عائلة أرجنتينية تختتم رحلة مدتها 22 عاماً حول العالم

time reading iconدقائق القراءة - 8
العائلة الأرجنتينية تجهز خيمة على سقف السيارة، مقاطعة جواليجوايتشو، الأرجنتين - 10 مارس 2022 - AFP
العائلة الأرجنتينية تجهز خيمة على سقف السيارة، مقاطعة جواليجوايتشو، الأرجنتين - 10 مارس 2022 - AFP
جواليجوايتشو (الأرجنتين) - أ ف ب

تختتم عائلة أرجنتينية، الأحد، في بوينس آيرس رحلة نادرة بالسيارة، كان يفترض أن تدوم 6 أشهر لكنها استمرت 22 عاماً، وشملت أكثر من 100 بلد، وأنجب خلالها الزوجان 4 أولاد، وخلصا في نهايتها إلى أن "البشرية رائعة". 

وفي جواليجوايتشو الواقعة شمال غرب بوينس آيرس، والتي تمثّل إحدى المراحل الأخيرة للرحلة، إذ تبعد بضع ساعات أو 230 كيلومتراً عن المحطة النهائية، يحار هيرمان زاب بين القول "انتهى حلمي" أو "حققت حلمي"، ويضيف "كل شيء كان أجمل مما تخيّلنا"، وهذا هو الأهم بالنسبة إليه. 

عندما انطلق الزوجان في رحلتهما، كانا يبلغان من العمر 31 و29 عاماً، وكانا ميسورين مادياً، ويملكان منزلاً في ضواحي بوينس آيرس، ويرغبان في إنجاب الأطفال، لكنهما أرادا قبل ذلك تحقيق حلمهما القديم المتمثل في القيام برحلة برية بالسيارة لمدة 6 أشهر، من الأرجنتين إلى ألاسكا، وهكذا بدأت المغامرة، وكان بحوزتهما في بدايتها مبلغ 4 آلاف دولار. 

وعرض عليهما أحد الأشخاص سيارة قديمة للبيع من طراز "جراهام-بيج" طراز 1928 ذات إطارات مغلّفة بالخشب وبالكاد قادرة على السير، ولا تصلح لرحلة كهذه، إلّا أنّها أعجبت الزوجين، فقررا استخدام هذه المركبة "الأثرية" في رحلتهما.

وعرّف آل زاب نفسيهما بملصق وضعاه على السيارة يشير إلى أنّهما "عائلة تجول العالم"، وبالسيارة التي باتت نجمة الرحلة، بلغ عدد الدول التي زاراها 102 دولة، واجتازت السيارة 362 ألف كيلومتر على الرغم من أنّها لم تكن تسير إلّا بضع ساعات في كل محطة، وليس بوتيرة يومية، نظراً إلى قِدمها.

سيارة تدخل القلوب

وقال هيرمان لوكالة "فرانس برس" إنّ السيارة "لا تحوي أفضل مقاعد ولا أفضل ممتصات صدمات وتفتقر إلى مكيّف، إنّها تجعل سائقها متنبهاً (...) لكنّها كانت مذهلة"، مشيراً إلى أنّها كانت تعبر إلى قلوب الناس، فشكّلت مصدر فرح لهم، ودفعتهم إلى مدّ يد العون له ولزوجته. 

وأدخلت تغييرات على السيارة منذ الكيلومترات الأولى للرحلة التي اقتصرت في يوم انطلاقها في 25 يناير 2000 على 50 كيلومتراً، قبل أن تتعطّل للمرة الأولى، واضطرت العائلة إلى إخضاعها لعدد من الإصلاحات، ثم أجرت تغييراً كبيراً فيها تمثل في تكبير حجمها وإضافة 40 سنتيمتراً إليها لأنّ العائلة كبرت، وأصبحت تضم بامبا البالغ حالياً 19 عاماً والمولود في الولايات المتحدة، وتيهيو (16 عاماً) المولود خلال إحدى الزيارات إلى الأرجنتين، وبالوما (14 عاماً) التي وُلدت في كندا، والابي (12 عاماً) المولود في أستراليا، من دون أن ننسى تيمون الكلب وهاكونا القطة.

وغالباً ما مثّلت السيارة "مسكناً رئيسياً" للعائلة، إذ كان الأطفال ينامون داخل خيمة على سطحها بينما ينام الأهل في الداخل، فيما تغطى السيارة بأكملها بالقماش حفاظاً على الخصوصية.

ويقول هيرمان مازحاً إنّ "المنزل صغير لكنّ الحديقة واسعة، مع شواطئ وجبال وبحيرات، وإذا لم يعجبك المكان، يمكنك تغييره!".

في الواقع، كانت عائلة زاب تنام في الغالب لدى سكان في المناطق التي تحلّ فيها، إذ استضافتهم أكثر من 2000 عائلة في العالم، بحسب هيرمان، موضحاً: "لم نكن يوماً لنتخيّل أن الناس في العالم يمكن أن يكونوا بهذا اللطف، إنّ البشرية التي ننتمي إليها رائعة"، مضيفاً أنّ "كثراً ساعدونا لأنهم أرادوا أن يكونوا جزءاً من حلم".

الناس هم الاكتشاف الأهم

لم تكن الرحلة جميلة ومثالية دائماً، إذ واجهوا صعوبات كبيرة بعدما شهدوا نزاعات وأزمات، واختبروا إنفلونزا الطيور في آسيا، وإيبولا في إفريقيا، وحمى الضنك في أميركا الوسطى، وأصيب هيرمان بالملاريا.

وكانت العائلة تعود كل 3 سنوات إلى الأرجنتين لمدة شهرين أو ثلاثة، لزيارة الأقرباء، ثم يغادرون لا لانجذابهم فقط للمناظر الطبيعية التي تسود المناطق والبلدان من ناميبيا إلى إيفرست ومن مصر إلى بيرو، بل لأنّ اكتشافهم الأهم تمثّل في الناس.

ويصعب التكهّن بالمستقبل بعد عقدين مليئين بتفاصيل ذُكرت في سلسلة من 3 كتب بعنوان "التقط حلمك"، بيعت منها 100 ألف نسخة، وساهم جزء من عائداتها في تمويل المغامرة.

رحلة بحرية

وبينما يلفت هيرمان إلى "آلاف الخيارات"، يشير إلى إمكانية القيام برحلة بحرية حول العالم، ولا يبدي الأطفال حماسة لفكرة التعلّم الحضوري في مدرسة بعدما أمضوا سنوات وهم يتعلمون من خلال المراسلة أو بمساعدة والدتهم،  ولم يكن لدروس الجغرافيا خلالها مثيل.

لكنّ تأخيراً قد يواجه العائلة في ظل ما يشهده العالم من أزمات متتالية تدفع الناس إلى المكوث في بلدانهم، لكن هيرمان يرى أنّ ما من سبب يفترض أن يدفع إلى تغيير الخطط، موضحاً: "نخرج من كورونا لندخل في حرب ضخمة، فإذا بقينا ننتظر اللحظة المناسبة، فسيكون ثمة دائماً سبب لعدم تحقيق أحلامنا".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات