أبحاث على التسلسل الجيني لـ"جدري القرود": منشأ الإصابات ربما يكون واحداً

time reading iconدقائق القراءة - 7
موظف في شركة بافاريا نورديك يعرض صورة لقاح فعال ضد جدري القرود في ميونخ بألمانيا - 24 مايو 2022. - REUTERS
موظف في شركة بافاريا نورديك يعرض صورة لقاح فعال ضد جدري القرود في ميونخ بألمانيا - 24 مايو 2022. - REUTERS
دبي -الشرق

يواصل باحثون الكشف عن أدلة تشير إلى أصول تفشي مرض "جدري القرود"، الذي أصاب أكثر من 200 شخص حول العالم، بما في ذلك احتمالية أن تكون هذه الحالات، نتيجة لإصابة واحدة فقط (منشأ واحد)، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال".

وقالت الصحيفة الأميركية في تقرير، الأربعاء، إن باحثين في دول مثل البرتغال وألمانيا وبلجيكا والولايات المتحدة، أجروا تسلسلاً جينياً لعينات من الحالات المؤكدة، وتبادلوا نتائجهم عبر الإنترنت.

ويقول باحثون من المعهد الوطني للصحة في البرتغال، في منشور على أحد منتديات تبادل أبحاث علم الفيروسات، إن أوجه التشابه بين الجينوم الفيروسي الموجود لدى 10 حالات اكتشفت هناك، ومريض في الولايات المتحدة تشير إلى أن تفشي المرض كان من "منشأ واحد".

ونقلت الصحيفة عن عالم الفيروسات في معهد طب المناطق الحارة بمدينة أنتويرب في بلجيكا، فيليب سيلهورست، قوله إن "الحالة التي أجري تسلسلها هناك، وهي لشخص كان في زيارة إلى لشبونة مؤخراً، مرتبطة جينياً أيضاً بالحالات التي ظهرت في البرتغال".

فيما تقول عالمة الأوبئة والأمراض المعدية في جامعة كاليفورنيا، آن ريموين، إنه يجب إجراء المزيد من التسلسلات الجينية للتوصل إلى الصورة الكاملة، مضيفة: "الأمر يشبه كما لو أننا بدلنا القناة ووجدنا مسلسلاً جديداً على التلفزيون، ولكننا لا نعرف الحلقة التي تُعرض أمامنا، إذ يبدو أن بعض المعلومات الخاصة بمنشأ هذا التفشي تغيب عنا".

وسجلت إصابات بالفيروس، الذي يسبب حمي يتبعها طفح جلدي يشبه "الجدري المائي"، في أكثر من 20 دولة خارج قارة إفريقيا التي يتوطن فيها المرض، فيما أبلغت دول مثل إسبانيا والمملكة المتحدة عن ظهور عشرات الحالات لديها، ولكن لم يتم الإبلاغ عن أي وفيات حتى الآن.

وفي مدريد، قال متحدث باسم وزارة الصحة، إنه يوجد 51 حالة مؤكدة في المدينة، جميعها من الرجال، مشيراً إلى أن كل هؤلاء الرجال كانوا قد زاروا "ساونا" في مدريد، فيما حضر البعض فاعلية للمثليين في "جران كناريا" في جزر الكناري، أو حفلات خاصة في المدينة.

وأضاف المتحدث: "على الرغم من أن تعامل الرجال مع بعضهم البعض في الساونا، بالإضافة إلى فعالية (جران كناريا) والحفلات الخاصة قد ساعد على انتشار الفيروس، تعتقد السلطات أن جدري القرود دخل إلى إسبانيا عن طريق شخص جاء من المملكة المتحدة، إذ أن بعض القادمين من هناك قد حضروا بعض الحفلات الخاصة في مدريد أيضاً".

"تفشٍ غير عادي"

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن غالبية الحالات التي اكتشفت على مستوى العالم كانت لدى الرجال المثليين، فيما يقول علماء إنه لا يُعتقد أن "جدري القرود" ينتقل عن طريق الاتصال الجنسي.

"وول ستريت جورنال" أوضحت أن "جدري القرود" عادةً ما يحتاج للاتصال الوثيق للانتشار بين الأشخاص، ولذا فإن الحالات المتعلقة بالسفر التي رُصدت في أوروبا والولايات المتحدة في الماضي لم تنتقل إلى الآخرين.

ولفتت إلى أن التفشي الأخير "غير عادي"، لأن جميع الحالات المعروفة، باستثناء حالة واحدة، لم تسافر مؤخراً إلى غرب ووسط إفريقيا (مكان انتشار الفيروس).

في السياق، يقول أنطونيو ثاباتيرو، وهو مسؤول رفيع في وزارة الصحة الإسبانية، إن تتبع المخالطين يحتاج إلى العودة لستة أسابيع قبل الحصول على اختبار إيجابي، وذلك لأن الفيروس يمكن أن ينتشر قبل أسابيع من شعور الشخص بالتعب وظهور الأعراض.

وتبلغ فترة حضانة "جدري القرود" 21 يوماً، وفقاً للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC)، كما يقول علماء أوبئة إن عدد الحالات في جميع أنحاء العالم يشير إلى تفشي المرض منذ أسابيع أو حتى أشهر.

وثمة عامل آخر ربما ساهم في انتشار المرض، وهو أن مناعة السكان ضد "جدري القرود" قد تراجعت، لأنه من المعروف أن التطعيم ضد مرض "الجدري" العادي، يوفر أيضاً حماية من "جدري القرود"، لأن الفيروسين مرتبطان ارتباطاً وثيقاً، على الرغم من أن الأخير يعد أقل خطورة بكثير. 

وانتهت حملات التطعيم ضد "الجدري المائي"، في سبعينيات القرن الماضي بعد إعلان القضاء على المرض، ما يعني أن كل الأشخاص الذين وُلِدوا منذ ذلك الحين ليس لديهم أي مناعة ضد "جدري القرود" أيضاً.

من جانبه، رجح أستاذ الصحة العامة في كلية لندن للصحة والطب الاستوائي، جيمي ويتوورث، أن يكون الفيروس قد تحور بطرق تجعله أكثر قابلية للانتقال، ولكن لا يوجد دليل على ذلك حتى الآن.

فيما يقول بعض علماء الأوبئة إنه ربما هناك العديد من الحالات غير المكتشفة في العالم، وذلك لأنه على الرغم من أن "جدري القرود" يمكن أن يسبب طفحاً جلدياً واضحاً، فإنه يمكن أن يسبب أعراضاً خفيفة أيضاً. ويقول الأستاذ المساعد في علم الأوبئة بجامعة هارفارد، الولايات المتحدة، بيل هاناج: "مدى تأثر أشخاص آخرين بالفيروس ليس واضحاً على الإطلاق".

وفيروس جدري القرود من الأمراض المستوطنة في غرب ووسط إفريقيا. ويسبب عادة الحمى وتشوهات جلدية، ولكن عادة ما يزول من تلقاء نفسه دون علاج. ولقاح "الجدري المائي" فعال بنسبة تصل إلى 85% في الوقاية من عدوى "جدري القردة"، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، بسبب أوجه التشابه في مسببات الأمراض.

ومنذ أكثر من أربعة عقود، أعلن القضاء على "الجدري المائي"، والاحتفاظ بمخزونات لقاح للتحوط ضد احتمال عودة ظهوره. وتستعد السلطات الصحية العالمية في أوروبا وأماكن أخرى لاستخدام اللقاح مع حالات الاتصال المباشر مع المصابين بفيروس "جدري القردة" لوقف انتشاره.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات