ذرفت إيزابيلا دياز أيوزو، رئيسة حكومة إقليم مدريد، دموعاً على ضحايا فيروس "كورونا" المستجد، بينهم ابن عمها، خلال قداس أُقيم في العاصمة الإسبانية.
أثارت دياز أيوزو جدلاً في البلاد، بعدما سخر أنصارٌ لحكومة الاشتراكي بيدرو سانشيز من "دموع تماسيح"، فيما دافع عنها مؤيّدون لأحزاب يمينية، مذكّرين بأن سانشيز بكى فقط عندما اضطُر إلى الاستقالة من منصبه سكرتيراً للحزب الاشتراكي، في أكتوبر 2016، إثر "حرب بارونات" بين قياديّي الحزب آنذاك.
وكتب أحدهم على "تويتر" أن بابلو إيغليسياس، نائب سانشيز وزعيم حزب "بوديموس" اليساري المتطرف، بكى لدى تشكيل الحكومة الائتلافية مع الاشتراكيين، لا على أكثر من 23 ألف إسباني توفوا نتيجة "كورونا".
وقال النائب كارلوس إيزكييردو من "الحزب الشعبي" اليميني: "أُفضّل دموع أيوزو على الوجه الخالي من تعاطفٍ أو شعورٍ لبيدرو سانشيز. يكفي إخفاء الموتى".
أزرق وأحمر
فيروس "كورونا"، الذي عجزت عن مكافحته دول عظمى، شكّل عقبة أمام حكومة سانشيز، بعد أسابيع على تشكيلها، وأحيا انقساماً مزمناً في إسبانيا، بين "الزُرق"، أي اليمين، و"الحُمر"، أي اليسار، مستحضراً الحرب الأهلية (1936-1939)، بكل آفاتها وتداعياتها ودمارها، وإرث فرنسيسكو فرانكو، علماً أن ذلك لم يغب يوماً عن السجال السياسي والعقائدي في البلاد.
منذ الحرب الأهلية، لم تشهد إسبانيا وضعاً مشابهاً للذي تشهده نتيجة الفيروس. كما أن ثمة أوجه شبه كثيرة بين المرحلتين، بينها بطء إدراك السكان لما سيحلّ بهم، ومعاناة معظمهم من تداعياته، إضافة إلى تطوّع كثيرين للمساعدة، وعجز النظام الطبي عن استيعاب الجرحى والمرضى، وفقدان مواد وسلع أساسية.
بعدما أعلنت الحكومة الإسبانية حال طوارئ في 14 مارس الماضي، مطبّقةً تدابير إغلاق صارمة لكبح "كورونا"، خففت إجراءاتها أخيراً، إثر تقلّص أعداد الإصابات والوفيات. لكن الإغلاق مُدِّد إلى 9 مايو المقبل.
وشدد سانشيز على "وجوب ألا نقلّل من العدوّ الذي نواجهه"، وحضّ الجميع على "التصرّف بمسؤولية". وقال وزير الصحة سلفادور إيلا إن الوزارة "ستقيّم الوضع وتتخذ خطوات إذا لزم الأمر".
في المقابل، يعتبر خصوم للحكومة أن الأرقام المشجّعة التي أعلنتها، هي نتيجة لتبديل وزارة الصحة أسلوبها في احتساب الإصابات الأكيدة، إذ لم تعد تحصي تلك التي تظهر إيجابية بسبب الأجسام المضادة، وباتت تشمل فقط التي تظهر إيجابية بعد اختبار "بي سي آر" الذي يرصد وجود فيروس نشط.
تخبّط حكومي
ولكن كم اختبار تجري السلطات الصحية يومياً؟ الأرقام التي تعلنها الحكومة تشي بتخبّط، إذ تحدث الحزب الاشتراكي عن 20 ألفاً يومياً، ووزارة الصحة عن 40 ألفاً يومياً، وناطق باسم الحكومة عن 100 ألف يومياً، وسانشيز عن مليون شهرياً.
وسجّلت إسبانيا ثالث أعلى وفيات بالفيروس، بعد الولايات المتحدة وإيطاليا. كما أن الإصابات تجاوزت المئتي ألف.
وتلقّت جهود الحكومة ضربة، بعدما استوردت من الصين 659 ألف جهاز لفحص الإصابة بالفيروس، تبيّن أنها غير صالحة، علماً أنها دفعت ثمن الواحدة منها 26 يورو، أي أكثر بنسبة 350 في المئة من سعر السوق.
ويواجه أطباء وممرضات في إسبانيا نقصاً في المعدات الطبية وأدوات الحماية من "كورونا"، أدى إلى إصابة حوالى 30 ألفاً منهم بالفيروس.
وتُصنّف منظمة الصحة العالمية نظام الصحة الإسباني بين أفضل عشرة في العالم، لكنه عانى اقتطاعات ضخمة بعد الأزمة المالية في عام 2008.
واتهم "المجلس العام للتمريض" الحكومة بانتهاج إدارة "فوضوية وغير منسّقة"، فيما أبلغتها كلية الصيادلة بأن في إسبانيا أكثر من 22 ألف صيدلية، وإذا أجرى كلّ منها 20 اختباراً يومياً، يمكن فحص 3 ملايين إسباني أسبوعياً، وكبح الفيروس.
لكن وزيرة التعليم الإسبانية إيزابيل سيلا ندّدت بـ "رسائل سلبية أو خاطئة ضد المؤسسات". وكانت الحكومة أعلنت، مطلع مارس الماضي، رفضها إجراء "اختبار للجميع" لرصد الإصابات بالفيروس، معتبرة أن ذلك يشيع "إحساساً زائفاً بالأمان". لكنها بدّلت رأيها بعد وفاة 13 ألفاً نتيجة "كورونا".
"صدقة" أمانسيو أورتيغا
وإزاء الصعوبات التي واجهتها السلطات، لجأت إلى أمانسيو أورتيغا، مؤسّس شركة "إنديتيكس" المالكة لماركة "زارا"، والذي استخدم 10 طائرات لنقل مواد طبية قيمتها 457 مليون يورو، تبرّع بثمن جزء منها، بينها أجهزة تنفس وكمامات وقفازات ونظارات وأجهزة اختبار لكشف الفيروس، إضافة إلى أسرّة للمستشفيات.
قد يقول قائل إن لا غرابة في أن يساعد إسباني بلده، وهو محق. لكن الأمر اتخذ بعداً آخر، إذ أن أورتيغا شكّل دوماً هدفاً مفضّلاً لبابلو إيغليسياس، الذي كال له اتهامات وانتقادات، معتبراً أن "ديموقراطية لائقة لا تقبل صدقات من مليارديرات".
ويشير بذلك إلى تبرّعات دورية يقدّمها مالك "زارا" لقطاع الصحة العامة، لمكافحة مرض السرطان، ويدرجها إيغليسياس وحزبه في إطار محاولات لتهرّب ضريبي، علماً أن "بوديموس" يشنّ حملة على أبرز رجال الأعمال والشركات الكبرى، ويسعى إلى تعديلات ضريبية لزيادة المبالغ التي يدفعونها في هذا الصدد. لكن ذلك لم يمنع إيغليسياس من ارتداء سترة من صنع "زارا"، خلال جلسة للبرلمان أخيراً.
وانتقدت المعارضة سانشيز وإيغليسياس، بعدما سمحا بتنظيم مسيرة نسائية ضخمة، إحياءً لـ "اليوم العالمي للمرأة" في 8 مارس. وثبُت إصابة مشاركين في المسيرة بالفيروس.
"مناخ مناهض للحكومة"
واستعرت حرب إعلامية بين الحكومة ومعارضيها، بعدما أعلن الجنرال خوسيه مانويل سانتياغو، رئيس الأركان في الحرس المدني، تلقيه أوامر بالعمل لـ "تقليل المناخ المناهض لإدارة الحكومة للأزمة".
وأثار ذلك اتهامات بتقويض "حرية التعبير". واعتبر رئيس حزب "فوكس" اليميني المتطرف سانتياغو أباسكال أن سانشيز "يسعى إلى حماية نفسه، مستخدماً قوات الدولة لتهديد منتقديه على مواقع التواصل الاجتماعي". وندّد بـ"انحراف شمولي"، لافتاً إلى أن الإسبان لن يسمحوا بـ "تدمير النظام الديموقراطي".
لكن ناطقاً باسم الحكومة ندّد بانتقادات "غير لائقة"، مؤكداً "العمل بأكبر مقدار ممكن من الصدق" في ظروف شديدة الصعوبة.
الحكومة ضد "فوكس"
وقدّم الحزب الاشتراكي شكوى لدى الادعاء العام، تتهم حزب "فوكس" بنشر معلومات مضلّلة على مواقع التواصل الاجتماعي، تستهدف "إثارة شعور لدى المواطنين بعدم الأمان والخوف وعدم الثقة"، نتيجة لأزمة "كورونا"، في تصرّف يشكّل "تحريضاً واضحاً ومتكرراً على الكراهية" ضد الاشتراكيين.
في الوقت ذاته، شكا "بوديموس" أمام الادعاء العام أن شبكة تسعى إلى "إحداث بلبلة اجتماعية غير مبررة، متهمةً الحكومة بإخفاء معلومات عن السكان، وبالعجز عن إدارة الأزمة الصحية وإهمال المرضى".
يأتي ذلك فيما توقّع المصرف المركزي الإسباني تراجعاً "يُعتبر سابقة في التاريخ الحديث" لإجمالي الناتج المحلي في البلاد، مرجّحاً أن ينكمش الاقتصاد بين 6.8 و12.4 في المئة هذا العام، قبل تسجيل "تعافٍ ملحوظ" عام 2021، مع نموّ متوقّع يتراوح بين 5.5 و8.5 في المئة. لكن البلاد خسرت 900 ألف وظيفة في مارس، كما أن 3.5 مليون عامل في إجازة قسرية نتيجة الفيروس.
ويتطلّع إسبان بحسدٍ إلى الجارة البرتغال، التي تجنّبت مصير بلادهم، من خلال اتخاذها تدابير استباقية. وسجّلت نحو 900 وفاة وأكثر من 23 ألف إصابة.
سانشيز وإيغليسياس والنوم
صحيح أن الظروف عاكست سانشيز، إذ شكّل في 7 يناير الماضي، أول حكومة ائتلافية في إسبانيا منذ ما قبل الحرب الأهلية، إثر مفاوضات مضنية مع "بوديموس" وأحزاب أخرى، تلت 4 انتخابات غير حاسمة خلال 4 سنوات.
الحكومة التي نالت ثقة البرلمان، بغالبية ضيّقة جداً (167 صوتاً في مقابل 165 وامتناع 18 عن التصويت)، لم ترَ النور لولا اعتمادها على القوميين الباسك وأربعة أحزاب إقليمية صغيرة، إضافة إلى امتناع "اليسار الجمهوري لكاتالونيا"، أبرز حزب انفصالي في الإقليم، و"بيلدو"، الجناح السياسي لتنظيم "إيتا" الانفصالي في بلاد الباسك، عن التصويت، في مقابل مكاسب سياسية.
المفارقة أن سانشيز كان قال الصيف الماضي إن تشكيله حكومة ائتلافية مع "بوديموس" بزعامة إيغليسياس "سيحرمه النوم".
"ميثاق لإعادة إعمار وطني"
ولم تكد حكومة الأقلية تبدأ عملها، حتى ضرب إعصار "كورونا" إسبانيا والعالم. ويجهد سانشيز لنيل دعم واسع لدعوته إلى "ميثاق لإعادة إعمار وطني"، يشمل نظرياً المعارضة والحكومات الإقليمية والشركات والنقابات.
هذه الدعوة مشابهة لـ "مواثيق مونكلوا" التي أُقرّت في عام 1977، وهي اتفاقات حول إجراءات اقتصادية أبرمتها الحكومة والمعارضة، وشكّلت ركيزة لانتقال إسبانيا من الديكتاتورية إلى الديموقراطية، بعد وفاة الجنرال فرانسيسكو فرانكو عام 1975.
وأشارت وزيرة الخارجية أرانتشا غونزاليس لايا إلى "اتفاق في أوروبا لإعادة الإعمار"، وزادت: "ربما حان الوقت للمضيّ في إسبانيا أيضاً".
لكن ذلك يواجه معارضة يمينية، إذ سأل بابلو كاسادو، زعيم "الحزب الشعبي"، سانشيز: "هل تعتزم الوقوف مثل نيرون، والعزف على الكمان فيما تحترق روما"؟ وأضاف ساخراً: "لا تستسلم يا سيد سانشيز. قبل الحديث عن إعادة الإعمار، يجب أن نتجنّب الدمار". واتهمه بـ "الغطرسة وعدم الكفاءة و(إشاعة) أكاذيب".
"حكومة كابوس"
وكان كاسادو تحدث خلال جلسة نيل الحكومة الثقة، عن "حكومة كابوس"، اعتبرها "الأكثر راديكالية في تاريخنا الديموقراطي".
ويواجه سانشيز معضلة في التوفيق بين تحالفه مع "بوديموس" وتطبيق سياسات تحظى بالحدّ الأدنى من التوافق في بلاد تتبنّى النظام اللامركزي وتضمّ 17 إقليماً تتمتع بحكم ذاتي، في ظلّ التحدي الانفصالي لكاتالونيا، وخلافات بشأن ملفات سياسية واجتماعية وثقافية ساخنة.
وأوردت مجلة "ذي إيكونوميست" أن عداء إيغليسياس للقطاع الخاص والنظام الملكي و"مواثيق مونكلوا" يثير انعدام ثقة، كما "تجد الحكومة صعوبة في التحدث بصوت واحد". ونقلت عن ساندرا ليون، وهي باحثة سياسية، قولها إن الأمر يعود إلى "سنوات من التدهور المؤسّساتي".
وأشارت المجلة إلى أن النظام السياسي في إسبانيا "لم يستعد توازنه منذ الركود الاقتصادي الأخير، بين عامَي 2008 و2012، والذي كسر نظام الحزبين إلى خمسة وغذّى النزعة الانفصالية في كاتالونيا".
"مآزق سانشيز"
وأضافت أن "مآزق سانشيز هي من صنعه جزئياً"، مذكّرة بأنه تسلّم الحكم عبر "حكومة أقلية عام 2018، بإسقاطه ماريانو راخوي، سلف كاسادو، عبر نزع ثقة" في البرلمان. وتابعت أنه "بدّد نصراً في انتخابات نُظمت في أبريل (2019)، وشهدت فوز الاشتراكيين بـ 123 من 350 مقعداً في البرلمان"، كما "رفض تحالفات محتملة، ودعا إلى انتخابات مبكرة في نوفمبر، قائلاً إنه لا يريد الاعتماد على الانفصاليين وأن التحالف مع بوديموس سيحرمه والإسبان من النوم. لكن الاشتراكيين خسروا 3 مقاعد (وبوديموس 7) وكان حزب فوكس اليميني المتطرف هو الفائز الأكبر".
ولفتت "ذي إيكونوميست" إلى "غموض" اتفاق سانشيز مع حزب "اليسار الجمهوري لكاتالونيا"، مشيرة إلى أنه "يتيح للانفصاليين اقتراح (تنظيم) استفتاء على تقرير المصير لكاتالونيا، وللحكومة أن ترفض ذلك بوصفه مخالفاً للدستور".
شرخ اجتماعي وثقافي
قد تتوصّل الأحزاب في إسبانيا إلى تسوية لخلافاتها السياسية، لكن ثمة شرخاً اجتماعياً وثقافياً بين توجّهَين في البلاد، يصعب جسره.
وفي مؤشر إلى ذلك، رفضت الحكومة المركزية قراراً للحكومة المحلية في مورسيا، أُقرّ بدفع من "فوكس"، يمنح أولياء الأمور سلطة منح إذن مسبق لحضور أبنائهم نشاطات في المدارس، لا سيّما تلك المتصلة بالهوية الجنسية. وقالت وزيرة التعليم إيزابيل سيلا: "لا يمكننا التفكير بأي شكل في أن الأبناء ينتمون إلى الوالدين. نحن نتحدث عن مصلحة القاصر، وحول الحقوق الدستورية للقاصرين".
أما إيغليسياس فوصف قرار مورسيا بأنه "ذكوري"، معتبراً أنه يمثل "رقابة تعليمية". وزاد: "الطفل لا يُسجَّل في سجّل الممتلكات، بل في السجل المدني".
"قانون الذاكرة التاريخية"
ربما ليس غريباً أن يحدث ذلك في إسبانيا، إذ لم تُقرّ بعد رواية واحدة لما حصل قبل الحرب الأهلية وبعدها.
بعد انتهاء الحرب في عام 1939، سادت طبعاً رواية المنتصر، أي "وطنيّي" فرانكو. وبعد وفاة الأخير وتسلّم الاشتراكيين الحكم، سعى هؤلاء إلى صوغ رواية مغايرة لتلك الأحداث، بما في ذلك إقرار "قانون الذاكرة التاريخية" عام 2007، خلال حكومة خوسيه لويس رودريغيز ثاباتيرو، والذي يستهدف التعرّف على ضحايا الحرب الأهلية، والقمع الذي تلاها، وتعويضهم، والترويج لسحب الرموز المرتبطة بحقبة فرانكو.
يجسّد كل ذلك واقع أن جرح الحرب الأهلية لم يندمل، علماً أنه بعد سجال عنيف أثاره قرار الحكومة الاشتراكية، في 24 أكتوبر 2019، نقل رفات فرانكو من ضريح "وادي الشهداء"، إلى مقبرة دُفنت فيها زوجته، كارمن بولو.
"وادي الشهداء"
دُفن في "وادي الشهداء" حوالى 34 ألف شخص، يُعرف منهم اثنان فقط: فرانكو وخوسيه أنطونيو بريمو دي ريفيرا، مؤسّس حزب "الفالانج"، الوحيد المعترف به خلال حكم فرانكو. أما الباقون فهم حوالي 15 ألف مقاتل "وطني"، و18 ألف مقاتل "جمهوري"، سقطوا خلال الحرب الأهلية، ودُفنوا في مقابر جماعية. وتفيد معلومات بأن حوالى 20 ألف سجين سياسي شاركوا في تشييد الضريح، بين عامَي 1948 و1959.
واعتبر سانشيز أن "الإشادة العلنية بالديكتاتور كانت أكثر من مفارقة تاريخية، وشذوذاً... كانت مَظلَمة بالنسبة إلى ديموقراطيتنا".
في المقابل، رأى "الحزب الشعبي" أن نبش الرفات هو "نقاش لا يساهم بأي شيء ويُستخدم في رغبة وحيدة بإثارة انقسام". ووصف كاسادو سانشيز بأنه "عديم المسؤولية"، إذ "فتح مجدداً جروحاً اندملت" خلال المرحلة الانتقالية التي تلت وفاة فرانكو.
"عظام" فرانكو
في السياق ذاته، كتب ألبرت ريفيرا، الرئيس السابق لحزب "سيودادانوس" الوسطي، على "تويتر": "لحسن الحظ، انتهت ديكتاتورية فرانكو قبل 44 سنة. أمضى سانشيز سنة يلعب بعظامه، لتقسيمنا إلى أحمر وأزرق، لكن كثيرين من الإسبان في هذه المرحلة لا يهتمون" بذلك. أما أباسكال، فاتهم سانشيز بشنّ حملة كراهية، مندداً بـ "تدنيس" قبر فرانكو.
وكان لافتاً أن "مؤسسة فرنسيسكو فرانكو" أعلنت أن الملك السابق خوان كارلوس قرّر دفن الديكتاتور في الضريح، علماً أن اليمين يتهم سانشيز والاشتراكيين بإحياء فرانكو وذكراه، إذ لا ينفكّون يتحدثون عنه.
يرى بعضهم أن إسبانيا ليست كياناً واحداً، بل كيانان لا يجتمعان. واعتبر المؤرّخ جابيير كاسالز أن "الحرب الأهلية لا تزال تشكّل جزءاً من الهوية السياسية في إسبانيا". أما المؤرّخة نيري باسافي فتحدث عن مفهوم لا يزال سارياً، إذ يخضع لـ "تحديث".
"اليوم، بعد أسر الجيش الأحمر ونزع سلاحه، حققت القوات الوطنية أهدافها العسكرية الأخيرة. الحرب انتهت". هكذا أعلن فرانكو نهاية الحرب الأهلية، في 1 أبريل 1939.
ولكن، بعد 81 سنة على نهايتها، لا تزال تلك الحرب مستمرة، وإن بأشكال أخرى. وكتبت "ذي إيكونوميست" تقول: إن "إسبانيا الحديثة ليست خانعة لشبح فرانكو. معظم الإسبان لا يتذكّرون الديكتاتور... لكن عدم الإجماع على نبش رفاته، يُظهر أن البلاد لم تتفق بعد على الماضي. وربما لن تفعل ذلك أبداً".