تحقق قوة عمل تم تشكيلها من عناصر الدرك والإطفاء وحرس الغابات في فرنسا في أسباب كوارث حرائق الغابات التي اجتاحت البلاد خلال الفترة الماضية.
وسيعمل فريق التحقيق من خلال منهجية الاستدلال الجنائي العلمي، بحثاً عن أصغر الأدلة وشهادات قيمة، بعدما شهدت فرنسا منذ يونيو 3 موجات من الحرّ الشديد، وهي ترزح في الوقت عينه تحت وطأة جفاف غير مسبوق، إذ تجتاحها عدة حرائق أتت على نحو 210 كيلومترات مربعة من الأراضي جنوب غربي البلاد.
وبحسب المكتب الوطني للإحصاءات، فإن 9 حرائق من أصل 10 بشرية المصدر، و3 من كل 10 في المعدل هي متعمّدة.
ويحيط عناصر من قوة العمل الإقليمية للاستقصاء عن أسباب الحرائق وملابساتها "أر سي سي آي" بستراتهم الفاقعة اللون بمنطقة متفحمة طوّقت بشريط أحمر وأصفر، في جنيراك (جنوباً).
ويتقدّمون بخطى بطيئة لمعاينة الأرض المحروقة وينصبون أعلاماً حمراء لتحديد مسار انتشار النيران وأخرى صفراء تدل على مسارها التراجعي.
وتشير رايات بيضاء صغيرة إلى مرور بشر في الموقع، مثل آثار الخطى. وكما الحال في "مسرح جريمة"، يقومون بـ"تمشيط الموقع" و"نصب علامات فيه"، بحثاً عن "أي عنصر من شأنه استجلاء مصدر النيران"، على ما يقول باسكال سبيرانديو من مديرية الدرك في نيم (الجنوب) العضو في هذه الخلية الاستقصائية.
حرائق عرضية أو متعمّدة
يوضح الرئيس المعاون لهذه الوحدة كريستوف بين وهو من منطقة فار في جنوب شرق فرنسا، ويعمل في كل مواقع الحرائق "المجهولة أو المشبوهة المصدر"، إن "دورنا يقضي بكشف الموقع المحدد الذي انطلق منه الحريق".
وقبل وصول الفريق إلى المكان، يتولّى الإطفائيون "تجميد الموقع"، أي إخماد النيران "بتدفقات مائية متشتّتة" لعدم القضاء على أدلة محتملة، بحسب ما يوضح الكولونيل جريجوري أليون رئيس الاتحاد الوطني لعناصر الإسعاف - الإطفاء في فرنسا.
ويتم استدعاء عناصر "أر سي سي آي" فور الإبلاغ عن حريق لتحديد موقع انطلاقه. ويكشف كريستوف بين "نضع رايات على مساحة كبيرة نسبياً تشكّل نقطة الانطلاق قبل أن تنحسر مع تقدّم التحقيق".
وقال موضحاً: "العام الماضي عندما كنا نعمل على حريق جونفارون، بدأنا بـ 2300 متر مربع قبل الانتهاء بأقل من 20 متراً مربعاً".
يبحث العناصر خصوصاً عن بقايا السجائر التي قد تتسبب في حريق عرضي أو آثار وقود تشير من جانبها إلى الفرضية الإجرامية.
وإضافة إلى الأدلة التي يجمعونها من الميدان، يلجأ عناصر التحقيق إلى شهادات سكان المنطقة والمتجوّلين فيها.
قاعدة بيانات
كريستوف بين الذي يرتدي خلال قيامه بمهمته هذه سترة تحمل اسم "أر سي سي آي" إنه "عندما نكشف أننا نُعنى بالطبيعة ومكافحة الحرائق، لا يتوانى الناس عن مقاربتنا أكثر مما إذا كنّا بزيّ الدرك الرسمي".
وبعد حريق اندلع بداية الأسبوع في جاجان جنوباً، أُوقفت ربّة منزل بعدما رآها شهود قرب الموقع.
وفي بون سانت إسبري في المنطقة عينها، أُوقف طفلان أحدهما بعمر 10 سنوات والآخر عمره 12 سنة بناء على شهادات من السكان.
كل سنة، تكتشف وحدة التقصّي في فار عوامل قد تتسبب لاحقاً بحرائق تسجّل كلها في قاعدة بيانات عناصر "أر سي سي آي"، وهم وحدهم مخوّلون النفاذ إليها لعدم "نشر أفكار سيئة".
مثلاً، العديد من الحرائق التي انطلقت من الموقع عينه تدّل على فرضية إجرامية. ويقول كريستوف بين إن "الأشخاص الذين يشعلون النيران في الغابات يميلون إلى القيام بفعلتهم عدة مرات".
ويوضح "وعندما يتبيّن لنا أن النار اندلعت مرات عدّة في الموقع عينه في الوقت عينه، نصنّف الحريق على أنه متعمّد".
وتقدّم خدمة "أر سي سي آي" تقريرها إلى المدّعي العام في الجمهورية الذي يكلّف الدرك أو الشرطة التحقيق مع المشتبه بهم.
اقرأ أيضاً: