
سقط 3 أشخاص خلال تظاهرات خرجت في محافظة كردستان الإيرانية، احتجاجاً على وفاة الشابة مهسا أميني بعد توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، فيما انتقدت الأمم المتحدة "ردّ قوات الأمن العنيف" ضد المحتجّين وطالبت بتحقيق مستقل في الحادث.
ونقلت وكالة "فارس" عن محافظ كردستان اسماعيل زاري كوشا قوله إن "الثلاثة لقوا حتفهم في ظروف مشبوهة"، في إطار "مخطط للعدو" من دون تحديد تاريخ الوفيات.
وقالت منظمة "هنكاو" الكردية لحقوق الإنسان في إيران، الثلاثاء، إن 3 أشخاص لقوا حتفهم خلال احتجاجات على وفاة الفتاة مهسا أميني أثناء احتجازها لدى الشرطة.
احتجاجات مستمرة
واستمرت الاضطرابات التي خرجت بعد وفاة مهسا أميني عند توقيفها من قبل "شرطة الأخلاق"، لليوم الرابع على التوالي، واتسع نطاق الاحتجاجات في المنطقة الكردية، في حين قال نائب قائد الشرطة في مقاطعة جيلان، شمال إيران، إن الشرطة اعتقلت 22 محتجاً بتهمة إتلاف ممتلكات عامة.
وتوفيت أميني (22 عاماً) بعدما دخلت في غيبوبة في أعقاب إلقاء شرطة الأخلاق القبض عليها في طهران الأسبوع الماضي، ما أثار احتجاجات في العاصمة الإيرانية وإقليم كردستان الذي تنحدر منه ومناطق أخرى.
وتقول الشرطة إن أميني أُصيبت بوعكة صحية، بينما كانت تنتظر مع أُخريات في مركز شرطة الأخلاق الذي نُقلت إليه، لكن والدها قال إن ابنته لم تكن تعاني مشكلات صحية، وإن الكدمات كانت ظاهرة على قدمها، محملاً الشرطة مسؤولية وفاتها.
وفي المنطقة الكردية، قالت منظمة "هينكاو" إن 13 مدينة شهدت احتجاجات، الاثنين، وجرى اعتقال 250 شخصاً.
وأفادت بأن 3 متظاهرين لقوا حتفهم في 3 مدن مختلفة، بينها مدينة سقز مسقط رأس مهسا، مشيرة إلى إصابة 75 شخصاً.
وذكر مرصد "نتبلوكس" لمراقبة انقطاعات الإنترنت أن "انقطاعاً شبه كامل للاتصال بالإنترنت تم تسجيله في سنندج" عاصمة الإقليم الكردي الاثنين، وربط ذلك بالاحتجاجات.
احتجاجات ضخمة
ووصف موقع "إيران إنترناشيونال" الاحتجاجات بأنها الأكبر على مستوى إيران منذ مظاهرات يناير 2018.
وأوضح الموقع أن ما بدأ باحتجاجات داخل بعض الجامعات، الاثنين، تحول إلى مظاهرات بمشاركة مئات آلاف الإيرانيين، بمن فيهم نساء بلا حجاب، خرجوا في طهران وغيرها من المدن الإيرانية.
وردد المتظاهرون هتافات مناوئة للدولة والمرشد الأعلى علي خامنئي، مثل: "الموت للديكتاتور"، "الموت لخامنئي"، "الموت لمبدأ ولاية الفقيه".
وأظهرت مقاطع فيديو نُشرت على وسائل التواصل الاجتماعي مظاهرات في العديد من المدن، ظهر فيها نساء يلوحن بأغطية رؤوسهن ومتظاهرون يواجهون قوات الأمن.
وأظهر فيديو آخر من طهران سيارات شرطة نوافذها مهشمة بينما تطلق سيارة قريبة لقوات الأمن خراطيم مياه صوب مُحتجين.
"تجمعات مُدربة"
وقال محافظ طهران، في تغريدة على "تويتر"، مساء الاثنين، إن "العناصر الرئيسية لتجمعات الليلة في طهران كانت مُنظمة ومُدربة ومُخطط لها بشكل كامل لإحداث اضطرابات في طهران".
وأضاف: "حرق العلم وسكب الديزل على الطرقات وإلقاء الحجارة ومهاجمة الشرطة وإضرام النار في الدراجات النارية وصناديق القمامة وإتلاف الممتلكات العامة... إلخ.. ليس من عمل الناس العاديين".
وقال التلفزيون الرسمي إنه تم اعتقال عدد من المحتجين، لكنه نفى ما وصفه بأنه "بعض المزاعم على مواقع التواصل الاجتماعي بسقوط ضحايا"، وعرض لقطات لشابين مصابين ينفيان صحة التقارير عن وفاتهما خلال الاحتجاج. لكن اسميهما كانا مختلفين عن الاسمين اللذين نشرتهما منظمة "هنجاو"، وفقاً لـ"رويترز".
وأوردت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية أن الشرطة فرَّقت احتجاجات "محدودة" وقعت في عدد من المدن في سبعة أقاليم.
وأثارت وفاة أميني تنديدات على مستوى البلاد، وأصبح وسم #مهساأميني من بين الأكثر تداولاً على "تويتر" باللغة الفارسية، إذ تم تداوله أكثر من ثلاثة ملايين مرة.
ونفذ أصحاب المتاجر إضراباً في بعض مدن إقليم كردستان، كما طالب مركز تعاون الأحزاب الكردستانية الإيرانية بمعاقبة المسؤولين عن واقعة مهسا أميني، وحل دوريات الإرشاد وإلغاء الحجاب الإلزامي، والإفراج عن الموقوفين خلال الاحتجاجات الأخيرة.
"إهانة مروعة"
وأعربت الأمم المتحدة، الثلاثاء، عن "قلقها" حيال "ردّ قوات الأمن العنيف" على المحتجّين على وفاة الشابة، مطالبة بتحقيق مستقل في ملابسات الحادث.
ودعت المفوّضة السامية لحقوق الإنسان بالإنابة ندى الناشف إلى وجوب "تحقيق سلطة مختصة مستقلة بشكل فوري ومحايد وفاعل في وفاة مهسا أميني المأسوية وفي الاتهامات بالتعذيب وسوء المعاملة، بشكل يضمن خصوصاً حصول عائلتها على العدالة والحقيقة".
بدورها، أفادت الناطقة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شامدساني للصحافيين بأن قوات الأمن الإيرانية ردّت، وفق تقارير، على الاحتجاجات الواسعة التي أشعلتها وفاة أميني بـ"الذخيرة الحية". وقالت إن معلوماتها تفيد بأن خمسة أشخاص بقوا حتفهم في الحملة الأمنية.
وفي واشنطن، طالب متحدث باسم البيت الأبيض بالمحاسبة في واقعة وفاة أميني. وقال متحدث باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض "وفاة مهسا أميني بعد إصابتها بجروح في أثناء احتجازها لدى الشرطة لوضعها حجاباً (وصف بأنه غير لائق) يعد إهانة مروعة وشنيعة لحقوق الإنسان".
"اتهامات جبانة"
وفي طهران، قال قائد شرطة العاصمة حسين رحيمي إنه تم توجيه "اتهامات جبانة" إلى الشرطة الإيرانية، وإن أميني لم تتعرض لأذى جسدي، وإن الشرطة "فعلت كل شيء" لإنقاذ حياتها.
وأضاف رحيمي في بيان نقلته وكالة أنباء فارس: "هذا الحادث مؤسف بالنسبة لنا ونتمنى ألا نشهد مثل هذه الحوادث أبداً".
وعرضت الشرطة تسجيلاً مصوراً يظهر امرأة تم تعريفها باسم أميني وهي تدخل غرفة وتجلس إلى جانب أخريات. وتم تسريع الفيديو لتظهر وهي تقف على قدميها تتحدث إلى شخص خلال معاينة جزء من ملابسها. ثم رفعت المرأة يديها إلى رأسها وسقطت.