أقر محامو الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بأنّ التحقيق الجنائي المتعلق بمراجعة الوثائق السرية التي صادرها مكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي" من منزله (ترمب) في فلوريدا الشهر الماضي،"ربما يسفر عن صدور لائحة اتهام مستقبلية".
والاثنين، قدمت وزارة العدل الأميركية ومحامو الرئيس السابق مقترحات منفصلة، لإجراء مراجعة خارجية للوثائق في ظل وجود اختلافات جوهرية بشأن الطريقة التي ينبغي أن تسير بها عملية المراجعة، حسب ما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية.
وأشار كلا الجانبين إلى "مسودة خطة" قدمها إليهما القاضي رايموند ديري المعين حديثاً لمراجعة الوثائق، وهو كبير قضاة بمحكمة جزئية.
وأعرب محامو ترمب عن قلقهم إزاء تساؤلات طرحها ديري بشأن الوثائق، لم تتعرض لها القاضية التي عينته، مشيرين إلى أن ترمب ربما يجد نفسه في وضع قانوني غير مريح في حال أجاب عنها في هذه المرحلة من التحقيق.
وعلى وجه التحديد، اعترض الفريق القانوني لترمب على ما قال إنه طلب ديري "بالكشف عن معلومات محددة بشأن رفع السرية للمحكمة ووزارة العدل".
ولم تطلب القاضية إيلين كانون، التي تشرف على القاضي الخاص وعملية مراجعة الوثائق من محامي ترمب تحديد ما إذا كانت نحو 100 وثيقة تحمل علامة سرية، صادرها "إف بي آي" في 8 أغسطس الماضي، سرية بالفعل.
وأشار محامو ترمب مراراً في مذكراتهم التي تقدموا بها للمحكمة إلى أنه كان بإمكان الرئيس السابق رفع السرية عن الوثائق، ولكنهم لم يؤكدوا في واقع الأمر أنه فعل ذلك.
تهمة جنائية مستقبلية
وكتب المحامون في مذكرتهم أنهم لا يريدون أن يجبر القاضي ديري، الرئيس السابق ترمب على "الإفصاح بشكل كامل ومحدد عن (معلومات) للدفاع في ما يتعلق بالأسس الموضوعية للائحة اتهام لاحقة من دون أن يكون هذا الشرط واضحاً في أمر محكمة المقاطعة" في عبارة لافتة تقر على الأقل باحتمال توجيه اتهامات جنائية للرئيس السابق أو مساعديه.
وتحقق وزارة العدل في سوء التعامل المحتمل مع الوثائق السرية في "مار إيه لاجو"، واحتمالية إخفاء أو تدمير سجلات حكومية.
وأوضحت الصحيفة أن أحد المحاور الرئيسية في التحقيق، هو أنه حتى بعدما استجاب فريق ترمب لأمر استدعاء هيئة المحلفين الكبرى الذي يطلب جميع الوثائق المصنفة "سرية"، واحتفظ بها الرئيس السابق في "مار إيه لاجو"، حيث ورد أن المساعدين قالوا إنه تم تسليم جميع المواد ذات الصلة، أظهر تفتيش مكتب التحقيقات الفيدرالي نحو 100 وثيقة أخرى.
ولم تتطرق المذكرة التي رفعتها وزارة العدل، مساء الاثنين، للطريقة التي يجب أن يراجع بها ديري الوثائق السرية.
وقال المدعون إنهم ينتظرون ليروا ما إذا كانت محكمة الاستئناف الأميركية بالدائرة الحادية عشرة في أتلانتا ستوافق على طلبهم بوقف حكم كانون بإدراج الوثائق السرية في مراجعة القاضي الخاص، تاركة نحو 11 ألف وثيقة غير سرية ومواد أخرى.
وقال المدعون إن المواد السرية بحكم التعريف "ملك للحكومة"، ولا يمكن حجبها عنها بموجب أي امتياز. ومنع حكم القاضية كانون المدعين من استخدام المواد السرية في تحقيقهم الجنائي حتى تكتمل المراجعة الخارجية.
ومن المقرر أن يلتقي ديري، كبير القضاة الفيدراليين السابق في نيويورك، محامي ترمب ومدعي وزارة العدل، لأول مرة، الثلاثاء.
وستركز الجلسة التي ستعقد في قاعة المحكمة الفيدرالية في بروكلين، على كيفية المضي قدماً.
تعيين "طرف ثالث"
وأشارت مذكرة وزارة العدل إلى أنه يتوجب تعيين طرف ثالث لمراجعة الوثائق المصادرة عبر نظام برمجي آمن.
وسيقوم محامو ترمب بعد ذلك بمراجعة الوثائق غير السرية، وتقرير ما يجب حجبه منها عن المحققين الجنائيين انطلاقاً من امتياز سرية العلاقة بين المحامي وموكله أو الصلاحيات التنفيذية.
وسيشير المدعون إلى أي خلاف مع فريق دفاع ترمب، إذ سيقوم ديري بتسوية أي خلافات.
وأشارت وزارة العدل في مذكرتها إلى أن "عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي سيحضرون ويراقبون عملية التدقيق للحفاظ على سلسلة عهدة الأدلة".
وفي مذكرات سابقة، أكدت وزارة العدل عدم ضرورة تعيين قاضٍ خاصٍ، وأنّ ترمب لم يتمكن من تأكيد صلاحياته التنفيذية، كرئيس سابق، في هذا التحقيق.
وقال المدعون أيضاً إنّ منع وزارة العدل مؤقتاً من استخدام هذه الوثائق في التحقيق الذي تجريه "قد يشكل خطراً على الأمن القومي"، وهو ما رفضته القاضية كانون.
وأمرت القاضية، ديري باستكمال مراجعته قبل 30 نوفمبر، وقالت إنه يجب أن يمنح الأولوية لتصنيف الوثائق السرية، رغم أنها لم تحدد موعداً، في ما يتعلق بموعد إكمال هذا الجزء.
وقالت وزارة العدل، إنّها تأمل أنّ يساعد الاقتراح الذي تقدمت به، الاثنين، في إكمال المراجعة "بطريقة فعالة وفي الوقت المناسب".
بينما قال فريق ترمب في مذكرته إنّ وزارة العدل يجب أنّ تبدأ في إتاحة الوثائق السرية للمراجعة من قبل ديري، الذي سبق له العمل بمحكمة مراقبة الاستخبارات الأجنبية، التي تتعامل مع قضايا الأمن الوطني الحساسة، بحلول الأسبوع المقبل.
وحضت وزارة العدل، في مذكرتها التي تقدمت بها الاثنين، ديري على التحقق من إدارة المحفوظات والسجلات الوطنية، وهي الوكالة الفيدرالية المنوط بها الحفاظ على السجلات الحكومية وتتبعها، أثناء قيامه بالمراجعة.
كما اقترحت أن يقوم القاضي الخاص بإجراء مراجعات أسبوعية مع الطرفين، وذلك عبر خدمة مؤتمرات الفيديو أو الصوت لتسوية الأمور وضمان سلاسة عملية المراجعة.
وقالت وزارة العدل إنها راجعت بالفعل جميع الوثائق التي صادرها مكتب التحقيق الفيدرالي قبل طلب ترمب تعيين قاضٍ خاصٍ، وذلك لفصل أي وثائق يتعين حجبها عن المحققين بدواعي سرية العلاقة بين المحامي وموكله.
وأضافت الوزارة أنّ هذا الفريق، الذي وافق عليه قاضي التحقيق الذي وافق أيضاً على إصدار أمر التفتيش، قام بعزل 64 مجموعة وثائق، تضم نحو 520 صفحة، يمكن اعتبارها محمية بموجب امتياز سرية العلاقة بين المحامي وموكله.
والتحقيق في الوثائق هو واحد من تحقيقات فيدرالية عديدة يواجهها ترمب، في وقت يفكر في الترشح للرئاسة في عام 2024.
اقرأ أيضاً: