Open toolbar

رجل من سكان سيكوباي من السكان الأصليين خلال الاجتماع الثنائي القومي الثاني لمجتمع سيكوباي في منطقة الأمازون في لاجارتوتشا، بيرو. 11 يناير 2023 - AFP

شارك القصة
Resize text
مانوكو (البيرو)-

يطلق أفراد مجموعة من السكان الأصليين في منطقة أمازونية تسمية "الملوَّنين" أو "سيكوباي" على أنفسهم، نظراً إلى ما كانوا يضعون من طلاء وحليّ وأكسسوارات في الماضي.

إلا أنّ ثقافة هذه الشعوب الأصلية مهددة بالزوال، وأصبحت التيجان المزيّنة بالريش والقلادات المؤلفة من أسنان الحيوانات تُوضب لاستخدامها في المناسبات والاحتفالات فقط. فأفراد "سيكوباي" باتوا مشتتين بين قرى تقع على الحدود الإكوادورية البيروفية، ويعيشون بعيداً عن حياتهم التقليدية التي كانت تستند إلى الصيد، وعن منطقة أجدادهم التي يسعون إلى استعادتها.

ويكسب أفراد "سيكوباي" الذين هجّرتهم عقود من الحرب، عيشهم من خلال وظائف غريبة يتولّونها في بلدات ريفية تحدّها حقول النفط ومساحات مزوعة بالنخيل وشبكة من الطرق المزدحمة.

وبات الأطفال منهم يرتدون سراويل الجينز وقمصان الـ"تي شيرت" والأحذية الرياضية، فيما يستمعون إلى الموسيقى ويستخدمون الهواتف المحمولة والأجهزة اللوحية على غرار أي مراهقين في دول العالم، بدلاً من تعلّم مهنة الصيد والبحث عن مشروب نباتي تقليدي عندما لا يكونون في المدارس.

هجرة بين الدول

وفيما تواجه ثقافتهم خطر الزوال، يؤكد قادة "سيكوباي" أنّ المسألة تتمثل في ضرورة الاستمرار لاستعادة أراضي أجدادهم الواقعة وسط الأمازون.

وتطلق مجموعة "سيكوباي" على هذه الأراضي تسمية "بيكِيا"، وهو تعبير بلغتهم الأصلية بايكوكا.

ويقول زعيم المجموعة خوستينو بياغواجيه، خلال لقاء نادر لـ"سيكوباي" في بيكِيا: "حلمنا الأبرز يتمثل في إعادة بناء أرضنا ولمّ شملنا وعائلاتنا على طول هذه الأنهار التي تشكل موطناً لأرواح ومخلوقات كان جدي يخبرني عنها".

و"سيكوباي"هي إحدى مجموعات السكان الأصليين الـ14 المعترف بها في الإكوادور، التي تمثّل مجموعات السكان الأصليين 7% من مجمل شعبها.

ولا تضم مجموعة "سيكوباي" أفراداً كثر، إذ تُقدّر أعدادهم بـ1200 شخص يعيشون بين الإكوادور والبيرو.
وخلال الحرب بين الدولتين المتجاورتين عام 1941 والنزاع الحدودي الطويل الذي استمر حتى 1998، اضطر أفراد "سيكوباي" بسبب المعارك العنيفة للنزوح من بيكِيا التي يقولون إنها كانت تمتد على حوالى 3 ملايين هكتار على طول نهر لاجارتوكوتشا، وهو جزء من الحدود الإكوادورية البيروفية.

وعلى الجانب الإكوادوري، وصل معظم النازحين إلى منطقة تبعد 160 كيلومتراً غرب بيكِيا وتمثل مستوطنة سان بابلو دي كانتيسيا الريفية التي تقع على ضفاف أحد الأنهر ويعتاش سكانها من زيت النخيل والبترول بصورة أساسية.

ويقول بياغواجيه: "عجزنا منذ الحرب عن العودة إلى أرضنا"، مضيفاً: "لقد تشتتت العائلات.. واقتُلعنا من جذورنا".

وفي يناير، تجمع نحو 200 من "سيكوباي" أتوا من سان بابلو ومناطق أخرى، في قرية مانوكو على الجانب البيروفي من نهر لاجارتوكوتشا في أراضي بيكِيا، حيث يعيش عدد قليل من أعضاء المجموعة داخل منازل خشبية.

واستغرقت الرحلة للوصول من سان بابلو إلى مانوكو نحو 12 ساعة عبر قارب مزوّد بمحرّك.

وعندما وصل أفراد "سيكوباي" إلى مانوكو، انكبّوا على نصب خيم بين المنازل القليلة في المنطقة، قبل أن يصطفوا في طابور أمام مطبخ المجموعة لتناول وجبة من الأرز والعدس والأسماك المُصطادة من النهر.

تمييز وعنصرية

وخلال الأيام التالية، يجتمع أفراد المجموعة في ملعب بدائي لكرة القدم أو داخل صف في مدرسة صغيرة، للاستماع إلى قصص كبار السن الذين يرتدون للمناسبة سترات تقليدية ملونة، ويضعون أغطية رأس مزينة بالريش وعقوداً من اللؤلؤ والبذور وأسنان الحيوانات.

ويزيّن الرجال والنساء وجوههم برسمات مستوحاة من حيوانات الغابة كالثعابين والفهود والعناكب، مستخدمين طلاء مصنوعاً من نباتات. وفيما يتحدّث الجميع بلغة بايكوكا، تُسمع الإسبانية في أرجاء المكان أيضاً.

ويشير زعيم المجموعة الياس بياهواجيه إلى أهمية هذه المنطقة بالنسبة إلى "سيكوباي"، لافتاً إلى أنّ "الأجيال الجديدة لا تدرك هذا المكان وتاريخه وطاقته الخاصة".

ويؤكد أنّ هذا اللقاء يهدف إلى "تعزيز الروابط بين كبار السن والصغار".

وعقب التوصّل إلى اتفاق سلام عام 1998 بين البيرو والإكوادور، استعاد أفراد "سيكوباي" الأمل في العودة إلى أرضهم.

ورُفع عام 2017 طلب إلى وزارة البيئة يرمي إلى الاستحصال على حق ملكية 42 ألف هكتار من بيكِيا.
ويقول بياغواجيه: "أجرينا مذّاك مناقشات مع أربعة وزراء تعاقبوا على الوزارة، لكننا لم نتوصّل إلى أي نتيجة".

وفي عام 2021، رفعت المجموعة دعوى قضائية للمطالبة باعتراف السلطات بحق ملكيتها هذه المساحة.
إلا أنّ الدعوى التي لا تزال عالقة تتطلب إصدار سندات ملكية واعتذاراً من السلطات الإكوادورية عن "انتهاك حقوق" المجموعة، بالإضافة إلى تأمين ضمانات لأفرادها حتى يعودوا بأمان إلى أرضهم.

اقرأ أيضاً:

Google News تابعوا أخبار الشرق عبر Google News

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.