مصر.. تحفيزات لاستقطاب 4 ملايين عامل من "اقتصاد الظل"

time reading iconدقائق القراءة - 7
زحام في سوق للملابس الجاهزة والمستعملة في القاهرة
زحام في سوق للملابس الجاهزة والمستعملة في القاهرة
القاهرة-محمد الخولي

أكد وزير المالية المصري محمد معيط أن الحوافز الضريبية الجديدة التي تضمنها قانون "تنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر"، تُشَّجع على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي، ما يُسهم في تطوير قدراتها الإنتاجية، لتصبح أحد روافد توفير فرص العمل، وركيزة أساسية للنهوض بالاقتصاد المحلي.

 وبحسب إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن عدد العاملين في القطاع غير الرسمي بلغ نحو 4 ملايين عامل، ما يعادل 29% من إجمالي العاملين في المنشآت الاقتصادية.

وقال معيط في بيان صحفي، السبت، في إطار حملة "الوعي الضريبي"، إن "القانون الجديد يسمح بتوفيق أوضاع المشاريع المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، العاملة بالاقتصاد غير الرسمي، والتي تُمارس نشاطها من دون ترخيص".

وأشار إلى أنه "لن تكون هناك محاسبة ضريبية لمشاريع الاقتصاد غير الرسمي، التي تقدمت بطلب الحصول على ترخيص مؤقت لتوفيق أوضاعها، عن السنوات السابقة لتاريخ تقديم هذا الطلب"، لافتاً إلى أن "الترخيص المؤقت الذي يصدر لكل من هذه المشاريع يحل محل أي موافقات أو إجراءات قانونية أخرى".

الضريبة المستحقة

وحدد قانون الضريبة الجديد الضريبة المستحقة بـ"1000 جنيه" سنوياً، لمشاريع الاقتصاد غير الرسمي متناهية الصغر، التي يقل حجم أعمالها السنوي عن 250 ألف جنيه، ما يقارب (15 ألف دولار)، خلال فترة سريان الترخيص المؤقت، و2500 جنيه سنوياً للمشاريع التي يتراوح حجم أعمالها السنوي من 250 إلى 500 ألف جنيه، و5 آلاف جنيه سنوياً للمشاريع التي يتراوح حجم أعمالها السنوي من 500 ألف إلى مليون جنيه.

ويشمل الاقتصاد غير الرسمي جميع الأنشطة الاقتصادية، التي تمارس بمعزل عن التسجيل القانوني لدى الحكومة، ليكون صاحب النشاط غير خاضع للرقابة أو دفع الضرائب.

كما يُعرّف الاقتصاد الموازي بأنه الاقتصاد غير المدرج في الناتج المحلي، والدخل القومي وغير الواقع تحت مظلة الدولة.

50 % من الاقتصاد الرسمي

من جانبه، قال مدير جهاز تنمية المشاريع المتوسطة والصغيرة، سمير عبدالمجيد، لـ"الشرق"، إن المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر هي عصب اقتصاد الدول النامية، التي تمتلك موارد بشرية وطبيعية كبيرة، وتعد مصر من هذه البلدان.

وتابع: "أصدرت الدولة في عام 2004، قانوناً عرّفت فيه المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والتي لم تكن معروفه قبل هذا التاريخ، إلّا أن هذا القانون لم يكن كافياً للنهوض بالمشاريع التي تندرج تحت مسمى الاقتصاد الموازي، والذي بدأ في الانتشار والتوسع".

وأضاف عبدالمجيد: "الاقتصاد الموازي يبلغ حالياً 50% من الاقتصاد الرسمي، ويضم عدداً كبيراً من الأيدي العاملة، لذلك تحركت الدولة وأصدرت قانون المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر، والذي انطلق العمل به مطلع يناير 2021".

وأشار عبدالمجيد إلى أن هذا التشريع يُقنن وضع العاملين في الاقتصاد غير الرسمي فقط، وحدّد له فترة تقنين أوضاع لمدة 5 سنوات، يعمل خلالها بترخيص مؤقت لحين الانتهاء من تعديل أوضاعه، وأثناء هذه الفترة يمكن لجهاز تنمية المشاريع تمويله، للانتقال من الشارع إلى أماكن أخرى تناسب القوانين الجديدة، ويسري عليها جميع الإجراءات من دفع ضرائب وغيرها.

 اقتصاد ضخم

فيما قدّر الخبير الاقتصادي أبو بكر الديب، في حديث لـ"الشرق"، حجم الاقتصاد الموازي في مصر بنسبة 60% من الاقتصاد الرسمي، وأنه يبلغ قرابة 300 مليار جنيه مصري، (19 مليار دولار)، مشيراً إلى هذا الاقتصاد يبدأ من المصانع التي تنتج مواد مجهولة المصدر، حتى الباعة المتجولين.

وعددّ الديب فوائد خطوة ضم الاقتصاد الموازي، وجاء في مقدمتها امتلاك الدولة بنك معلومات، يضم عدداً واضحاً لحجم البطالة في مصر، وكذلك حجم الاقتصاد بأرقام دقيقة، إضافة إلى زيادة حصيلتها الضريبية التي تصب في خزينتها، ما يعطي دفعة قوية لاقتصادها الرسمي.

وأشار إلى أن أضرار الاقتصاد الموازي يأتي في مقدمتها اعتماده على بضائع مهرّبة غزت الأسواق المصرية، في مقدمتها المنتجات الصينية التي تُعد منافساً قويّاً للمنتج المصري، بسبب انخفاض سعرها، إضافة لتضمن الاقتصاد الموازي بضائع غير آمنة وغير صحيّة، ما يُزيد من فاتورة الرعاية الصحيّة في مصر لتسببها في رفع نسبة المرضي، حسب قوله.

التكنولوجيا تواجه اقتصاد الظل

وقال الخبير الاقتصادي كريم العمدة، لـ"الشرق"، إن الاقتصاد غير الرسمي في كل دول العالم يقل مع انتشار التكنولوجيا، وهو ما تحاول مصر تطبيقه من خلال نظام الشمول المالي، الذي يُقلل استخدام النقود قدر الإمكان بطريقة الكاش، والفاتورة الإلكترونية وغيرها من طرق التكنولوجيا الحديثة.

وأوضح أن الاقتصاد غير الرسمي لعب دوراً أثناء أزمة كورونا، وذلك من خلال المساعدة في استمرار الأيادي العاملة غير المنتظمة، إلّا أنه اعتبر أن حق الدولة "مهدر" في هذا النوع من الاقتصاد، حتى وصلت نسبة الضرائب في الناتج المحلي لمستوى منخفض بسبب الاقتصاد الموازي عن الاقتصاد الرسمي.

منافسة غير متكافئة

وفي أحد شوارع القاهرة المعروفة بـ"بيع الملابس المستعملة"، افترش صلاح قورة الرصيف عارضاً بضاعته البسيطة، قبل أن يؤكد لـ"الشرق" أنه لن يتحمل الانضمام لمشاريع الاقتصاد الرسمي، لعدم قدرته على الالتزام بدفع ضرائب والالتزامات الأخرى، بسبب انخفاض دخله اليومي، خصوصاً بعد تأثره بتداعيات جائحة كورونا.

وعلى بُعد خطوات من صلاح، يقف عصام سليم، صاحب محل ملابس، والذي أكد لـ"الشرق"، أنه مع استمرار وجود باعة الأرصفة الذين يفترشون بضائعهم، لأن هناك منافسة غير مشروعة، لافتاً إلى أن هؤلاء الباعة لا يتحملون الأعباء نفسها التي يتحملها صاحب المحل.

وأضاف أنه منذ 27 عاماً يتحمل أعباء دفع فواتير الكهرباء والضرائب ورواتب العاملين، بينما لا يتحمل بائع الرصيف أي نفقات فوق مكسبه، وهو ما يجعله يبيع بضاعته بسعر منخفض عن أصحاب المحلات.