سلّم رئيس وزراء إيطاليا المنتهية ولايته ماريو دراجي، الأحد، مهامه رسمياً إلى جورجيا ميلوني، القادمة من أقصى اليمين، لتصبح أول امرأة ترأس الحكومة الإيطالية، وسط توقعات بمهمة صعبة، في ظل تصدعات داخل ائتلافها الحاكم وأوضاع اقتصادية متأزمة بسبب الطاقة والتضخم.
وبعد محادثات مع ميلوني استمرت 90 دقيقة، سلّم دراجي رئيسة الحكومة الجديدة الجرس الذي يستخدمه رئيس مجلس الوزراء لضبط المناقشات خلال اجتماعات الحكومة.
وأعرب الاتحاد الأوروبي، برؤساء هيئاته الكبرى الثلاث رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين، ورئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، ورئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا، السبت عن استعداده "للتعاون" مع حكومة ميلوني.
وشكرت ميلوني القادة الأوروبيين، قائلة إنها "مستعدة ومتحمسة للعمل" معهم.
وعنونت صحيفة "لا ستامبا" الايطالية الأحد "ميلوني، أول ظهور أوروبي"، فيما كتبت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" "ميلوني: إلى العمل، بفخر".
وأدّت ميلوني ووزراؤها الـ24 اليمين الدستورية، صباح السبت، في قصر كويرينالي الرئاسي بروما، أمام الرئيس سيرجيو ماتاريلا، متعهدين بـ"احترام الدستور والقوانين". وعُيّنت 6 نساء فقط في مناصب وزارية، وأوكِلت إليهن وزارات صغيرة.
وحقّقت ميلوني (45 عاماً) فوزاً تاريخياً في الانتخابات التشريعية، 25 سبتمبر الماضي، وتمكنت من تلميع صورة حزبها "فراتيلي ديتاليا" الذي ارتبط بـ"الفاشيين الجدد" واعتلاء السلطة بعد قرن على تولي الديكتاتور الفاشي بينيتو موسوليني الحكم في بلادها، وقد أعربت سابقاً عن إعجابها به.
مهمة صعبة
وتواجه ميلوني مهمة صعبة، إذ تشهد إيطاليا، ثالث اقتصاد في منطقة اليورو، على غرار الدول الأوروبية الأخرى، وضعاً اقتصادياً صعباً بسبب أزمة الطاقة والتضخم، كما سيتعيّن عليها حفظ وحدة ائتلافها الذي يعاني انقسامات.
وتتمتع ميلوني، مع شريكيها في الائتلاف زعيم حزب الرابطة اليميني المتشدد ماتيو سالفيني، ورئيس الوزراء السابق زعيم حزب "فورتسا ايطاليا" سيلفيو برلسكوني، بالأكثرية المطلقة في مجلسي النواب والشيوخ.
وعكست التشكيلة الوزارية الجديدة رغبة ميلوني في طمأنة شركاء روما القلقين من حكم رئيسة الوزراء الأكثر يمينية وتشكيكاً في جدوى الاتحاد الأوروبي داخل إيطاليا منذ عام 1946.
ومن شأن تعيين الرئيس السابق للبرلمان الأوروبي أنطونيو تاجاني في منصب نائب رئيسة الوزراء ووزير الخارجية، وهو عضو في "فورتسا ايطاليا"، أن يطمئن بروكسل، خاصة مع تولي جانكارلو جاورجيتي حقيبة الاقتصاد وهو ممثل الجناح المعتدل في "الرابطة" وقد تولى حقيبة وزارية في حكومة رئيس الوزراء ماريو دراجي المنتهية ولايتها.
ويتوقّع أن تكون مهمة ميلوني صعبة خصوصاً أن ائتلافها يُظهر تصدّعات، حيث يتقبّل كل من سالفيني وبرلوسكوني تولي ميلوني السلطة على مضض بعد أن فاز حزبها بـ26% من الأصوات في الانتخابات، مقابل 8% فقط لـ"فورتسا ايطاليا" و9% للرابطة.
واضطرّت ميلوني المؤيدة للأطلسي ولدعم أوكرانيا في مواجهة روسيا، إلى مواجهة مواقف برلوسكوني المثيرة للجدل هذا الأسبوع إذ أكد "إعادة التواصل" مع بوتين وألقى بالمسؤولية في حرب أوكرانيا على كييف
أصداء إيجابية
وأوضحت ميلوني مسارها، الأربعاء، مؤكدةً أن إيطاليا "جزء لا يتجزأ" و"برأس مرفوع" من أوروبا وحلف شمال الأطلسي.
وهي رسالة لاقت أصداء إيجابية في واشنطن وكييف وحلف شمال الأطلسي "الناتو" الذي وجه أمينه العام ينس ستولتنبرح "تهانيه" إلى ميلوني.
وفي واشنطن، هنأ الرئيس الأميركي جو بايدن، السبت، رئيسة الوزراء مؤكداً أنه "يتطلع" لمواصلة العمل معها فوراً لصالح أوكرانيا.
وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تويتر إنه "يتطلع لمواصلة التعاون المثمر". وأجابته ميلوني "لستم وحدكم! ستقف إيطاليا دائماً إلى جانب الشعب الأوكراني الشجاع الذي يناضل من أجل حريته وسلام شرعي".
وهنأ المستشار الألماني أولاف شولتز ميلوني في رسالة عبر تويتر، قائلاً: "أتطلع إلى مواصلة العمل بكثب مع إيطاليا في الاتحاد الأوروبي، وحلف شمال الأطلسي ومجموعة السبع".
وظلت العاصمتان الأوروبيتان الرئيسيتان الأخريان باريس ومدريد صامتتين. لكن إيمانويل ماكرون الذي يزور روما، الأحد، للقاء البابا فرنسيس ولإلقاء خطاب عن السلام، قد يستفيد من الفرصة لزيارة ميلوني، حتى لو لا يزال إجراء لقاء غير مقرر حتى هذه المرحلة.
اقرأ أيضاً: