالة "فرانس برس" في المكان، ما أدّى إلى إصابة 3 مدنيين، وفقاً لوزارة الخارجية الأرمينية.
وقال أرتاك بيغلاريان، وهو مسؤول رفيع المستوى في ناجورنو قره باغ، مساء الجمعة، على "تويتر" إن ستيباناكيرت تعرضت لقصف "بصواريخ ثقيلة".
ومنذ تجدّد النزاع في الـ27 من سبتمبر الماضي، كانت هذه المدينة عُرضة للقصف مراراً بين القوات المدعومة من يريفان والجنود الأذربيجانيين، وأدى القصف إلى فرار أغلبية سكانها.
وعقب التوصل إلى هدنة "إنسانية" في الـ10 من أكتوبر في موسكو، للسماح بتبادل الجثث والأسرى، عرفت ستيباناكيرت الهدوء بضعة أيام، انتهت الخميس الماضي.
واستمرّ القتال في أماكن أخرى على الجبهة، وتبادلت أذربيجان وأرمينيا الاتهامات بخرق الهدنة وباستهداف مناطق مدنية.
تقدّم أذربيجاني
وتقدَّم الجنود الأذربيجانيون شمال خط الجبهة وجنوبها، واتخذوا مواقع لهم في قره باغ، وفي منطقتين كانتا تحت السيطرة الأرمينية منذ نهاية الحرب الأولى في عام 1994.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأرمينية، أرتسرون هوفهانيسيان، الجمعة، إن القوات الأذربيجانية انتقلت إلى "هجوم واسع النطاق" بعد عملية "قصف مطوّل" في شمال ناجورنو قره باغ وغربها.
وأضاف أن الجيش الأرميني صدّ هذه الهجمات في الشمال، بينما تواصلت "المعارك الضارية" في الجنوب.
كما أعلن الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، الجمعة، أن باكو سيطرت على 3 قرى في منطقة خوجافيند.
تسوية سلمية
في الإطار، بحث وزير الدفاع الأميركي، مارك إسبر، ووزيرة الجيوش الفرنسية، فلورنس بارلي، الجمعة، ضرورة التوصل إلى وقف لإطلاق النار، في ناجورنو قره باغ.
واتفق إسبر وبارلي خلال اتصال هاتفي "على ضرورة أن يفي زعماء أرمينيا وأذربيجان بوعودهم بوقف فوري لإطلاق النار في منطقة ناجورنو قره باغ، وتسوية (النزاع) سلمياً"، بحسب بيان نشره البنتاغون.
وتقود الولايات المتحدة وفرنسا جهود حل النزاع منذ عام 1994، إلى جانب روسيا، في إطار ما يسمى مجموعة "مينسك".
واستؤنفت المعارك نهاية سبتمبر في قره باغ، ما أسفر عن سقوط أكثر من 700 شخص حسب حصيلة غير نهائية، في وقت تُتهم تركيا، الحليف الرئيسي لباكو، بالتدخل عسكرياً هناك.