بعد الانسحاب الأميركي.. ما خطوات طالبان القادمة في أفغانستان؟

time reading iconدقائق القراءة - 7
مقاتلو طالبان يغلقون طريقاً بسيارة عسكرية مدرعة بالقرب من مطار كابول، 28 أغسطس 2021 - AFP
مقاتلو طالبان يغلقون طريقاً بسيارة عسكرية مدرعة بالقرب من مطار كابول، 28 أغسطس 2021 - AFP
دبي-الشرق

أعلنت الولايات المتحدة ، الاثنين، خروج آخر جندي أميركي من أفغانستان، لتسدل بذلك الستار على أطول حرب خاضتها البلاد، تاركةً السلطة في يد حركة طالبان، التي استهدفتها الحرب الأميركية طيلة عقدين. 

وقالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في تقرير، الثلاثاء، إنه مع خروج آخر القوات الأميركية من أفغانستان، ينتظر الأفغان أوقات عصيبة في ظل حكم طالبان.

وأوضحت أنه في المرة الأولى التي حكمت فيها طالبان البلاد، بين عامي 1996 و2001، قبل أن يطيح بها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة، فرضت الحركة تفسيراً صارماً للشريعة الإسلامية، وقدمت ملاذاً للجماعات الإرهابية العالمية مثل تنظيم القاعدة.

والآن، بعد عشرين عاماً، تعود الحركة مجدداً إلى السلطة في البلاد، التي مزقتها الحرب وتعيش أزمة اقتصادية، بفعل الجفاف وتداعيات جائحة فيروس كورونا.

حرب وبطالة

زماري (26 سنة) طالب يدرس إدارة الأعمال في جامعة خاصة، قال لـ"فاينانشال تايمز" إن "الحرب لن تنتهي. لقد غادر الأميركيون والآن وصل (تنظيم) داعش".

وأضاف: "لست سعيداً ولا حزيناً برحيل الأميركيين. فقد تم استبدال أميركا بداعش. سوف نعاني من الحرب وانعدام الأمن، وكذلك من البطالة والوضع الاقتصادي السيئ".

وحظرت الحركة على الفتيات التعليم والعمل والذهاب للأماكن العامة، خلال سنوات حكمها الأولى، وفرضت عقوبات قاسية، مثل رجم على بعض النساء، وقطعت أيدي اللصوص المزعومين.

لكن قادة طالبان يصرون الآن على تحول أيديولوجيتهم إلى الاعتدال، وأنهم يخططون لاحترام الحريات المدنية، وحقوق المرأة في إطار الشريعة الإسلامية، بحسب الصحيفة البريطانية.

ولم يكشف القادة الأفغان الجدد بعد عن هيكل حكم جديد، أو سياساتهم الرئيسية، على الرغم من التعهدات بتقديم "حكومة شاملة".

ويجري قادة طالبان محادثات مع الرئيس السابق حامد كرزاي، وسياسيين بارزين آخرين، بشأن الأدوار المحتملة في الإدارة الجديدة، لكنهم لم يتوصلوا بعد إلى أي اتفاق. 

هل تسمح طالبان بحرية السفر؟

قالت "فاينانشيال تايمز" إنه بعد استيلاء طالبان على السلطة، قامت الولايات المتحدة وحلفاؤها بإجلاء أكثر من 120 ألف مدني، سواء من مواطنيها أو الأفغان الذين اعتبروا "معرضين لخطر الانتقام بسبب تعاونهم مع الحكومات الأجنبية". 

لكن آلاف الأفغان الذين يسعون للإجلاء، لم يتمكنوا من الوصول إلى مطار كابول، بسبب الفوضى الحشود وسيطرة طالبان.

وأعلنت طالبان أن الأفغان الحاصلين على تصريح سفر ساري المفعول، سيكونون أحراراً في المغادرة، بمجرد استئناف الرحلات الجوية المدنية، لكن الحركة قد تكافح من أجل إعادة تشغيل المطار، إذ رفضت حتى الآن الدعوات الدولية لوجود أمني أجنبي في المطار، لإعادة فتحه بأمان للرحلات التجارية.

وتقول الصحيفة إنه "من غير الواضح كم عدد الأفغان الذين ستقبلهم الدول الغربية، فيما لا يرغب جيران أفغانستان في استضافة موجة من اللاجئين المشردين".

ويأتي ذلك الغموض وسط تحذير الأمم المتحدة وجهات أخرى، من أن التدهور السريع للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، قد يدفع العديد من الأفغان إلى الفرار في الأشهر المقبلة.

كيف سيتعامل العالم مع حكومة طالبان؟

أوضحت الصحيفة أن نظام طالبان الأول كان منبوذ عالمياً، ولم تعترف به أي قوة غربية، ولم يُسمح له مطلقاً بشغل مقعد أفغانستان في الأمم المتحدة.

لكن واشنطن انخرطت في حوار مكثف مع القيادة السياسية لطالبان، قبل وبعد توقيع إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، والشريك المؤسس لطالبان اتفاقية فبراير 2020، التي مهدت الطريق لانسحاب الجيش الأميركي.

وتضيف أن طالبان تتوق إلى الاعتراف الدولي بأنها الحاكم الشرعي لأفغانستان، كما تتطلب دعماً مالياً عاجلاً، لمنع تفاقم الأزمة الاقتصادية والإنسانية في البلاد.

وتأمل واشنطن وحلفاؤها أن يؤثر وعد الشرعية الدولية والوصول إلى الأموال المجمدة، على سلوك طالبان ويدفعها نحو سياسات أكثر اعتدالاً.

وترى الصحيفة أن قادة طالبان لجأوا أيضاً إلى كل من الصين وروسيا، اللتان قد تقدمان المساعدة، وتمنح الاعتراف بشروط أقل.

هل تتحول أفغانستان إلى ملاذ للإرهاب؟

ذكرت "فاينانشيال تايمز" أنه في اتفاق الدوحة لعام 2020 مع واشنطن، وعدت طالبان بعدم السماح لأفغانستان بأن تصبح ملاذاً للجماعات الإرهابية العالمية، بالطريقة التي كانت تؤوي بها القاعدة في التسعينيات.

لكن الكثيرون يشككون في أن لدى طالبان النية أو القدرة على الوفاء بهذا التعهد، وتعززت هذه المخاوف الأسبوع الماضي، عندما استهدف انتحاري الحشود أمام بوابات مطار كابول، ما أسفر عن مقتل أكثر من 100 مدني أفغاني و13 من مشاة البحرية الأميركية.

وأعلن فرع تنظيم داعش في أفغانستان مسؤوليته عن الهجوم، حيث يتنافس التنظيم مع طالبان على النفوذ في أفغانستان، ويطمح إلى إقامة حكم إسلامي، خارج الحدود الوطنية لأفغانستان.

ويقدّر المسؤولون الأميركيون أن "داعش خرسان" يتوفر في الوقت الراهن على نحو حوالي ألفي مقاتل. ويحذر العديد من المحللين من أن الانسحاب الأميركي سيشجع الجماعات الجهادية الأخرى على الاستقرار في أفغانستان، ما قد يؤدي إلى تدفق مزيد من المتشددين إلى البلاد، وفقاً للصحيفة الأميركية.

وتضيف الصحيفة أنه على الرغم من أن واشنطن قد لا تبدأ علاقات دبلوماسية رسمية مع حكومة طالبان الجديدة قريباً، فمن المتوقع أن تتعاون الولايات المتحدة وطالبان في إجراءات مكافحة الإرهاب، لإبقاء الجماعات المتطرفة تحت السيطرة.

ونقلت الصحيفة عن المحلل السياسي عمر الصدر، مؤلف كتاب "التفاوض على التنوع الثقافي في أفغانستان"، القول إن"الولايات المتحدة قالت علناً إنها لن تعترف بطالبان كحكومة شرعية. ومع ذلك، يبدو كما لو أن طالبان شريك موثوق به بالنسبة لواشنطن". 

اقرأ أيضاً: