التوتر الأميركي الصيني يهدد جهود مكافحة الاحتباس الحراري

time reading iconدقائق القراءة - 8
مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المناخ جون كيري، يتحدث مع الموفد الصيني شيه زينهوا قبل افتتاح مؤتمر باريس للمناخ - 12 ديسمبر 2015 - AP
مبعوث الرئيس الأميركي لشؤون المناخ جون كيري، يتحدث مع الموفد الصيني شيه زينهوا قبل افتتاح مؤتمر باريس للمناخ - 12 ديسمبر 2015 - AP
واشنطن - أ ب

أعلنت الولايات المتحدة والصين عزمهما على الاعتماد بشكل أقل على الوقود الأحفوري، لكن التوتر بينهما يهدد نجاحهما في مكافحة الاحتباس الحراري.

وتحتل الصين والولايات المتحدة المرتبتين الأولى والثانية في العالم، في تلويث البيئة بالكربون، إذ تضخان نحو نصف أبخرة الوقود الأحفوري، التي ترفع درجة حرارة الغلاف الجوي للأرض، كما أفادت وكالة "أسوشيتد برس".

وأشارت إلى أن كبحاً سريعاً للكربون يلزم لدرء أسوأ ما في الاحتباس الحراري، يُعدّ أمراً مستحيلاً، إن لم تعمل هاتان الدولتان معاً وتثقان بتعهدات بعضهما.

وخلال إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، استخدمت الولايات المتحدة انبعاثات الصين كذريعة للامتناع عن اتخاذ خطوة، فيما أشارت بكين سابقاً إلى الانبعاثات التاريخية لواشنطن، كسبب لمقاومة أي إجراء في هذا الصدد.

وستُكشف الجمعة تفاصيل جديدة حول السرعة التي تخطط بها الصين لخفض انبعاثات الكربون، لدى إعلانها خطتها الخمسية المقبلة. وفي أبريل المقبل، يُتوقع أن يعلن الرئيس الأميركي جو بايدن أهدافاً جديدة لبلاده لخفض الانبعاثات.

موفدان مخضرمان

عيّنت الولايات المتحدة والصين موفدين مخضرمين، كمفاوضين بشأن ملف المناخ، هما جون كيري وشيه زينهوا. ولكن بينما عمل الرجلان معاً بشكل جيد في إرساء أسس اتفاق باريس للمناخ عام 2015، فإنهما يواجهان الآن تحديات جديدة.

وأشارت أسوشيتد برس إلى أن ما تعتبره واشنطن سياسات مهددة تنتهجها بكين إزاء هونغ كونغ وتايوان وبحر الصين الجنوبي، والخلاف بشأن حقوق الإنسان والتجارة، ومزاعم الولايات المتحدة بتجسس الصين عليها، قد تطغى على دبلوماسية المناخ بين الدولتين.

في غضون ذلك، يستاء مسؤولون صينيون من قيود فرضتها إدارة ترمب، على التجارة والتكنولوجيا ووسائل إعلام صينية، وطلاب صينيين في الولايات المتحدة، وإعلان وزارة الخارجية الأميركية هذا العام أن الفظائع التي تستهدف مسلمي أقلية الإيغور في الصين، تشكّل "إبادة جماعية".

وقال كيري لصحافيين أخيراً إن "هذه المشكلات" مع الصين "لن تخضع أبداً لمقايضة مع أي شيء مرتبط بالمناخ"، معتبراً أن المناخ "قضية قائمة بذاتها" مع الصين. وأثار ذلك انتقادات، من بكين ومدافعين عن حقوق الإنسان في الولايات المتحدة.

معارك جيوسياسية

وتساءلت أسوشيتد برس، هل يمكن لمحادثات المناخ بين البلدين أن تنجو من معاركهما الجيوسياسية الأخرى؟ وقال جون بوديستا، الذي أشرف على جهود إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما للمناخ، والمقرّب من إدارة بايدن: "هذا، على ما أعتقد، السؤال الأهم". وسأل: هل "يمكن للمرء إيجاد مسار، يتيح تعاوناً بشأن المناخ"، فيما يتم التعامل مع الملفات الأكثر إثارة للجدل بشكل منفصل، أم أن الأمر سيثير تعارضاً؟

قد يساعد شيه زينهوا على تجاوز الصعوبات. فمع تعيينه موفداً لملف المناخ الشهر الماضي، يستعيد شيه الدور الذي أدّاه خلال مؤتمرات محورية نظمتها الأمم المتحدة لمكافحة الاحتباس الحراري، وتُوجت بأول التزامات جوهرية في العالم بشأن خفض الانبعاثات الصادرة من الوقود الأحفوري.

قبل تعيينه، قاد شيه جهداً بحثياً في جامعة تسينغهوا في بكين، لإعداد أدوات تمكّن الصين من وقف مساهمتها في الاحتباس الحراري، بحلول منتصف القرن. البحث الذي أعدّه شيه دعم تعهداً مفاجئاً للرئيس الصيني شي جينبينغ، في سبتمبر الماضي، بأن بلاده تخطط للتخلّص من انبعاثات الكربون بحلول عام 2060، وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها الصين عن هذا الهدف.

"صاحب رؤية"

ووصفت جوانا لويس، وهي خبيرة في شؤون الطاقة والبيئة بالصين، في جامعة جورج تاون، شيه بأنه "صاحب رؤية ومؤثر جداً في تحديد أهداف السياسة الداخلية للصين"، فضلاً عن كونه مفاوضاً ماهراً.

أما أنجيل هسو، وهو خبير في شؤون الصين وتغيّر المناخ في جامعة كارولاينا الشمالية، فاعتبر أن تعيين شيه "كان خطوة هائلة إزاء الولايات المتحدة، لا سيّما جون كيري".

وتعهد بايدن بأن تتحوّل الولايات المتحدة إلى قطاع طاقة خالٍ من الانبعاثات، خلال 14 سنة، وبأن يكون لديها اقتصاد خالٍ تماماً من الانبعاثات، بحلول عام 2050. كذلك يدفع كيري دولاً أخرى للالتزام بحياد الكربون، بحلول ذلك الموعد.

ويشدد علماء في المناخ على وجوب أن تتحرّك الدول بسرعة، لتجنّب ارتفاع كارثي في درجات الحرارة. وأفادت "إدارة معلومات الطاقة الأميركية" بأن الفحم شكّل 58% من إجمالي استهلاك الطاقة الأولية في الصين، في عام 2019.

وأشارت "أسوشيتد برس" إلى تواصل بايدن مع الحلفاء الأوروبيين للولايات المتحدة، محاولاً بناء إجماع بين الشركاء التجاريين للصين، بشأن وسائل تحضّها على تقليل اعتمادها على الفحم.

لكن كريستيانا فيغيريس، التي ساهمت في التوصل لاتفاق باريس للمناخ في عام 2015، اعتبرت أن "أياً من تلك البلدان لا يريد إنقاذ الكوكب، وألا يكون أنانياً في هذا الصدد. فقط إذا خدم مصلحتها أيضاً".