"الشرق" تكشف سيناريو عرض المومياوات الملكية في متحف الحضارة

time reading iconدقائق القراءة - 5
مومياء ملكية سيتم نقلها من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط - - تصوير الألماني إميل بروجش في عام (١٨٨١) - الشرق
مومياء ملكية سيتم نقلها من المتحف المصري في التحرير إلى متحف الحضارة بالفسطاط - - تصوير الألماني إميل بروجش في عام (١٨٨١) - الشرق
القاهرة-فادي فرنسيس

منذ 140 عاماً، احتشد المصريون على ضفتي نهر النيل في صعيد مصر لمدة 3 أيام لوداع أهم ملوك مصر القديمة، وسط مشاهد تليق بمرور موكب المومياوات الملكية من الأقصر إلى متحف بولاق في القاهرة.

ويترقب العالم في 3 أبريل المقبل تكرار الحدث الفريد، إذ تغادر 22 مومياء ملكية، مُحمّلة على عربات حربية، المتحف المصري في قلب القاهرة إلى مسكنها الجديد في المتحف القومي للحضارة المصرية بالفسطاط، في مشهد استعدّت له مصر طيلة عام كامل.

سيناريو خاص

مسؤول العرض المتحفي بوزارة السياحة والآثار، محمود مبروك، الذي يحمل على عاتقه مسؤولية عرض المومياوات الملكية، قال لـ"الشرق" إن صالات متحف الحضارة التي لا يتوقف العمل فيها تهيأت تماماً لاستقبال ملوك مصر القدامى، إضافة إلى تجهيز وسائل عرض حديثة تضع الزائر في رحلة خاصة مع المومياوات الملكية.

ولفت مبروك إلى أنه تم تخصيص صالات وممرات لعرض المومياوات بشكل يُظهر مقتنيات أصحابها وتاريخهم وكواليس دفنهم في وادي الملوك، فضلاً عن الدراسات التي أجريت عليهم.

ووفقاً لمبروك، يبدأ العرض بأقدم مومياء من المجموعة الملكية، وهي للملك سقنن رع الذي قُتِل خلال حربه مع الهكسوس، حسبما أثبتت الدراسات الحديثة التي قام بها فريق "Egyptian mummy" وأظهرت بوضوح طريقة وفاته. 

وتُقدم لوحة شرف، تضم بطاقة تعريف مصنوعة من النحاس، تعريفاً للزائرين عن تاريخ كل ملك وأهم إنجازاته.

وأضاف أن الواجهات صممت من قبل شركة ألمانية متخصصة، وشملت مواصفات مختلفة تتماشى مع أحدث طرق العرض المتحفي وتوفر البيئة المناسبة لتحافظ على درجات الحرارة الداخلية، وذلك لعدم إلحاق أي ضرر بالمومياوات.

وكشف مبروك أن زجاج الواجهات صُنِع بطريقة حديثة تمنع انعكاسات الضوء، ما يُشعر الزائر بأن المومياوات معروضة في الهواء، وهو ما يعطي فرصة كبيرة لمشاهدة تفاصيلها، منبهاً إلى وجود حرص على ترك مسافة بين الواجهات، وذلك لإعطاء فرصة أكبر للزوار لمشاهدة كل مومياء بشكل منفرد.

وقال إن القاعات المخصصة لعرض المومياوات الملكيةستلحق بها قاعات أخرى لعرض تطوّر عمليات التحنيط في مختلف العصور المصرية القديمة، موضحاً أن المومياوات توجد حالياً داخل أنابيب بلاستيكية تحوي غاز النيتروجين لمنع تعرّضها لأي تلف. 

وحول سبب اختيار متحف الحضارة بالتحديد لاستقبال ملوك مصر، قال مسؤول العرض المتحفي بوزارة الآثار، إن المتحف يضم 7 حضارات مختلفة من تاريخ مصر، تتضمن "قصص البشر الصانعين لها، ويبدأ بعصور ما قبل التاريخ"، ولذا سيتم عرض أقدم مومياء لشخص مصري، وهي تعود لأكثر من 35 ألف عام، إضافة إلى عرض أدوات حياة يومية تعود إلى أكثر من مليون عام، بداية من العصور الحجرية.

وأشار إلى أن المتحف القومي للحضارة سيضم عروضاً تاريخية لتأسيس "عصر الأسرات"، مروراً بفترات الحضارة المصرية القديمة، كما سيشمل العصر اليوناني الروماني، وصولاً إلى العصرين القبطي والإسلامي، حتى فترة محمد علي وما يليها من سنوات العصر الحديث.

أسرار جديدة

16 عاماً خاضتها مؤسسة "Egyptian mummy" في دراسة المومياوات الملكية، بقيادة خبير الآثار المصري زاهي حواس، وتمكن الفريق من كشف عدد غير قليل من الأسرار المتعلقة بتلك الكنوز.

وأوضحت عضو الفريق، سحر سليم، لـ"الشرق" أن مجموعتها فحصت 25 مومياء، وخضعت دراستهم للنشر العلمي، وكشفت كواليس تحنيطهم ووفاتهم، وفقاً لما كشفته أشعة (X-ray) والدراسات الحديثة.

وأشارت إلى أن أحدث دراسة نشرها الفريق تتعلق بالملك سقن رع الذي مات في مرحلة شبابه، بعدما قاد "حرب التحرير" ضد الهكسوس، التي تعرّض خلالها لإصابات بالغة في الرأس، ما أدى إلى كسر جمجمته.

ووفقاً لسليم، أظهرت الدراسات الأسباب الحقيقية لمقتل رمسيس الثالث، بعدما أثبتت الأشعة وجود قطع في الرقبة، ما يؤكد تعرّضه للقتل، خاصة أن هناك بردية تُشير إلى مؤامرة من زوجته الثانية حتى تمكّن ابنها من الحكم.

وكشفت الدراسات أيضاً وجود مرض في فقرات الظهر عند رمسيس الثاني الذي توفي بسبب أمراض الشيخوخة، إذ تخطى عمره الـ 90 عاماً. ولفتت إلى أن دراسات فريقها أظهرت وجود بعض الحشوات التجميلية في عدد من المومياوات، مثل مومياء سيتي الأول.

خبيئة الدير البحري

ويعود اكتشاف المومياوات إلى منتصف القرن الـ19، حيث تم اكتشاف أول مومياء للملك مرن رع من الأسرة السادسة، على يد عالم الآثار الفرنسي أوغيست مارييت، مؤسس مصلحة الآثار المصرية، وتوالت بعد ذلك الاكتشافات الأثرية للمومياوات الملكية وأهمها خبيئة الدير البحري التي تم الإعلان عنها رسمياً عام 1881.