تواجه خدمة البريد المشفر "بروتون ميل" انتقادات واسعة، بعد نشر تقرير حول قيام الخدمة بجمع بيانات خاصة من داخل أجهزة أحد المستخدمين الفرنسيين وتسليمها إلى الشرطة السويسرية.
وأشار التقرير، والذي تم تداول مقتطفات منه بشكل واسع على تويتر، إلى أن الشرطة الفرنسية قامت بمطالبة سلطات اليوروبول الأمنية (الشرطة الأوروبية) بكشف العنوان التعريفي IP Address والذي قام أحد الأشخاص باستخدامه لإنشاء حساب على خدمة "بروتون ميل"، وهو الطلب الذي استجابت له الخدمة.
احتجاجات 2020
بداية الأمر كانت خلال العام الماضي، عندما استحوذت مجموعة من الأشخاص على عدد قليل من المباني التجارية والشقق بالقرب من منطقة سانت مارتيه في باريس، مطالبين بمحاربة المضاربة العقارية وخدمات Airbnb والمطاعم الراقية، وبينما بدأ الأمر على نطاق ضيق إلا أنه سرعان ما تحول إلى حملة موسعة، ونجحت المجموعة في اجتذاب اهتمام وسائل الإعلام عندما تمكنت من احتلال المباني التي استأجرها مطعم Le Petit Cambodge، والذي تم استهدافه بهجمات باريس الإرهابية في 13 نوفمبر 2015.
وفي مطلع سبتمبر الجاري، نشرت المجموعة مقالاً يكشف تحقيقات تجريها الشرطة الفرنسية ودعاوى قضائية تقيمها ضد أعضاء المجموعة، ومن بينها الطلب الموجه إلى "بروتون ميل".
وأوضح التقرير الذي استقبلته الشرطة الفرنسية من اليوروبول مجموعة من البيانات التعريفية المميزة لحساب مستخدم "بروتون ميل"، والذي كانت المجموعة تستخدمه في التراسل فيما بينها، مثل الرقم التعريفي للجهاز IMEI والرقم التعريفي للجهاز على الإنترنت IP Address وكذلك نوع الجهاز المستخدم لفتح الحساب.
مدير "بروتون ميل" يرد
وخرج آندي ين، مدير الخدمة التنفيذي ومؤسسها، ليرد على الاتهامات الموجهة لشركته، قائلاً إن "بروتون ميل" مطالبة بتلبية كافة الطلبات القضائية الموجهة إليها من جانب السلطات السويسرية، وبالتالي عند وقوع جريمة، تقوم الخدمة بإسقاط أي شكل لحماية الخصوصية عن الشخص محل التحقيقات والذي يجب أن يتم تحديده في طلب قضائي رسمي.
كما أوضح الموقع الرسمي للخدمة ،أن القانون السويسري يلزمها بضرورة إخطار المستخدمين، الذين تصل الشركة طلبات قضائية لكشف بيانات حساباتهم، ولكن في نفس الوقت شدد الموقع على أن عملية الإخطار "قد تتأخر لبعض الوقت"، وذلك بناءً على طلب السلطات السويسرية أو القانون السويسري أو الجهة صاحبة الطلب، كما أنه في بعض الأحيان يؤدي إخطار الشخص/الأشخاص المقدم الطلب بحقهم لتعريض بعض الأفراد لخطر الإصابة أو الضرر أو الوفاة، لذلك يستوجب الأمر حينها تأجيل الإخطار.
وتكشف "بروتون ميل" بشكل دوري في تقاريرها السنوية للشفافية عدد الطلبات الرسمية التي تستقبلها من الجهات الحكومية لكشف بيانات مستخدميها، ففي 2017 وصل عدد الطلبات إلى 13 طلباً، بينما في 2020 وصل هذا العدد إلى 3572 طلب، ما يعتبر زيادة ضخمة وسريعة، وأشار مؤسس الشركة إلى أن إدارتها تحاول باستمرار مقاومة تلك الطلبات نيابة عن المستخدمين، وقد جرى ذلك مع أكثر من 700 طلب العام الماضي.
المحتوي يظل سرياً
وبحسب سياسات خصوصية الخدمة، فإن تقارير "بروتون ميل"، التي تقدمها للهيئات القضائية والحكومية رداً على طلبات كشف بيانات بعض المستخدمين، تتضمن عادة بيانات يقوم المستخدم بإدخالها عند إنشاء حسابه مثل عنوان بريده الإلكتروني.
إضافة إلى ذلك، فإن البيانات المُسلّمة للسلطات تتضمن مختلف البيانات الوصفية للرسائل الإلكترونية Metadata مثل عناوين المرسل والمستقبل وعنوان الرسائل نفسها وتوقيتات تبادلها وأرقام IP Address الخاصة بالمرسلين والمستقبلين، وكذلك آخر نشاط تم حدوثه على الحساب، ولكن محتوى الرسائل نفسها يظل سرياً لأن الخدمة مشفرة تشفيراً طرفياً End-to-End Encryption.
نقطة الخلاف
ومن بين ما تنص عليه سياسات الخدمة للخصوصية، أن الشركة يمكنها أن تقوم في بعض قضايا الجرائم العنيفة بتتبع عناوين التعريف الإلكترونية IP Address التي ترتبط باستخدام أو التواصل مع حسابات على الخدمة معروفة باستخدامها لأعمال عنف أو إرهاب.
وكانت تلك النقطة هي أساس الخلاف والانتقادات التي تم توجيهها إلى "بروتون ميل"، حيث أن الخدمة دائماً ما تعتمد في حملاتها الترويجية على مسألة الخصوصية وحماية هوية مستخدميها، حتى أنها تعمل بشكل مستمر على التركيز على قدرة مستخدميها المطلقة على حماية عناوينهم التعريفية على الإنترنت IP Address، وهو ما يتنافى مع ما قامت به الخدمة من كشف وتسليم بيانات المستخدم إلى الشرطة السويسرية.
لكن المدير التنفيذي للشركة كشف في رده على إحدى التغريدات على تويتر، عن ميزة بالخدمة تحمي عملائها من اختراق خصوصيتهم، وهي خدمتها الخاصة للشبكات الخاصة الافتراضية VPN للدخول إلى الإنترنت، إذ يمكن للمشتركين فيها الاستمتاع بخصوصية أكبر من غيرهم من مستخدمي خدمة البريد الإلكتروني، لأن القانون السويسري يحظر جمع عناوين التعريف الإلكترونية الحقيقية الخاصة بأجهزتهم.