صالات السينما في بيروت تستعيد نشاطها بـ12 فيلماً أجنبياً

time reading iconدقائق القراءة - 7
جانب من الإقبال على دور العرض اللبنانية - المكتب الإعلامي لشركة أمبير
جانب من الإقبال على دور العرض اللبنانية - المكتب الإعلامي لشركة أمبير
بيروت-رنا نجار

استعادت دور السينما في لبنان، نشاطها مُجددًا، بعد فترة غلق دامت لأكثر من عامٍ ونصف العام، إثر جائحة فيروس كورونا، حيث قررت الحكومة هناك فتح الصالات، منذ 3 يونيو الماضي، بقدرة استيعابية لا تتعدى 50%.

ويبلغ عدد الصالات هناك، نحو 138 صالة، موزّعة على 17 مجمّعاً في البلاد، كانت بدأت تعاني من خسائر مادية وتفتح أبوابها بشكل متواتر بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة وتراجع الوضع الاقتصادي واندلاع التحركات الشعبية في 17 أكتوبر 2019. 

ويرى بعض مسؤولي السينمات، أنّ دور العرض تواجة أزمة كبيرة، في ظل ضعف إقبال الجمهور حالياً، إذ تكمن الأزمة في أن القيمة التشغيلية للصالات (الشاشات، وكهرباء، ومكيفات، وصيانة، وتنظيفات، ورواتب الموظفين والإيجار) تفوق اليوم ما تجنيه هذه الصالات من أسعار البطاقات التي تتعدى 3 أو 4 دولارات بعدما كانت 10 دولارات.

ويُعرض في الصالات اللبنانية حالياً، أكثر من 12 فيلماً أجنبياً وفيلماً عربياً واحداً، منها: المصري "ماما حامل"، والياباني "الرحلة"، والأفلام الهوليوودية "Fast & Furious 9" للمخرج جاستين لين، و"Wrath of man" للمخرج غاي ريتشي، و"بيتر رابيت 2" و"رايا التنين الأخير" و"لوكا" و"كرويلا" وغيرها.

تحديات عالمية ومحلية

وقال بسام عيد، مدير الإنتاج والبرمجة في مجموعة صالات "أمبير"، لـ"الشرق"، إنّ أصحاب دور السينما، حرصوا على فتح بعض الصالات فقط، في ضوء "جس النبض"، لاسيما في ظل وجود تحديات كثيرة، لعلّ أبرزها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، وعدم توفر المحروقات لتشغيل المولّدات، وتأمين وصول الزبائن للصالات، وانهيار العملة اللبنانية مقابل الدولار 

وأشار إلى التحديات العالمية والتي باتت تواجه قطاع السينما، بعد جائحة فيروس كورونا، مثل تحوّل السوق الإنتاجية إلى المنصات الرقمية التي ارتفعت أسهمها وأرباحها على حساب الصالات.

وأكد بسام عبيد أنّ "الفترة الأولى من عودة بعض الصالات بمثابة تجربة ومبارة لاستعادة الحياة السينمائية، والتفكير في استراتيجيات تجذب المواطن مُجددًا، أو الاتجاه نحو تكثيف عرض الأفلام اللبنانية وتظاهراتها ومهرجاناتها، إذ بدأت بعض الشركات تطبيق آليات جديدة بشأن تحسين مبيعات البطاقات".

وأوضح: "نحن لم نقفل الصالات في عز الحرب الأهلية التي دامت 30 سنة، كانت الأفلام تُعرض تحت القصف وكان هناك رواد يصرّون على ارتياد السينما، والآن لن نقفل أبوابنا طالما نحن قادرون على الأقل على تغطية مصاريفنا". 

خسائر متراكمة

وأرجع عيد، تمهل شركة "أمبير" التي تملك أكبر عدد من الصالات هناك، في فتح أماكنها كافة، إلى أنّ "الناس ستتوزع عليها جميعاً ولن يأتي أكثر من 50 شخصاً، في حين أن أسعار البطاقات لا يمكن أن تغطي التكلفي التنظيمية مع استقبال نحو 8% من حجم الصالة".

وقال: "في أسواق بيروت مثلاً، فتحنا 4 من أصل 10، ولا ننسى أنها تضرّرت بفعل انفجار المرفأ ولم نستطع إعادة تأهيل إلا 4 فقط على نفقتنا الخاصة، لأننا غير قادرين على استقدامه من الخارج بالعملة الصعبة والباهظة، إلى جانب كلفة الإيجار مرتفعة الثمن".

وأشار عيد، إلى أنّ "صالات السينما في لبنان كانت تبيع سنوياً ما يفوق 4 ملايين بطاقة قبل عام 2019، أي كان هذا القطاع يُدخل للقطاع الاقتصادي أكثر من 100 مليون دولار سنوياًـ أما اليوم فالصالات بالكاد تستقطب 8% من الرواد".

شراء الحقوق

وعن تمكن أصحاب دور العرض من شراء حقوق الأفلام الأميركية والأوروبية في ظل عدم توفر العملة الأجنبية، والتي أصبح تأمينها وتحويلها إلى الخارج مهمة شبه مستحيلة، طمأن عيد إلى أن "لبنان تربّع على عرش موزّعي الأفلام الأجنبية ووكلائها في الشرق الأوسط -ما عدا تركيا واسرائيل- ولم يكن له منافساً لعقود طويلة من عمر السينما في المنطقة، وبدأت تنافسه شركات من الخليج العربية منذ سنوات قصيرة فقط".

وتابع: "لبنان يستفيد من هذه التجارة التي لن تضطر أصحاب الصالات وهم لحسن الحظ الموزّعين أيضاً، لشراء حقوق الأفلام من أجل عرضها في لبنان فقط، بل هم يشترون الحقوق مرّة واحدة لمصلحة الشرق الأوسط، وبالتالي لا تقف أزمة الحصول على حقوق عرض الأفلام عثرة في وجهنا".

جمهور السينما لن يموت

وقال أيزاك فهد، مدير التسويق الإقليمي لمجموعة "غراند سينما"، إنّ الجمهور لا يزال متردداً في العودة إلى السينمات، خصوصاً في ظل الظروف المعيشية السيئة، موضحاً أنّ "لبنان لن يبقى تحت رحمة الدولار، ولن يدوم هذا الوضع المهزوز اقتصادياً، وبمجرد تشكيل حكومة أو تدخل البنك الدولي ستتحسّن الأوضاع وستتحن القيمة الشرائية عند المواطن". 

وأضاف: "اللبناني يتأقلم مع كل الأوضاع، لطالما مررنا في أزمات وبقيت صالات السينما دورها الريادي في الثقافة والمتعة"، لافتاً إلى أن لبنان في عز أزمته الاقتصادية ينتج أفلاماً تنافس في أرقى المهرجانات العالمية، وهذا يؤكد أن جمهور السينما لن يموت. 

خطط بديلة

كشف فهد عن وجود خطط بديلة بشأن استعادة السينمات عافيتها بشكلٍ كامل، قائلاً: نبحث عن بدائل تشجّع العائلات والطلاب والأطفال والأصدقاء على ارتياد السينما، بشكل جماعي عبر تخفيضات معيّنة بحسب الفئات العمرية وعدد المجموعة".

وأضاف فهد أن "نحو 2000 عائلة لبنانية تعيش اليوم من هذه الصالات، وسنحاول التأقلم مع الوضع كل يوماً بيومه كي لا نقفل أبوابنا، ولا نقفل بيوت كثيرة تعتاش من هذا القطاع الحيّ والنشط منذ 1920". 

وختم: "حجم خسائر شركة (غراند سينما) بملايين الدولارات، منذ خريف 2019، وككل القطاعات نحاول عدم الغرق والنجاة من الموت، لا نفكر الآن بالربح بل بالاستمرارية ولو خسرنا".

وطالب فهد الدولة اللبنانية بـ"السماح لشعبها بالتنفس والعيش على الأقل بتقديم الخدمات الأساسية وهي الأمان والكهرباء والنفط، وأن يتركوا ما تبقى علينا فنحن نستطيع النجاة ونستطيع أن نرفّه عن نفسنا في أحلك الظروف إذ أن الترفيه اليوم يعوّض عن الكبت والقلق والتوتر والاكتئاب، وهذا ما نعوّل عليه في قطاعنا إذ أن السينما هي أحد أعمدة الترفيه في لبنان".